تفاصيل اليوم لأول لمؤتمر "الشئون الإسلامية".. وزير الأوقاف: الأمم لا تبنى إلا العلم والعمل الجاد.. السعودية: السيسي مجاهد دافع عن بلاده.. الإمارات: مصر قدوة للدولة المدنية الحديثة
انطلقت اليوم، فعاليات المؤتمر الثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية تحت عنوان "فقه بناء الدول - دراسة في فئة عصرية" والذي تقيمه وزارة الأوقاف في الانعقاد الثلاثين لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بحضور 500 شخصية منهم 150 مفتيا ووزيرا وعالما من دول العالم.
وأكد وزير الأوقاف خلال كلمته في افتتاح المؤتمر، أن قوةَ الدولة قوةٌ لجميع أبنائها قوةٌ للدين وقوةٌ للوطن وقوةٌ للأمة ، وقد قالوا : "رجل فقير في دولة غنية قوية خير من رجل غني في دولة فقيرة ضعيفة، لأن الأول له دولة تحمله وتحميه في الداخل والخارج ، والآخر لا ظهر له".
وقال وزير الأوقاف: "ومن ثمة كان بناء الدولة وتقويةُ مؤسساتها مطلبا شرعيا ووطنيا وحياتيا لجميع أبنائها ، وبقدر إيمان كل منهم بحق الوطن ، وقوة انتمائه إليه ، وعطائه له ، واستعداده للتضحية في سبيله ، تكون قوةُ الوطن ، وبقدر اختلال هذا الانتماء أو ضعف ذلك العطاء ، والنكوص عن التضحية بالنفس أو بالمال في سبيل الوطن ، يكون ضعف الدول أو سقوطها أو تمزقها".
وأشار وزير الأوقاف إلى أن مسألة بناء الدول ليست أمرًا سهلًا أو هينًا ، إنما هي عملية شاقة شديدة التعقيد، تحتاج إلى خبرات تراكمية كبيرة ، وإرادة صلبة ، وعمل دءوب ، ورؤية ثاقبةٍ في مختلف المجالات والاتجاهات التي تعزز قوة الدولة وتحافظ على أمنها واستقرارها ، مع القدرة على قراءة الواقع وفهم تحدياته وفك شفراته وحل طلاسمه، والتعامل معه على أسس علمية ومنطقية في ضوء تلكم الخبرات المتراكمة.
وأكد الوزير أن الأمم والدول لا تبنى بغير العلم والعمل الجاد ، والجهد والعرق، فالأمم التي لا تنتج مقوماتها الأساسية، وتكون عالة على غيرها لا تملك كلمتها ولا استقلال قرارها.
وأوضح أن جانب العلم والعمل لا بد من الولاء والانتماء للوطن، وإيثار مصالحه العامة على المصالح الخاصة والشخصية، وإدراك أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن كل ما ينال من قوة الدولة أو كيانها يتنافى مع كل الأديان والقيم الوطنية والإنسانية، فالتضحية في سبيل الوطن والشهادة في سبيله من أعلى درجات الشهادة في سبيل الله (عز وجل) مضيفا أنه لا بقاء لأمة أو حضارة بلا قيم ولا أخلاق ، فالأمم التي لا تقوم ولا تبنى على القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأسس قيامها، ومصيرها إلى الزوال والاندثار.
وتابع الوزير: "علينا أن نفرق بوضوح بين فقه الدول، والوعي بالتحديات التي تواجهها، وسبل الحفاظ عليها، ومشروعية الدفاع عنها، وبين نفعية الجماعات المتطرفة التي تعمل على إضعاف الدول، قصد الإيقاع بنظامها وإحلال الجماعة محله، حتى لو أدى ذلك إلى إسقاط الدولة أو محوها من خارطة العالم، بتفكيكها إلى كيانات صغيرة لا تنفع ولا تضر، أو حتى بشطبها نهائيًّا من عالم الوجود كدولة، بتمزيق أوصالها وتذويبها في أمم أخرى أو ثقافات أخرى، فهذه الجماعات لا تقوم إلا على أنقاض الدول، ومصلحة الجماعة عندهم فوق مصلحة الدولة ، ومصلحة التنظيم فوق مصلحة الأمة ، بل فوق كل المصالح المعتبرة".
وقال: "باستقراء التاريخ نجد أنه لم تسقط دولة من الدول إلا كانت الخيانة والعمالة أحد أهم أسباب سقوطها وتشرذمها ، مما يقتضي التنبه لخطورة الخونة، والعملاء، والمأجورين، ويتطلب أن يكون صوت الدولة عاليًا وقويا، وسيفها مصلتا على رقاب كل الخونة والعملاء، ومن يدعمهم، أو يأويهم، أو يتستر عليهم، لأنهم خطر داهم على الدين والدولة".
وقال الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية بدولة الإمارات إن مصر لا تزال قدوة للدولة المدنية الحديثة، مؤكدا أن فقه الدولة تعرض للتحريف من قبل بعض الجماعات المتطرفة التي قسمت العالم إلى دار حرب وكفر ودار إسلام، وصنعت التنمر الديني، واستدعت من التاريخ استعباد الإنسان للإنسان، مطالبا بإعداد إنتاج الفقه الإسلامي الحضاري، وترسيخ فقه المواطنة.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد اللطيف دريان، مفتي لبنان: "فقه بناء الدولة هو موضوع شديد الأهمية، معني بذلك الدولة العربية والإسلامية، فكيف نستطيع نحن أهل العلم والدين الإسهام في بناء دولة النمو والنهوض والاستقرار والإدارة الرشيدة، فليس هناك انفصال بين الدين والدولة ومهمتنا الدينية تقضي دعم الأمن والأمان والاستقرار".
وأضاف خلال كلمته بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، فقه بناء الدول.. رؤية فقهية معاصرة، أنه تأتي مسئولينات في البناء السياسي للدول مثل البناء الديني، فضلا عن مسئوليتنا في التعليم والفتوى وفهي شئون مسائل تثير القلق وتحتاج إلى العلم والخبرة.
وتابع مفتي لبنان: "الآن على عاتقنا مسؤوليات عديدة لاستعادة الزمام لبناء الدولة الوطنية بجهودنا، فالدولة هي التي تحرص الدين وتنظم علاقتنا بالعالم والمجتمع الدولي ولذلك علينا الاهتمام بأبنائها أولا".
ووجه الدكتور محمد الكعبي رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية بدولة اﻻمارات الشكر لمصر على فتح ملف فقه بناء الدول، مشيرا إلى أن سياسية الدنيا تشمل الاجتهادات المتجددة والتي تخضع لتغيرات الزمان والمكان لتحقيق المقاصد الإنسانية الكبري في حفظ الوطن والنسل والدين.
وأضاف في كلمته بالمؤتمر الدولي الـ٣٠ للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن فقه بناء الدول تعرض لتشويه من قبل جماعات منحرفة صنعت التشدد والتطرّف باسم الدين ومارست ابشع الجرائم الإرهابية وتبنت تفسيرات مغلوطة للقران والسنة فقسمت العالم لدار إسلام وكفر وأطلقت شعارات الحاكمية والولاء والبراء ونشرت التطرّف والتمرد الديني في المجتمعات وكفرت وقتلت مع من يختلف معها ونشرت الخوف والرعب ضمن إستراتيجية التوحش وأحيت الرق وسبي النساء وتدمير الدول الوطنية واختطاف الأطفال وتجنيدهم وإشراك مرتزقة العالم في التدمير.
أوضح الكعبي أن فقه بناء الدولة يظهر في تجربة اﻻمارات حيث قام الشيخ زايد مع إخوانه الحمام ببناء دولة عصرية حديثة قوية الأركان تسخر إمكانياتها لبناء الإنسان وتستند في دستورها على فهم حقيقي للدين قائم على احترام الإنسان فدولة اﻻمارات تتبني سياسة التعارف الإنساني كما قال الله: "لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم" فلا تمييز في العلاقات الإنسانية على أساس الدين أو العرق أو اللون أو دكر أو أنثي فالفقه القرآني لبناء الدول قائم على قوله تعالي "لا إكراه في الدين" وذلك من هلال احترام المقدسات والشعائر الديني فحققت مجتمعنا بالإمارات العدل والرخاء ووصلت للتنافسية وإقامة علاقتها الدولية على الاحترام المتبادل وصنعت لشعبها سمعة دولية.
وطالب الكعبي بإعداد دراسات لإنتاج الفقه الإسلامي الحضاري وتصحيح التشوهات التي ألحقت به نتيجة طرق التفكير المتطرفة والممارسات الخاصة بالإسلام السياسي، مضيفا: "يجب مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها البشرية والانتقال لمنطقة التضامن الإنساني وإسدال الستار عن مفهوم دار الإسلام ودار الكفر فأصبح الإسلام موجود في كل بقاع الدنيا فلا توجد بقعة جغرافية تمنع المسلم من ممارسة شعائره الدينية كذلك يجب العمل على ترسيخ فقه المواطنة التي أرساها رسول الله ونادي بها في وثيقة المدينة وننادي بها في منتدي تعزيز السلم بدل من روي المتعلقون المتطرفون".
وأشار إلى ضرورة وضع تأصيل للخلافة الإسلامية وإلا يتم استغلالها لصنع بطولة زائفة ورفع شعارات قائمة علي أغراض خاصة لتشويه الشرع الحنيف.