ثقافة الشارقة تكرم شعراء لبنان
نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة حفل استقبال في قصر الثقافة بالشارقة للشعراء المشاركين في الملتقى من دولة لبنان.
حضر الحفل عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة ومحمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، ورحب عبدالله العويس بالشعراء الضيوف.
وأشار إلى الدور الذي يقوم به صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في دعمه للثقافة والأدب، وذكر أن دائرة الثقافة افتتحت موسمها الحالي بملتقى شعراء من لبنان مثلما ختمت موسمها السابق بشعراء من لبنان في الشعر الشعبي، وكرم بعدها الشعراء.
من جانبهم قدم الشعراء الضيوف شكرهم لإمارة الشارقة وحاكمها الذي فتح للشعر مساحات واسعة يعيد فيها أمجاده، وينطلق في فضاءات الجمال، ويطوف على مدن كثيرة لينثر ورود الشعر من خلال مبادرة بيوت الشعر في أقطار الوطن العربي، وفعاليات بيت الشعر التي تفتح المنابر للأصوات الشعرية الإماراتية والعربية لتبوح بما يختلج الذات، وتعبر مواجد الشعراء.
ثم أقيمت الأمسية الشعرية وحضرها جمهور لافت من الشعراء والإعلاميين والمثقفين، وشارك فيها كل من الشعراء خليل عاصي وسارة الزين وعلي الرفاعي ويسرى بيطار وفاروق شويخ وقدمها الإعلامي اللبناني وسام معضاد شيا.
افتتح القراءات الشعرية الشاعر خليل عاصي الذي سبق له وأن شارك في مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورة سابقة بقصائد تميزت بالعمق واللغة والصورة، ولامست الذات بما تحمله من وجد ومعاناة، ونوع في قراءاته في الشكل بين العمود والتفعيلة بنصوص محلقة، ومما قرأ:
إلى أين تمضي ؟ من استعجلكْ؟
ترفّق بقلبي الذي استمهلكْ
توغّلْت سيفًا بصدر الرحيلِ
وكان يقينُكَ من أوغلكْ
على حدّ جرحيَ ألفُ لماذا
مشت في رحيلك كي تسألكْ
قطعتُ وريدَ الوصولِ لقلبي
فأيّ الدروب الذي أوصلك ؟؟
الشاعرة سارة الزين أدهشت بحضورها وإلقائها، وطافت بشعرها المسكون بالدهشة، والمعجون بتجليات الروح، والعابر فضاءات الألق، وقدمت نصوصًا جاذبة تفاعل معها الحضور، ومن قصيدة ”ابن المجاز”:
لا تَسْقُطِي الآنَ.. مُدّي الشّالَ والعنُقا
سيَعبُرُ الشِّعرُ منْ جنبيْكِ مؤْتَلِقا
جيدُ القصيدةِ يَنْمو طَوعَ فاتِنَةٍ
تُعَبِّدُ الحرفَ مِنْ أحداقِها طُرُقا
مُرّي على الشَّوقِ وَجهُ الشَّوقِ مُسْتعرٌ
منْ منبتِ الوحي حتّى يَبْلُغَ الشَّفَقا
هذا الوجودُ خرافيٌّ لِعاشِقَةٍ
تُمسِّدُ الوقتَ كيما يَسْتَحيلَ لِقا
على الرفاعي المسكون بفلسفة النص وتجليات المعنى، قدم نصوصًا تجولت بحرية في فضاء الرمز، لامس من خلالها هم الأرض وطموح الروح ورغبة الحرف في التفرد بحضور مختلف ينم عن ثقافة، ويمتح من معين يفلسف الحياة ليمنحها ضوءًا آخر، ومما قرأ:
كبحرٍ يوضّبُ آخر موجة ملحٍ / ويقفلُ باب المدى / ثم يمضي وحيدًا ليدخل في كمشةٍ من ورقْ / كليلكةٍ أغفلتها البساتينُ / كانت توضّبُ عطرًا حميمًا / لنحلٍ سيأتي على رغم كل الدخانِ / بقارورة من عبقْ
كنهرٍ يوضّبُ مجراهُ / يغلقُ دون المياه الضِّفافَ التي أنهكتها الصخورُ/ وينكفئُ الآن في صمته الحرِّ طفلًا صغيرًا يخاف الغرقْ
بدورها قدمت الشاعرة يسرى بيطار نصوصًا لامست الذات بلغة رشيقة أنيقة، واعتلت نجمة فوق الجبال سابحة باللغة مطاردة لظلال المعنى ناثرة ماء الشعر على وديان الروح وأراضي البوح، ومما قرأت:
الرّيحُ أحملُها إليكَ وعُمرُ أشواقي جلبْتُهْ
وأُريقُ عطرَ الأرض بين يديكَ ها إنّي أذَبْتُهْ
من أجل هذي البسمةِ الغنّاءِ كلّي قد حجَبْتُهْ
ومشيتُ لا وجلٌ لديّ وألفُ عشقٍ ما ندبتُهْ
اختتم القراءات الشعرية الشاعر فاروق شويخ الذي استطاع أن ينتزع من خلوته مع الذات نصوصًا غارقة في التجلي، سابحة في ملكوت التأمل والتصوف، تنظر إلى الكون بصمت العارف الذي يرصد عن بعد تحولات بعيدة، ومن قراءاته:
مَلَكْتُ عَينَينِ أَجْلو اللَّيلَ عن بَشَرٍ
وعَنْ وُجوهٍ لها طَبْعُ الثَّعابينِ
مِنْ “مَنْطِقِ الطَّيرِ” شَبَّتْ بَعْضُ أَجْنِحَتي
وبعضُ صَوْتِيَ مِنْ لَحْنِ “الطَّواسينِ”
والقَسْوَةُ ابتلَعَتْ شَكْوايَ في زمَنٍ
صَبَرْتُ فيه طويلًا صَبْرَ ذي النّونِ