رئيس التحرير
عصام كامل

وجهة نظر: الانتخابات الإسرائيلية.. ومصير حل الدولتين

فيتو

الانتخابات الإسرائيلية المبكرة سوف لن تقرر مصير بنيامين نتنياهو في البقاء في منصب رئيس الوزراء فحسب، بل ستكشف ربما عما إذا كان حل الدولتين ما زال يشكل رؤية مستقبلية للإسرائيليين والفلسطينيين، حسب وجهة نظر راينر زوليش.

بنيامين نتنياهو في مأزق. فهو يحكم إسرائيل لمدة 13 عامًا. وغدا الثلاثاء المقبل (17 سبتمبر 2019)، يطمح إلى إعادة انتخابه. لكن الأمور لا تسير كما يتصور "بيبي". رغم أن نتنياهو يروج منذ أشهر بلا كلل ولا ملل وبنجاح ويثير المخاوف من مخاطر إيران العدائية على أمن إسرائيل، حيث تمكن من تسجيل نقاط في السياسة الداخلية وحتى في التعامل مع بعض الأنظمة العربية في منطقة الخليج. والأهم من ذلك، في موقفه الصارم والمناهض لإيران، كان باستطاعته الاعتماد بشكل واضح على دعم الولايات المتحدة الأمريكية، القوة العظمى الحليفة، كما كان الحال في مسألة ضم مرتفعات الجولان السورية والاعتراف الأحادي بالقدس كعاصمة إسرائيلية "غير مقسمة".

ما مدى التوافق بين نتنياهو وترامب؟
غير أن حليفه الأهم، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يحمل معه دائمًا المفاجآت. والآن ترامب ـ كما حدث مع كوريا الشمالية ـ لا يستبعد حدوث لقاء شخصي مع رئيس إيران. ولو حصل هذا بالفعل، قد يُشعر نتنياهو وكأن الرئيس الأمريكي يخونه. وما قد يزيد من ارتباك نتنياهو الآن هو مغادرة سياسيين اثنين متشددين من أصدقائه الحكومة الأمريكية وهما مستشار الأمن المتشدد جون بولتون والمفاوض في الشرق الأوسط جيسون جرينبلات. كما قد تؤثر التقارير الإعلامية الأخيرة بشأن التجسس الإسرائيلي في واشنطن على العلاقة بين نتنياهو وترامب.

لكن مأزق نتنياهو الأكبر شخصي الطابع، إذ تنبأت استطلاعات الرأي بمنافسة حادة له مع رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، بيني جانتس. إذا سارت الأمور بشكل سيئ بالنسبة له، فقد يخسر نتنياهو الانتخابات. وقد يكون لخسارته نتيجة شخصية خطيرة عليه، إذ تهدد رئيس الوزراء ثلاث تهم بالفساد. ومن دون وجوده في منصب رئيس الوزراء يفقد حصانته القانونية وتتضاءل فرصه في حماية نفسه من الملاحقة الجنائية.

وعد انتخابي خطير
وهذا أيضًا من أحد الأسباب وراء شراسة حملة نتنياهو من أجل إعادة انتخابه. ولهذا السبب يصعد من لهجته تجاه الميليشيات المعادية لإسرائيل مثل حزب الله وحماس. ولهذا السبب أيضًا، وعد في حالة فوزه بالانتخابات، بضم "فوري" لغور الأردن، الذي يعيش به إلى جانب 60 ألف فلسطيني، 5 آلاف مستوطن إسرائيلي.

يرى كثير من المراقبين في إسرائيل، وكذلك في ألمانيا أن هذا الضم المعلن لغور الأردن من قبل نتنياهو هو مناورة انتخابية. هم بهذا على حق! بالتأكيد الأمر ليس كذلك على الإطلاق. حملة نتنياهو تثير جدلًا حاميًا الآن في إسرائيل - خصومه الرئيسيون سيدعمون هذا المشروع لأسباب أمنية. لكنهم يشككون في أن يكون نتنياهو جادًا في وعده وأنه يستطيع فرض ضم غور الأردن. ما يضع مصداقية نتنياهو على المحك أيضًا. ففي حالة إعادة انتخابه، هل يمكن لنتنياهو تجاهل وعده الانتخابي هذا؟

هذا الوعد يمكن أن ينفذه فقط بدعم من الرئيس الأمريكي، الذي يبقي موقفه محتشمًا. منذ شهور تحوم الكثير من التخمينات حول الرؤى والإجراءات التي تحملها خطة الشرق الأوسط التي أعلنت عنها حكومة ترامب والتي لم يتم نشرها بعد. فهل سيكشف عنها بعد الانتخابات الإسرائيلية، كما سبق وأن أعلن؟ وهل من ضمنها ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية؟

تأثيرات سلبية على كلا الجانبين
وإذا تحقق ذلك، فسيكون أمرا خطيرًا للغاية! وبسبب بناء المستوطنات الإسرائيلية والصراعات الفلسطينية الداخلية والعنف المتبادل وانعدام الإرادة من جميع الأطراف، يبدو حل الدولتين أقل واقعية. عمليات الضم الإضافية تجعل من إنشاء دولة فلسطين مهمة مستحيلة تقريبًا. وقد تجر معها المزيد من العنف إلى المنطقة.

كما أن هناك مشكلة أخرى لإسرائيل: كلما زاد عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، أصبح من الصعب الحفاظ على طابع دولة يهودية وديمقراطية في آن واحد. وإذا بقي الفلسطينيون محرومون من الحقوق التي يعتبرها المواطنون الإسرائيليون أمرًا بديهيا، فقد تكتسب التهم الشعوبية التي تفيد بأن إسرائيل "دولة عنصرية" المزيد من الشعبية. وتعيد التقارب الحاصل خلف الكواليس مع دول عربية مختلفة إلى نقطة البداية.

في الوقت نفسه، فإن المقارنة مع جنوب أفريقيا غير دقيقة على الأقل تاريخيًا، وتُفقد إسرائيل مصداقيتها. ولا يمكن أن يكون من مصلحة إسرائيل الأمنية تذكية هذه التهمة ضدها مباشرة بعد الانتخابات.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية