رئيس التحرير
عصام كامل

انتبهوا: مغزى التوقيت


بادرنى ابنى الشاب بسؤال لم أجد إجابة فورية عليه، لكنه جعلنى أشعر بالتقصير المهنى حين لم أسأل ولم يسأل غيرى: لماذا الآن كل هذا الفوران؟ فوران ممنهج متدرج متصاعد، مع ظهور متتال للأمساخ والأوباش، ينزون سخاما وقطرانا، ينالون به، من بنية المجتمع، يطمعون في هز مركز الثقة بين الشعب وقيادته!


نعم لماذا؟

توقيت الهجمات الإرهابية له نموذج. النماذج تفيد في لعبة الاحتمالات والتوقعات. تفيد في التنبؤ بالمسارات والخطوات التاليات..

نماذج الهجمات على الكمائن وعلى المنشآت كان يرتبط بشكل متكرر بالمناسبات الوطنية، والأعياد الدينية. مؤامرة ٢٥ يناير ذاتها تم تحديد توقيتها ليرتبط اندلاع الفوضى المطلوبة بيوم من أيام مجد وفخر الشرطة المصرية. ولأن المخطط كان هدفه الأولى كسر هيبة الدولة فإن حرق الأقسام والاعتداء على الضباط وإهانتهم وإجبارهم على خلع ملابسهم الرسمية، كانت من الوقائع المحزنة، والتي لم تبد دلالتها وقتها كما نراها الآن.

وكانت لهم وستكون لهم هجمات في احتفالات النصر يوم السادس من أكتوبر، وكانت لهم وستكون لهم خيانات وهجمات في مناسبات سياسية احتفالية.

يريدون تخويف الناس وتكدير حياتهم وخلق انطباع ذهنى بأن الإرهاب أعلى حضورا من المناسبة الوطنية. أما الأعياد الدينية، فتفجيراتهم هدفها إشاعة البؤس والحزن والكآبة، والعبوس، تماما كما يريدون حين تفرح مصر بإنجاز عمرانى وميدانى في أي مجال، صحى أو تعليمي أو إسكانى أو طرق أو بناء مساكن آدمية بدلا من العشوائيات.

وفى الأسبوعين الأخيرين، يمكن ملاحظة أن الشرطة أخذت بزمام المبادرة، ومعها الجيش، في تلازم وتنسيق، فهاجمت أوكار الإرهاب والخيانة وقضت عليهم قبل أن يشنوا هجمات الفجر الخسيسة.

يمكن أيضا ملاحظة أن الهجمات على الأكمنة هدأت، لكن حملت الأجواء نذرا عطنة الرائحة، وفجأة خرجت فيديوهات السفالة والإسفاف والتشكيك.

وتوالى خروج الجرذان.. وسوف تبدو الملهاة كاملة بخروج الذئب القطبى البرادعى.. وقته لم يحن بعد! إذن لا يمكن أن يكون ذلك كله عشوائيا، ولا بد أن الأجهزة المعنية تدرك ذلك وتعمل عليه، بحثا وتحليلا ونتائج.

المواطن، الهدف الأخير لكل حملات الخيانة والتشكيك، يحتاج من المعنيين، رسميين وإعلاميين ممن لهم مصداقيتهم واحترامهم، ولن تجدوا كثيرا، إلى من يضع الصورة كاملة أمامه وبالأخص يفهمه سر التوقيت. لماذا الآن؟

نحن في سبتمبر، والحملة منذ نهاية أغسطس. وأكتوبر بعد عشرة تسعة أيام. لكن كم من أغسطس. وسبتمبر وأكتوبر مرت كغيرها؟
ما خصوصية التوقيت الذي استدعى خروج "حمدين صباحى" ليعلن أنه سيواصل حالة الوفاة، ولن يغادر لفائف أكفانه؟

وهل هناك من يتابع ويحلل الحالة الكاملة لفيديوهات وائل غنيم، الشكل واللسان والحركة والتعرى والسباب للإخوان؟ دخل حالة عدمية متضاربة المنطق. قابلها المقاول بحالة مماثلة، ورد عليها الأراجوز باسم يوسف بظهور عريان هو الآخر! كلهم يخلعون هدومهم لنا!

عراة ؟ ليسوا عراة الجسد فحسب.. بل عراة من الدين والوطن والاخلاق. ما زال السؤال يلح: لماذا الآن؟ والمحزن أن أسال: لماذا تكرهون بلدكم؟ وطنكم؟ امكم؟ شخصيا احترت.. ليست لدى معلومات... لكن المشهد تتوالى احداثه.. وعين الله تحرس، وعين الدولة لا تنام.

الجريدة الرسمية