رئيس التحرير
عصام كامل

شملت سوريا واليمن وليبيا.. أبو الغيط يحذر الجميع من القدر المحتوم

أحمد أبو الغيط، الأمين
أحمد أبو الغيط، الأمين العام لحامعة الدول العربية

أشار أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى دخول المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة الليبية "طرابلس" شهرها السادس.


وقال أبو الغيط خلال كلمته اليوم أمام الدورة الـ 152 لمجلس وزراء الخارجية العرب: إنه لا ينبغي أن يكون بعيدًا عن الجهود المبذولة لإخراج ليبيا من هذه الأزمة المتفاقمة خفض فوري للتصعيد الميداني، والتوصل إلى وقف دائم وثابت لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.

وأشار إلى أنه مطلوب أيضًا منا جميعًا وفي ضوء الشرخ الكبير الذي أحدثته التطورات الأخيرة في نسيج المجتمع الليبي، أن نقف مع أشقائنا الليبيين ونعمل على استعادة جسور الثقة المفقودة بينهم ومطلوب ثالثًا، الخروج بمقاربة شاملة لتسوية الوضع الليبي في مجمله وتوحيد المؤسسات المنقسمة واستكمال المرحلة الانتقالية باستحقاقاتها الأمنية والسياسية والدستورية.

أما في اليمن فأوضح أبو الغيط، أنه شهد انقسامات جديدة تهدد وحدة التراب اليمني التي نسعى جميعًا لصيانتها وفي هذا الخصوص، فإننا نُرحب بتجاوب الأطراف المختلفة مع دعوة المملكة العربية السعودية للحوار ووقف المواجهات المؤسفة التي آلمنا جميعًا اندلاعها في بعض محافظات الجنوب.

وركز على أن الجامعة تتمسك بخيار السلام في اليمن وتدعم الشرعية الدستورية للحكومة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإن العملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة في الحديدة تمثل خطوة جيدة لتخفيض التصعيد العسكري وبناء الثقة، إلا أنها لا زالت تصادف عراقيل يضعها الطرف الحوثي الذي نحمله مسئولية التدهور المطرد في الوضع الإنساني.

وأضاف: لقد ظهر واضحًا خلال الفترة الماضية أن الطرف الحوثي لا يملك قراره وإنما يتلقاه من دولةٍ أخرى.. إننا نكرر الدعوة لإيران بأن ترفع يدها عن الساحة اليمنية وأن تكف عن دعم الميلشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة.

وركز في عبارة واضحة إن اليمن وأهله جزءٌ لا يتجزأ من الأمة العربية اليمن عمق إستراتيجي للأمن العربي، كان وسيظل.. وعلاقات اليمن مع جواره العربي هي الباقية، والتدخلات الخارجية من قوى غير عربية عرض سيزول في يوم قريب.. لأن أغلبية الشعب اليمني ترفض هذه التدخلات وتتمسك بعروبتها.

وأضاف: لقد اتخذت التدخلات الإيرانية في الشئون العربية صورة أكثر خطورة وتهورًا في الشهور الماضية، إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي.. وقد اجتمع القادة العرب في قمة مكة في آخر مايو الماضي لإدانة كافة الاعتداءات الإيرانية على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية في الخليج العربي وخليج عمان.. ومعروض أمام مجلسكم الموقر مشروع قرار في هذا الشأن الذي يهم العرب جميعًا.

وأكد أن السنوات الثلاث الماضية زمنًا ضائعًا بالنسبة للقضية الفلسطينية فبدلًا من أن ننخرط في عملية سلمية جادة وفق مرجعيات واضحة، وجدنا أنفسنا ندور في حلقات مفرغة من انتظار خطط يُعلن عنها ورؤى يجري التبشير بها، بينما الواقع على الأرض لا يبشر بخير أو يدعو للتفاؤل، إن الخطة الوحيدة التي نراها تُنفذ اليوم للأسف هي خطة تصفية القضية والتضييق الشديد على أصحابها... تنطلق هذه الخطة من رؤية مقلوبة للوضع مفادها أن المشكلة تكمن في الشعب الخاضع للاحتلال، لا في القوة القائمة به، أو في واقع الاحتلال نفسه.

ونوه، هكذا يتصور أصحاب هذه الرؤى أن الضغوط على الفلسطينيين والتضييق عليهم، كفيلةٌ بحملهم على القبول بما لم يقبلوا به في السابق وعوضًا عن العمل على إنهاء الاحتلال –وهو جوهر النزاع منذ عام 67- يصر بعض الأطراف على معالجة القضية بتقويض أركانها الرئيسية التي تحظى بإجماع دولي.. لقد مرَّ ما يقرب من العامين على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.. فكم من الدول حذت حذوها؟.. دولة أو دولتان.. إن الإجماع الدولي لا زال راسخًا في شأن كون القدس الشرقية أرضًا محتلة وقضية من قضايا الحل النهائي، لا يجري حسمها بالإعلانات الأحادية ولا بنقل السفارات والمكاتب التمثيلية إليها.

ونوه إلى أن لقد قطعت الولايات المتحدة تمويلها عن الأونروا فتداعت الدول لسد الفجوة التمويلية، وتحاول اليوم أن تلتف على التفويض الممنوح للوكالة بموجب قرار دولي صادر عام 1949.. ويقيني أن التصويت على تجديد التفويض في شهري نوفمبر وديسمبر القادمين سيعكس الإجماع العالمي الرافض لإنهاء دور الوكالة في إعاشة 5.5 مليون فلسطيني، أو التلاعب

وأشار إلى أن لدى إسرائيل في اللحظة الحالية غطاء سياسيًا توفره لها الولايات المتحدة، بما يمكنها من الاعتداء على الأراضي العربية في بعض دول المنطقة كما شهدنا خلال الأسابيع الماضية، إنه نوع من اللعب بالنار وسلوك استعراضي لا غرض من ورائه إلا الدعاية الانتخابية.. ونحذر من أن استمرار مثل هذه التصرفات الهوجاء يهدد بإشعال المنطقة بصورة لن تكون في صالح أمن أو استقرار أي طرف.

وفي سوريا نجد أن بعض القوى الإقليمية التي تسعى إلى اغتنام الفرص، وتحقيق مكاسب على حساب العرب في لحظة مرتبكة، تُمارس نوعًا من الانتهازية السياسية التي ستترك آثارها في ذاكرة الشعوب قبل الحكومات.. إن الحل في سوريا لا يكون بتقطيع أوصال الوطن السوري إلى مناطق نفوذ تحت هيمنة أجنبية.. وإنما بتسوية شاملة على أساس القرار 2254 تضمن للوطن وحدته وتكامل ترابه.. وتُعطي السوريين جميعًا، في داخل الوطن وخارجه، الأمل في أن الوطن السوري سيعود حاضنًا لكافة أبنائه بلا إقصاء.. وبغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني طالما لم ينتهجوا الإرهاب سبيلًا.. إن هذا هو المشروع السياسي الوحيد الذي يقود لاستعادة الوطن السوري، شعبًا وأرضًا وسيادة.

أبو الغيط يبحث مع غسان سلامة سبل وقف القتال بين الأطراف الليبية


واختتم كلمته قائلا: ليست الصورة كلها غيومًا ففي السودان تحقق اتفاق سياسي أثلج الصدور وطمأننا على المستقبل، إنني أهنئ الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها قبل يومين، والتي جاءت حصيلة اتفاق سياسي بين المكونات السودانية أثبت أن مجتمعاتنا قادرة على تجاوز الأزمات عبر الحوار، وأن الصراع والاحتراب الداخلي مرهون باختياراتنا وقراراتنا، وليس قدرًا محتومًا.



الجريدة الرسمية