رئيس التحرير
عصام كامل

نقيب المستثمرين الصناعيين: ننفق 40 ألفا لتدريب العامل ونفاجأ باتجاهه للمصنع الذي يدفع أكثر

محمد جنيدي، نقيب
محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين

  • الضريبة العقارية على المصانع أحد أهم مشاكلنا
  • لا بد من إلغاء حبس رجال الأعمال بسبب قضايا تافهة
  • مطلوب وضع حل لتأخر الحوافز التصديرية التي تتأخر لعدة سنوات
  • أطالب بتضافر الجهود لإعادة تشغيل نحو 8 آلاف مصنع متعثر
  • هروب العمالة المدربة للمصانع المنافسة يكلفنا خسائر فادحة
  • يجب فتح باب الشراكة بين الشركات والمؤسسات لتشغيل المصانع
  • لا توجد إحصائية حقيقية لمشكلات المناطق الصناعية


«المصانع المتعثرة».. واحد من الملفات المهمة التي لا يجب التغافل عنها عند الحديث عن دعم الصناعة المصرية، لا سيما وأن أصوات كثيرة تطالب منذ سنوات طويلة بالبحث عن جذور أزمات هذه المصانع والعمل – بأقصى سرعة ممكنة- على إيجاد حلول مناسبة وواقعية لها، ووفقا لوزارة الصناعة، فإنه تم إجراء مسح شامل للمصانع المتعثرة أو المتوقفة عن الإنتاج، وبلغت نحو 871 مصنعا، تم دراسة كل حالة على حدة.

وتم تحديد 135 مصنعا قابلة للعودة إلى الإنتاج مرة أخرى وتم بالفعل حل مشكلات 66 مصنعا وبدأت العمل بالفعل، وتبقى 72 شركة تقوم شركة "مصر لرأس المال المخاطر" – التي تتولى هذا الملف حاليا -بدراسة تمويلها وإعادتها للتشغيل مرة أخرى، وتولت وزارة الصناعة إدارة ملف المصانع المتعثرة من خلال مركز تحديث الصناعة لفترة، حتى قررت الحكومة إنشاء صندوق مخاطر برأسمال 150 مليون جنيه، ليكون الصندوق هو الجهة الوحيدة المسئولة عن الملف، ويتولى دراسة موقف كل شركة متعثرة، ويتحدد دور الشركة في استعادة تشغيل الشركات المتعثرة لأنشطتها الصناعية من خلال توفير آليات تمويلية قصيرة المدى، وتفعيل قنوات التواصل بين الشركات المتعثرة ومركز تحديث الصناعة للحصول على الدعم الفنى لها، ويعتبر مشروع «إقالة المشروعات الصناعية المتعثرة من عثراتها» أحد المشروعات بمحور التنمية الصناعية، كأحد المحاور التي تستهدفها وزارة الصناعة والتجارة في إستراتيجيتها للصناعة والتجارة ٢٠١٦/ ٢٠٢٠.

وحول أزمات ومقترحات حل مشكلة المصانع المتعثرة حاورت "فيتو" محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين، الذي تحدث عن تفاصيل الأزمات التي يعاني منها غالبية رجال الأعمال، وكذا المشكلات المزمنة في المناطق الصناعية كالإجراءات الروتينية للإدارات المحلية، ونقص المرافق والخدمات والتمويل البنكى، ونقص الأيدى العاملة المدربة.

«جنيدي» أكد أيضا استمرار الضريبة العقارية على المصانع أحد أهم المعوقات التي يواجهها المستثمرون في مصر، مشيرًا إلى أنه تحدث مع المسئولين عن هذه الأزمة مرارا وتكرارا لكن دون جدوى، كما حدد عدة مطالب يجب أن تلتزم بها الحكومة لحل جذرى لمشكلات عالقة لم تحلها الحكومات المتلاحقة على مدار عقود.. وإلى تفاصيل الحوار:

= بداية.. ما أبرز المشكلات التي تواجه رجال الأعمال والمناطق الصناعية؟
تحدثنا مرارا وتكرارا، وخاطبنا باعتبارنا نقابة المستثمرين الصناعيين جميع الجهات المنوط بها والمسئولة عن الصناعة في مصر لتحسين وضع المناطق الصناعية إلا أننا مازلنا نعانى من عدم وجود إحصائية حقيقية لحصر المناطق الصناعية، كما أن مشكلات المناطق الصناعية تتمثل في أنها بعيدة عن الأسواق المستهدفة، كما تعانى من الإجراءات الروتينية للإدارات المحلية، وكذلك من نقص المرافق والخدمات والتمويل البنكى، ونقص الأيدى العاملة المدربة، وهو ما يجبر صاحب العمل على عدم دفع نسبة الـ 14 % للتأمين على العمالة والمقررة قانونا، كما أنه قد ينفق ما يعادل 20-40 ألف جنيه لتدريب العامل، ويفاجئ باتجاه العامل إلى المصنع الذي يدفع مرتبا أكثر بعد أن يكتسب الخبرة الفنية، وهى مشكلة كبيرة نعانى منها، ولا نجد لها حلا، في ظل قصور القانون على حماية المستثمر كما يسعى لحماية الطرف الأضعف وهو العامل، وأريد أن أشير هنا إلى أن استمرار الضريبة العقارية على المصانع، أحد أهم المعوقات التي يواجهها المستثمرون في مصر، وسبق وأن تحدثنا مع المسئولين عن هذه الأزمة مرارا وتكرارا لكن دون جدوى.

= وماذا عن المشكلات التي لا تزال تعيق أعمال المستثمرين ورجال الأعمال في المناطق الصناعية؟
ما زال رجال الأعمال ومستثمرو المناطق الصناعية يواجهون العديد من المشكلات المزمنة، التي تتخطى مدتها 10 سنوات دون حل حقيقى من جانب وزراء المجموعة الاقتصادية، أهمها نقص الحوافز الاستثمارية للمستثمرين، إلى جانب غياب الإعفاءات الضريبية، خاصة أذا ما أشرنا إلى أن الإعفاء الضريبى البالغ 10 سنوات، والذي تم تطبيقه على المنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر، وساهم في جذب الكثير من الاستثمارات، وهو ما لا يتوافر مع المناطق الصناعية الأخرى التي فرض عليها الإعفاء الضريبى لمدة 7 سنوات فقط، كما أن المستثمر يعانى من علاقته الاحتكارية من بعض موظفى الدولة الذين لا يراعون ولا يعتبرون للقوانين التي تجعل للمستثمر أولوية في بعض الإجراءات لحماية الاقتصاد الوطنى.

كما أريد أيضا الإشارة إلى أنه من ضمن المشكلات التي تواجه المستثمرين بسبب الموظفين الحكوميين (البيروقراطية) إلى مشكلات الحجز الإدارى، ولذلك لا بد من تدخل الهيئة العامة للاستثمار ووزارة الاستثمار بشكل أكثر فاعلية لمنظومة الشباك الواحد، والقضاء على بيروقراطية المحليات، التي تصل إلى التعنت في بعض الأوقات، لذلك يجب أن تقوم الهيئة العامة للاستثمار بدور أكثر فاعلية لمواجهة وحل مشكلات المستثمرين خاصة في المناطق الصناعية بالمحافظات، وارى أن معيار نجاح الحكومة بتعافى مناخ الاستثمار على أرض الواقع ويتمثل في إقبال مستثمرين جدد من كافة الجنسيات إلى السوق المحلية.

= وسط هذه المشكلات المزمنة.. كيف ترى صورة الاستثمار في مصر من وجهة نظر المستثمر الأجنبي؟
إذا نظرنا إلى حجم الإستثمارات الأجنبية بالمناطق الصناعية، سنجد أنها لا تتعدى 10%، وهذه النسبة دليل على أن هناك مشكلة في عرض مزايا الاستثمار في مصر خارجيا، لذلك لا بد أن يراعى المسئولون المصريون تلك المشكلة من خلال الملحقين التجاريين الذين يجب عليهم بذل مجهود أكبر لنقل صورة مناخ الاستثمار في مصر بشكل حقيقى للخارج خاصة مع وجود تشريعات جديدة، وأريد توضيح أن كل منطقة صناعية لها مزايا نوعية قد تختلف عن المناطق الأخرى، لكن وبكل أسف لا يتم استغلال الميزة النسبية للمناطق الصناعية بالمحافظات في إقامة المشروعات الصناعية التي تتناسب مع طبيعتها، كما أن الخريطة الاستثمارية التي حددتها الدولة غير ملزمة، وتترك للمستثمر حرية اختيار المشروع وفقا لآليات السوق، وسبق لى أن طالبت المجلس الأعلى للاستثمار بوضع إستراتيجية طويلة الأمد لضمان استغلال الميزة النسبية لكل محافظة، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد بكل منطقة، وإلزام السلطات المتعاقبة بتنفيذها، وحتى الآن لا أعلم مصير المقترح، ورغم ما سبق أريد الإشادة بخريطة الاستثمار الصناعى التي أصدرتها وزارة التجارة والصناعة، إضافة إلى خريطة مصر الاستثمارية الشاملة التي أصدرتها وزارة الاستثمار والتعاون الدولى، فهما محطتان أساسيتان نحو تنمية مستدامة، فالخريطة الاستثمارية من أهم الإنجازات التي تحسب للحكومة، نظرًا لأهميتها في جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة وزيادة معدلات التصنيع والإنتاج والتصدير وزيادة العائد على الاستثمار والنقد الأجنبى الذي تحتاجه الدولة المصرية في فترة تأسيس البنية التحية والنهضة الصناعية.

= وفق هذه الإشادة.. كيف يستفيد المستثمر في مصر من إطلاق خريطة مصر الاستثمارية؟
إطلاق خريطة مصر الاستثمارية الشاملة إلى جانب الإصلاحات التشريعية لقوانين الاستثمار تعد نقلة نوعية، وبداية نتمنى أن تكون بداية لتنفيذ خطة الدولة لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتقليل فاتورة الاستيراد، وزيادة معدلات الإنتاج والتصنيع المحلي، كما أن القرارات التي اتخذتها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى ستساهم في رفع معدلات النمو الصناعى إلى 8% بحلول 2020، وأريد أن أشيد بالإصلاحات التشريعية المتعلقة بقوانين التراخيص الصناعية والاستثمار والإفلاس، التي ستؤدى تدريجيًا إلى رفع معدل نمو الصناعى إلى 8%، وتوفير 3 ملايين فرصة عمل، وهو ما تستهدفه الحكومة في خططها التنموية، والرئيس السيسي أولى التنمية الصناعية في محافظات الصعيد والأقاليم اهتمامًا خاصًا للقضاء على البطالة والفقر، ونتمنى أن تنفذ الحكومة خطة الرئيس للتنمية بكل جدية لكى يعم الازدهار ربوع الدولة المصرية وبخاصة مناطق الصعيد التي عانت على مدار عقود من الإهمال وغياب الرؤية التنموية.

= ما رؤيتك كنقيب للمستثمرين الصناعيين في مصر لحل المشكلات المزمنة للاستثمار؟
هناك عدة مطالب أتمنى أن تراعيها الحكومة المصرية، أولا لا بد من إلغاء الحبس لرجال الأعمال بسبب قضايا قد تكون تافهة للغاية، لأنها تسئ لسمعة مناخ الاستثمار في مصر وتسئ لمصر خارجيا، خاصة إذا ما وجدنا أنه قد يتم القبض على بعض رجال الأعمال لتنفيذ غرامة بقيمة 200 جنيه، أو قطع شجرة في الطريق العام، ثانيا لا بد من وضع حل لتأخر الحوافز التصديرية التي تتاخر لعدة سنوات وفى النهاية تصبح قيمتها لا شيء خاصة بعد التعويم وانخفاض القيمة والقوة الشرائية للجنيه المصرى أمام معظم العملات الأخرى، ثالثا أطالب بتضافر الجهود لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة والتي تجاوزت أعدادها 8 آلاف مصنع منذ ثورة 25 يناير 2011، ولا بد من فتح باب الشراكة بين الشركات والمؤسسات لتشغيل المصانع، بالتعاون مع البنوك الوطنية لتمويل المشروعات القائمة وتحتاج إلى تمويل، وهو ما سينعش الاقتصاد المصرى، ويعيد تشغيل الأيدى العاملة التي تم تسريحها أثناء تلك الأزمات.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية