الشيخ أحمد تركي يكتب: السلف الصالح والحفاظ على الوقت
وكان السلف الصالح أحرص ما يكونون على الوقت: فهاهو أبو مسلم الخولاني يقول: "لو رأيت الجنة عيانًا ما كان عندي مستزاد، ولو رأيت النار عيانًا ما كان عندي مستزاد" (صفة الصفوة).
وقال رجل لعامر بن قيس: "قف أكلمك، قال: فأمسك الشمس"، وكان داود الطائي يستف الفتيت ويقول: "بين سف الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية".
وقال أبو بكر بن عياش: "ختمت القرآن في هذه الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة"، وكان عمير بن هانئ يسبح كل يوم مائة ألف تسبيحة.. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن قال سبحان الله العظيم وبحمده؛ غُرست له نخلة في الجنة".. (رواه الترمذي من حديث جابر) فكم ضيَّعنا من نخيل؟
وصدق القائل حيث قال: إذا مر بي يوم ولم أقتبس هدى.... ولم أستفد علمًا فما ذاك من عمري
شباب اليوم
أما شباب اليوم فقد ماتت فيه الهمم، وخارت العزائم، وأصبح هناك دعة وراحة وتكاسل، تمر الساعات والأيام ولا يحسب لها حساب..
ينادى أحدهم على صاحبه قائلًا: "تعال لنضيع الوقت"! فتضييع الأوقات بمشاهدة المباريات، أو الجلوس في الطرقات، أو المحادثة على الشات، وتضيع الساعات على النت أو الفضائيات، وهذا كله دليل على مقت الله للعبد، كما قيل: من علامة المقت إضاعة الوقت.
فالمؤمن ليس عنده وقت فراغ، قال تعالى لنبيه، صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح:8] فَإِذَا فَرَغْتَ من شغلك ومن الناس ومن شواغل الحياة، فتوجه إلى الله تعالى بالطاعة والعبادة.
يقول الشافعي رحمه الله: "صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين، سمعتهم يقولون: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، "ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل".
قال ابن القيم كما في "مدارج السالكين" مُعلقًا على كلام الشافعي: "يا لهما من كلمتين ما أنفعهما وأجمعهما، وأدلهما على علو همة قائلها ويقظته".
فمن جهل الشباب بقيمة الوقت يفرحون بمغيب شمس كل يومٍ، وهم لا يدركون أن هذا نهاية يوم من أعمارهم لن يعود أبدًا إليهم،
صحائف طويت، وأعمال أحصيت، وأنفاس انقضت!!