رئيس التحرير
عصام كامل

.. وأكره اللي يقول آمين


أمي امرأة مصرية صابرة محتسبة، كغيرها من سيدات مصر الصابرات المحتسبات ما زالت ترجو من الله لي السلامة والصحة والعافية وصلاح الحال، أثناء المرحلة الثانوية، وبينما كنا نكمل عشاءنا نوما وهذه حقيقة يعلمها عنا الكثيرون كنت رافضا استكمال دراستي بسبب ضيق اليد..


ويومها جلست معترضا على استمراري في التعليم، إلا أنها أصرت على استكمال المصير حتى إنها باعت ما تملك من مصاغ للوصول إلى هذا الهدف، حيث كانت تأمل أن ينصلح الحال ويصبح أحد أبنائها ضمن موظفي الحكومة.

أمي لم تكمل تعليمها حيث أخرجها جدي من التعليم ليس لفشلها، ولكن لأنها فتاة فتم منعها وقتها من استكمال التعليم، فحلمت بأن نكمل مسيرتها وليتها ما فعلت، أصرت أمي على استكمال تعليمي، وعندما أنهيت دراستي الثانوية وقررت الالتحاق بكلية خارج المحافظة وقتها رفضت بشدة، وأصرت على استكمال تعليمي داخل المحافظة، ووقفت في طريقي وأثنتني عن رغبتي في الالتحاق بما أحب.

وقفت أمي كثيرا ضد رغباتي ونزواتي، كما وقفت إلى جواري وكنت دائما أجحد ذلك، وعندما كان بعضهم يتحدث في أذني عنها دائما كنت أنصت له وقد تحدثوا عنها بالسوء كثيرا والحق أنني استمعت لهم إلا أن صورتها لم تفارقني.. وعندما كبرت وبدأ أبنائي يكبرون حولي بدأت أشعر بهم وبخطواتهم، وكلما تعرضت لمشكلة أذكر أمي وماذا كانت ستفعل؟

أمي حنونة طيبة جسورة مع أولادها وعليهم، وفي نفس الوقت قاسية ومفترية ومؤذية لمصلحتهم، تعاتب حين يحتاج الأمر للعتاب، وتضرب حين تغضب لكنها أبدا لم ولا ترضى لنا الأذى ولا الأذية. أمي ما زالت تعاملنا معاملة الأطفال، ومهما ابتعدنا عنها فإنها دائما حضن الأمان ومرفأ الأمن والسكينة، ورغم همومنا ومشاكلنا ومعرفتها بها إلا أنها دائما ما تطلب منا المزيد ليس من أجلها، ولكن من أجلنا فهي دائما ما تقول إنها زائلة لكن أبناءها باقون.

أمي ما زالت- متعها الله بالصحة والعافية- تحنو علينا رغم ابتعادنا عنها وانشغالنا بمشاكلنا، ومع ذلك فإنها ما زالت تتواصل معنا وتسأل عن أحوالنا مثل سائر الأمهات قد تقسو أحيانا لكنها دائما ما تحن على صغارها مهما كبروا.

أمي ليست فقط هي من حملتني في بطنها تسعة أشهر وهذا وحده شرف، وليست فقط من سهرت على حين مرضت، وليست فقط من ذهبت بي إلى العيادات الطبية للعلاج، وليست فقط من حملت همي أمي هي كل أم سهرت وكافحت وناضلت وما زالت تناضل من أجل أبنائها، أمي هي الوطن، هي العرض، هي الأهل هي الأصدقاء، أمي هي كل هؤلاء، قد تؤذيك لكنها دائما ترجو لك السلامة.
الجريدة الرسمية