الجشعون يمتنعون
في هذا المكان منذ عام كتبت عن سلبيات موضوع القطن، وظلم الدولة للفلاح الذي طالبته الدولة وقتها بزراعة القطن طويل التيلة، ووعدته بسعر عادل ثم نكصت على عقبيها بعد أن ظهر المحصول للنور، وامتنعت عن الشراء من الفلاح بحجة تدبير الميزانية، ثم بحجة أن القطن طويل التيلة لا يتناسب مع مصانع الغزل والنسيج التي صارت تعمل بالقطن قصير التيلة..
ووقتها أصيب الفلاح بالإحباط والدهشة والخسارة الفادحة، ووجد التجار المصدرون في الفلاح فرصة سانحة فاشتروا القطن بسعر بخس وكانت مأساة.
لكن الشأن اختلف هذا العام من قبل الدولة التي تعاملت بكل الحكمة والذكاء مع الفلاح وفي جانبه، فبدأت تجربة تنظيم مزادات على الأقطان بعد تحديد سعر عادل لبداية دخول المزاد، حيث بدأت الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، في إجراء مزادات على الأقطان المستلمة من المزارعين بمراكز التجميع في محافظتي الفيوم وبني سويف وعددها 17 مركزا، وذلك في إطار تنفيذ منظومة تداول القطن الجديدة والتي تطبق تجريبيا في هاتين المحافظتين.
وقد تم إجراء مزاد على الأقطان في عدد 3 مراكز للتجميع حيث تم فتح المزاد بسعر أساس وهو 2100 جنيه للقنطار الزهر، حيث يتم احتساب سعر فتح المزاد بناء على متوسط الأسعار العالمية (مقومة بسعر الصرف اليومي للدولار الأمريكي) بين قطن "البيما" الأمريكي طويل التيلة و(إندكس A) قصير التيلة، والذي يتم إبلاغ الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج به من قبل هيئة التحكيم واختبارات القطن.
وقد حضر المزاد 5 شركات تجارة من القطاع الخاص بالإضافة إلى شركة الوادي لتجارة وحليج الأقطان التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، إلا أنه لم يتقدم أحد من التجار للمشاركة في المزاد بدعوى ارتفاع سعر فتح المزاد، وطبعا مثل هؤلاء التجار من القطاع الخاص كانوا يأملون في امتصاص دم الفلاح والثراء على حسابه كما فعلوا العام الماضي، لكن تحديد سعر عادل لبداية المزاد منعهم من جشعهم المفرط.
وتمت ترسية المزاد على شركة الوادي التي استلمت الأقطان وسداد نسبة 70% من ثمن تلك الأقطان فورًا للمزارعين، على أن يتم سداد الـ30% المتبقية بحد أقصى أسبوع من تاريخه وذلك بعد تحديد معدل التصافي ونقل الأقطان إلى المحلج وتصنيفها من قبل هيئة التحكيم واختبارات القطن، وفقا لما تم إقراره في نظام التداول الجديد.
وقد بلغ عدد الأكياس المباعة 438 كيسا بوزن 513 قنطار زهر ( 264 قنطارا في الفيوم – 249 قنطارا في بني سويف). ويتم بصفة يومية إجراء المزاد على الأقطان التي يقوم المزارعون بتسليمها لمراكز التجميع، بعد فرز الأقطان من قبل هيئة التحكيم واختبارات القطن، ووزنها من قبل جمعية القبانية.
وتقوم مراكز تجميع الأقطان تقوم بتوزيع أكياس مصنوعة من الجوت ودوبارة قطنية على المزارعين لتعبئة الأقطان بها وتسليمها لتلك المراكز حفاظًا على الأقطان من التلوث، وقد بلغ عدد الأكياس الموزعة حتى أمس السبت 28.274 كيس، وذلك خلال أسبوع من فتح مراكز التجميع في محافظتي الفيوم وبني سويف.
وأشارت وزارة قطاع الأعمال العام إلى أن النظام الجديد لتداول القطن والذي يطبق تجريبيا في محافظتي الفيوم وبني سويف لموسم 2019، يأتي في إطار حرص الدولة على النهوض بمنظومة القطن المصري، ويهدف إلى التغلب على سلبيات النظام السابق، والتي أدت إلى تدهور جودة القطن المصري مما أثر سلبا على سمعته بين الأقطان العالمية.
كما يمكن النظام الجديد المزارع من الحصول على أعلى سعر يضاهي الأسعار العالمية من خلال مزادات تجرى في اليوم التالي لاستلام الأقطان من المزارعين مباشرة، ودون تدخل من الوسطاء. وتفتح مراكز التجميع في محافظتي الفيوم وبني سويف أبوابها يوميًا من الساعة الثامنة صباحا حتى الثالثة عصرا ما عدا يوم الجمعة، وفقا للبيان.
وجدير بالذكر أن الفلاح العام الماضي أنتج محصولا مميزا وكبيرا، لكن لم يتحقق التسويق المطلوب داخليا وخارجيا. وفي هذا العام قلت نسبة محصول القطن عن العام الماضي بسبب ما حدث للفلاح؛ لذا فالمطلوب الآن خطة لفتح أسواق جديدة لتصدير محصول القطن، وتصدير المنتج النهائي عالميًا، وتسويق القطن محليًا بشكل جيد لشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى رفع الكفاءة الإنتاجية للشركات القابضة للغزل والنسيج.
كما ينبغي الاعتماد أكثر على زيت بذرة القطن بدلًا من استيراد زيت العباد وزيت الصويا اللذين تقوم باستيرادهما الهيئة العامة للسلع التموينية بقيمة ما يقرب من 10 مليارات جنيه سنويًا، علاوة على تخفيض أسعار الفائدة على التسهيلات الائتمانية لشركات تجارة القطن، وشركات الغزل لمدة عامين كدعم استيراتيجى للقطن المصري «محصول ومنتج نهائي»، حيث تصل الفائدة إلى 22% بالرغم من أن الفائدة على النشاط الزراعي تصل إلى 5% فقط.