في ذكرى انهيار جدار برلين.. سكان شرق ألمانيا يشعرون بالغبن
بعد مرور نحو 3 عقود على انهيار جدار برلين، لا يزال سكان ولايات شرق ألمانيا يرون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية لدى تعامل الدولة الاتحادية معهم، رغم أن تقريرا حكوميا أشار إلى ارتفاع المستوى الاقتصادي للولايات الشرقية.
وأظهر استطلاع رأي أجراه معهد ألماني أن معظم الألمان في شرقي البلاد يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية بعد مرور نحو ثلاثة عقود على انهيار جدار برلين، رغم أنهم يقتربون اقتصاديا من الولايات الغربية.
وبحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد كوربر ونشرت نتائجه أمس الأربعاء 25 سبتمبر، فإن 7 من كل 10 من المشاركين في الاستطلاع يرون أنه لا تزال هناك فوراق بين الولايات الشرقية والغربية في ألمانيا.
وبينما تستعد ألمانيا لعام من الاحتفالات لإحياء ذكرى سقوط الجدار، الذي كان أقوى رمز للحرب الباردة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 ووحدة ألمانيا بعد ذلك بعام، تساعد نتائج التقرير في تفسير زيادة دعم اليمين المتطرف بين الناخبين الشرقيين.
مؤشرات اقتصادية إيجابية
وبحسب التقرير السنوي الحكومي عن حالة الوحدة في برلين، فإن القوة الاقتصادية في ولايات الشرق الألمانية قد ارتفعت من 43 في المائة عام 1990 إلى 75 في المائة مقارنة بالولايات الغربية عام 2018، بحسب ما قال كريستيان هيرته مفوض الحكومة لشئون شرق ألمانيا (من حزب المستشارة ميركل الاتحادي المسيحي الديمقراطي)، في الوقت الذي بدا فيه الحزبان الديمقراطي الاشتراكي واليسار أقل تفاؤلًا.
وأضاف هيرته أن "مؤشرات عديدة تظهر أننا أحرزنا الكثير من التقدم في التقريب بين الظروف المعيشية بالشرق والغرب منذ عام 1990"، مشيرًا إلى أن التوظيف في شرق ألمانيا كان في أعلى مستوياته مرجعًا ذلك إلى نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويشير التقرير الذي اعتمدته الحكومة إلى أن مستوى التوظيف مرتفع في الشرق وتبلغ الأجور 84 في المائة من الأجور في الغرب. كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1،6 في المائة عام 2018 في الشرق، والذي كان أعلى من الزيادة في الغرب 1،4 في المائة، فيما تبلغ المعاشات في الشرق حاليًا 96،5 بالمائة مقارنة بالغرب.
ويتوقع التقرير أنه بحلول عام 2024، سترتفع المعاشات في ولايات الشرق تدريجيًا لتتساوى مع الغرب.
"مواطنون من الدرجة الثانية"
لكن موقف السكان يروي قصة مختلفة، إذ نقل تقرير معهد كوربر أن 57 في المائة من سكان شرق ألمانيا يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
ويرى 38% فقط ممن سئلوا في الشرق أن إعادة الوحدة تكللت بالنجاح، بينهم 20 في المائة فقط تقل أعمارهم عن 40 عاما.
وذكر التقرير أن "عدم الرضا انعكس على نتائج الانتخابات في الشرق والغرب خلال السنوات القليلة الماضية والتي أظهرت اختلافات كبيرة"، وعزا هيرته، الذي أقر بأن عملية التقارب بين الشرق والغرب لم تكتمل بعد، الأمر إلى تراجع عدد السكان إذ غادر مليونا شخص، معظمهم شبان ونساء، المنطقة خلال العقود الثلاثة الماضية ودخل إليها عدد قليل من الشركات العالمية الكبيرة.
ويزداد بعد الناخبون في الشرق عن الحزبين التقليديين، وهما المحافظون الذين تنتمي إليهم المستشارة أنغيلا ميركل والحزب الديمقراطي الاشتراكي شريكها في الائتلاف الحاكم، ويدعمون حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي وحزب اليسار.
تصويت احتجاجي
وفي الانتخابات المحلية التي أجريت في وقت سابق من هذا الشهر، جاء حزب البديل من أجل ألمانيا AfD في المرتبة الثانية في ولايتي ساكسونيا وبراندنبورغ، بنسبة 27 بالمائة و23 بالمائة من الأصوات على الترتيب. فيما تشير الاستطلاعات إلى أن حزب البديل قد يحقق ما نسبته 25 بالمائة في انتخابات ولاية تورينغن والتي من المقرر أن تجرى الشهر المقبل، ليأتي بذلك خلف اليسار، والذي يضم شيوعيين سابقين.
وعلى الصعيد الوطني، فإن حزب البديل والذي استفاد من شعور الناخبين بالاستياء من سياسة الأبواب المفتوحة التي اعتمدتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حيال أزمة المهاجرين، قد حصل على 12،6 من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2017.
وكان اندلاع أعمال عنف، ومنها أعمال الشغب التي قام بها اليمين المتطرف العام الماضي في مدينة كيمنتس - والتي تعد واحدة من أسوأ المصادمات التي وقعت في ألمانيا خلال عقود - قد عزز من صورة شرق ألمانيا المحبط والراديكالي. وقال هيرته إن كراهية الأجانب هو موقف يجب التغلب عليه، في الوقت الذي حذرت فيه الأوساط الاقتصادية من أن هذا الموقف قد يسبب ضررًا لآفاق الاستثمار في المنطقة.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل