صناعة المحتوى للمواقع الاجتماعية
المحتوى العربي عبر الإنترنت يعاني من الغياب في موضوعات مختلفة، مقارنة بمثيله المتاح باللغات الأجنبية، وهو ما يلزمه إطلاق مبادرات لزيادة المحتوى العربي العلمي والمعرفي عبر الإنترنت، بهدف المساهمة في بناء العقل والوعي العربي.
إطلاق هذه المبادرات الهادفة لتوفير محتوى معرفي جذاب سيعمل على استقطاب الشباب لمتابعته والاهتمام به خاصة إذا تم نشره عبر المواقع الاجتماعية، التي تحولت إلى ساحات لإدارة المعارك السياسية ونشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة، التي تستهدف التأثير في الرأي العام وفقًا لما يحقق رغبات أصحاب المصالح المختلفة.
الأرقام قادرة على توضيح مدى أهمية صناعة المحتوى الجاذب لمستخدمي الإنترنت والمواقع الاجتماعية، التي تعد فرصة كبيرة يمكن الاستفادة منها في بناء الوعي بدلًا من هدمه عبر الأخبار المزيفة.
بمتابعة Global Digital Report 2019 الصادر في يوليو الماضي فإننا نستطيع التعرف على تفاصيل كثيرة حول مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على مستوى العالم، حيث يشير التقرير إلى أن هناك 66% من زوار الإنترنت يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للحصول على الأخبار، وذلك في الفئة العمرية من 18 إلى 24 عاما، وتتناقص هذه النسبة مع زيادة أعمار مستخدمي الإنترنت لتصل إلى 43% من مستخدمي الإنترنت في الفئة العمرية من 55 عاما إلى ما هو أكثر.. وهي أرقام توضح مدى اعتماد مستخدمي الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للحصول على الأخبار بغض النظر عن دقتها.
وبالنظر إلى أعداد مستخدمي الإنترنت في مصر فإنه قد وصل إلى 40،9 مليون مستخدم بنسبة 48% من السكان، وذلك تبعًا لنتائج مسح استخدامات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأسر والأفراد لعام 2018/2019.
كما أنه تبعًا لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في تقريرها الصادر في يونيو 2019، فإن نسبة انتشار الهاتف المحمول في مصر وصلت 94،83% من تعداد السكان، بينما هناك 36،19 مليون مواطن يستخدم الإنترنت من خلال المحمول بمعدل نمو سنوي 15،53%.
بالعودة إلى تقرير Global Digital فإن هناك أكثر من ثلاثة مليار ونصف مستخدم نشط لوسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 46% من سكان العالم، في وقت بات 56% من سكان العالم يستخدمون للإنترنت.. ويستخدم 3.9 مليار إنسان الإنترنت عبر المحمول من ضمنهم 3،4 مليار مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي عبر المحمول، وعلى رأسهم الأربعة الكبار "فيس بوك ويوتيوب وواتس آب وفيس بوك ماسنجر".
هذه النظرة العامة عن أرقام مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى قدرتها الهائلة على الوصول والتأثير في مليارات الأشخاص عبر العالم، من بينهم عشرات الملايين في مصر، وهو ما يستحق أن نبذل الكثير من الجهد وندفع بالمزيد من الاستثمارات في صناعة محتوى إنساني ومعرفي وتعليمي مناسب، يساهم في جذب الشباب لمتابعته والتفاعل معه، مما يساهم في تفكيك الأفكار الخاطئة ومعالجتها واكتساب مهارات ومعارف جديدة مع صياغة مساحات آمنة عبر هذه المواقع للنقاش واستطلاع الرأي، وطرحه تجاه القضايا المختلفة بدلًا من ترك الساحة فارغة يمكن لأي مخادع أن يسيطر عليها.