أسرار 14 عاما من عمل البعثة المصرية الأمريكية بجبانة جنوب العساسيف.. مشروع لتسقيف 3 مقابر.. استكمال نحت كل واحدة على حدة.. و35 مقبرة فرعونية تنتظر الحماية والترميم (صور)
تبوح الأراضي المصرية كل يوم بالجديد من الأسرار والتراث والحضارة التي تركها لنا أجدادنا قدماء المصريين وتعمل بالتعاون مع المصريين العديد من البعثات الأجنبية التي تساهم في أعمال الحفائر للإعلان عن الكثير من الاكتشافات الأثرية الجديدة في جميع محافظات الجمهورية.
البعثة المصرية الأمريكية المشتركة التي تعمل بمنطقة العساسيف واحدة من البعثات الأجنبية التي تعمل على استكشاف الآثار المصرية بالأقصر والتي يعرض لها معرض مؤقت بمتحف الأقصر نتيجة اكتشافاتها كما أنها تواصل أعمال ترميم 3 مقابر بالعساسيف.
البعثة المصرية الأمريكية المشتركة
رئيسة البعثة المصرية الأمريكية المشتركة لمعهد البحوث الأمريكي العاملة في منطقة جنوب جبانة العساسيف في الأقصر، إيلينا بتشكوفا، كشفت أسرار ما يقرب من 14 عام عمل بالجبانة، حيث قالت إنهم زاروا المكان عام 2001، وبدءوا الأعمال في عام 2006، ولم يكن من المتوقع أن يصلوا لهذه الاكتشافات.
وأكدت إيلينا أن الأعمال مستمرة في عموم المنطقة منذ 14 عاما، والعمل في المقبرة مستمر منذ سنوات، والتي كانت مغمورة تحت ما يقرب من 7 أمتار من الرديم، بخلاف أعماق المقبرة المختلفة، مضيفة أن المكان لم يكن يوحي بوجود أي مقابر فقد كان عبارة عن قرية كبيرة، مليئة بالمنازل، ومنطقة الحفائر كان فوقها تلال من الأتربة، وكانت المقبرة مفقودة تمامًا، ولا أمل في الوصول إليها.
بداية الاكتشافات
وتابعت: "بدأنا في الحفر لأسفل، ولكننا لم نجد شيئًا، وامتد الحفر لأيام، ثم لأسابيع، ولا شئ نعثر عليه، ثم جاءني الريس محمد رئيس العمال، وأخبرني "العمال أننا لن نجد شيئًا هنا، وأنتي تضيعين وقتك ووقتنا" ووقتها قلت "يا إلهي لقد أهدرت الكثير من الوقت والمجهود والمال، وأحتاج للمزيد من المال" وأخذت نقود جامعة ابنتي كي أكمل أعمال الحفائر"، وعثرنا على أول قطعة من المقبرة، وأول علامة على أن هذه مقبرة وهي ليست فارغة مما شجعنا على المضي قدمًا في الحفائر.
وفي عام 2008 جاء أنتوني برودر وهو أمريكي وبدأ في تمويل بعثتنا وبدأنا في مرحلة أكثر عزمًا على كشف صفحة مهمة من صفحات التاريخ المصري.
وأوضحت إيلينا أن هذه المقبرة ستكون نقطة جذب جديدة للسياحة في مصر، وعندما يأتي الناس من أنحاء العالم لمصر، وهذه المقبرة التي تخص كاركا آمون، تعتبر شاهدة على روعة الفن المصري.
مقابر منطقة جنوب العساسيف
ومن جانبه كشف انتوني براودر المؤرخ الأمريكي ورئيس الجمعية الأمريكية لترميم مقابر منطقة جنوب العساسيف الأثرية في غرب مدينة الأقصر، عن وجود 35 مقبرة فرعونية تنتظر الحماية والترميم بالمنطقة التي تحتاج لعمل قد يمتد لعقود من قبل الأثريين والمرممين لحماية مقابرها والحفاظ على ثرائها.
وقال براودر، إن منطقة "العساسيف" التي يعمل فريق مصري أمريكي مشترك على ترميم وحماية ثلاث من مقابرها، ستتحول خلال السنوات الخمس المقبلة إلى "وادي العساسيف" على غرار منطقة وادي الملوك الشهيرة، التي تضم عشرات من مقابر ملوك مصر القديمة، في غرب مدينة الأقصر.
وأضاف: "لقد حققنا تقدما مذهلا في موقع الحفريات أكثر مما كنا عليه قبل عامين، حيث اشترينا أدوات جديدة، وقمنا بترميم مقبرة كاراك امون خلال شهرين"، ذاكرا أن البعثة الأثرية المصرية الأمريكية المشتركة، العاملة في منطقة العساسيف، والممولة من جمعيته، تعمل على إنجاز مشروع لترميم وحماية المقابر الثلاث وهي كاراباسكن (TT 391) وكاراك امون (TT 223) وأرتيرو (TT 390)، وإعدادها لاستقبال زوارها من السياح بحلول عام 2023، وذلك في إطار مشروع يهدف إلى إعادة بناء مقابر العصر المتأخر المنهارة والمدمرة كليا في جبانة جنوب العساسيف.
وأشار براودر إلى أن الفريق المصري الأمريكي العامل في مقابر جنوب العساسيف يعمل الآن على وضع تصور لما كانت عليه مقابر المنطقة قبيل آلاف السنين، وبخاصة المقابر التي تعرضت للانهيار الكامل.
مشروع لعمل أسقف للمقابر
وأوضح أن فريقا معماريا يعمل الآن على إنجاز مشروع لعمل أسقف للمقابر التي يجرى ترميمها وحمايتها وإعدادها للزيارة بالمنطقة وهي مقابر "كاراباسكن" و"وكاراك امون" و"وأرتيرو"، مشيرا إلى أن البداية ستكون بمقبرة واحدة، تتلوها الثانية ثم الثالثة، وذلك على مدار المواسم الأثرية المقبلة.
وعبر عن أمله في أن ينجح أفراد الفريق الأثري الأمريكي وفريق النشر العلمي بجمعيته، في تعريف العالم بأصحاب المقابر الثلاث التي يعملون على فتحها للزيارة، وأن يعرف العالم "كاراباسكن" و"كاراك امون" و"أرتيرو" كما يعرف توت عنخ آمون ونفرتاري ونفرتيتي ورمسيس الثاني.
وكشف براودر، والذي يعمل كاتبا وناشرا و"أخصائي الذاكرة الثقافية"، عن أن جمعيته واختصارها "IKG" هي مؤسسة تعليمية مكرسة لإعادة اكتشاف وتطبيق التاريخ والثقافة والحكمة الأفريقية القديمة، تأسست عام 1981؛ بهدف تحدي المفاهيم المشوهة عن قارة أفريقيا في وسائل الإعلام وداخل المؤسسات الدراسية في أمريكا وغيرها من البلدان.
معرض مكتشفات البعثة الأثرية المصرية الأمريكية
وأشار براودر على هامش مشاركته بمعرض مكتشفات البعثة الأثرية المصرية الأمريكية العاملة في منطقة العساسيف، والمقام حاليا في متحف الأقصر، إلى أنهم يعملون على تعريف العالم بكيفية تطوير الأفارقة القدماء للمبادئ الإنسانية التي أرست الأساس للحضارة العالمية، حيث تركز "IKG" أبحاثها وتنشر نتائجها في محاولة لإزالة الغموض عن التاريخ وتقديم المعرفة الحقيقية بالتاريخ دون تشويه.
ويقول براودر، إنه و60 من الباحثين والمرممين والأثريين الأمريكيين، شاركوا في مشروع حماية مقابر جنوب العساسيف، وأنه ربما من خلال عمله في التنقيب عن الآثار وحماية مقابر قدماء المصريين، جاء باحثا "عن جزء من تاريخه الضائع"، كأمريكي من أصل أفريقي، وربما جاء أيضا للبحث عن جذور أجداده، وإعادة كتابة التاريخ الحقيقي لمصر ووادي النيل وأفريقيا.
ورأى الكاتب والمؤرخ والناشر الأمريكي أن بعض من كتبوا تاريخ مصر من الأوروبيين، لم يقدموا التاريخ الحقيقي لمصر، بل قدموه برؤية غربية، وأنه يسعى لكتابة التاريخ برؤية كاتب أفريقي الجذور يقدم الحقائق التاريخية كما هي، وأنه أنجز عبر مشروعه لإعادة كتابة تاريخ مصر ووادي النيل وأفريقيا، 10 كتب بينها ثلاثة كتب عن تاريخ مصر.
وأشار براودر إلى مداومته على زيارة مصر منذ 40 عاما، وأنه أحب مصر وتاريخها لكونها تمتلك أقدم حضارات العالم، ذاكرا أنه استطاع أن يرافق خمسة آلاف مواطن ومواطنة أمريكية لزيارة آثار مصر الفرعونية، عبر العقود الأربعة الماضية.