«براعم الشر».. جروبات سرية لجذب داعمين من النشء الجديد.. الجماعة تستغل منصات التواصل الاجتماعي لغسل أدمغة الأجيال الصاعدة.. ونشر المظلومية بين المتعاطفين مع أفكارها الظلامية
منذ نشأتها في ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اليوم، لا تعرف جماعة الإخوان العمل في النور، ولا يؤمن قادتها إلا بـ"الغرف المغلقة" والابتعاد عن الأضواء، لذلك لم يكن غريبا تأسيس الإخوان تنظيما سريا في بدايات نشأتها كان هدفه الوحيد تصفية خصوم الجماعة ومن يعارضون أفكارها البعيدة عن سماحة الإسلام ووسطيته، ولأن العمل من "خلف الستار" سياسة إخوانية راسخة، لم تجد الجماعة أفضل من استخدام منصات التواصل الاجتماعي في تدشين "جروبات سرية" على "فيس بوك" و"تويتر" و"تيليجرام" من أجل اجتذاب داعمين من النشء الجديد وجيل المراهقين للدفاع عن الإخوان بعد حظر التنظيم وتصنيفه كجماعة إرهابية في عدد من الدول.
وبحسب مصادر مطلعة، لجأت الجماعة إلى إنشاء جروبات سرية، لغسل أدمغة شبابها بالأيديولوجيا الإخوانية، وتكوين مجموعات يشارك فيها جميع أفراد الأسرة من آباء وأمهات وشباب وحتى النشء الصغير، ويتم من خلالها بث مصطلحات هدفها تصدير منهج المظلومية، وأن هناك حربا على الإسلام يتم تنفيذها على عدة مراحل.
تعتمد فكرة "الجروبات" على كيفية نشر فكر الإخوان، للسيطرة على ما اسموه المجتمع المسلم، وتكوين مدافعين أشداء، أو بالأحرى أوصياء على المجتمعات، التي هي آخر من يفكرون فيها، فالهدف، جعل الجميع يعتنق أيديولوجيتهم، على مراحل متعددة، سواء داخل البلدان العربية وتحديدا مصر، أو أي مكان آخر.
وسواء كان المكان الذي سيتواجد فيها النشء الإخواني، مرتبط أو غير مرتبط بالإخوان، المهم للجماعة أن يكون كل فرد منهم، قادر على الاستقطاب في محيطه، لأكبر عدد من الأشخاص، وأكثرهم تأثيرًا، أو من يمكن الاستفادة منهم أو تحييدهم في الصراع الدائر، بجميع الأحوال.
وتستخدم الجماعة تكتيكا خاصا لتدريب النشء، يعرف باسم العصابات المعلوماتية والأيديولوجية، وهي معروفة في الغرب، ومن خلالها، تمارس الأفكار المتطرفة توغلها بين الشباب، عبر الخلط في الرأي، والإفراط في التمييز ضد غير الإخوان، لحثهم على إنشاء أسر إخوانية، تنتشلهم من الكفر والضياع الذي يعيشون فيه، وحتى يحدث ذلك، يجب أن تمرر مصطلحات «كراهية» لغير الإخوان، حتى لو كانوا من التيارات الدينية التي تسعى لتطبيق مشروع ديني مختلف عنهم.
وتهدف الإخوان من استقطاب شباب الإخوان ومراهقيهم، إلى تدريبهم على عدم تقبل كل وضع غير ملائم للنظام السياسي والاجتماعي في الإسلام، وتحصينهم بكل أشكال النقد ومهارات الجدل البيزنطي الذي تجيده الجماعة، لتشويش كل إنسان مختلف عنهم، دون أن يخرج منهم باستفادة، لو كان صاحب فكر، ولو كان شحصا بسيطا ومحدود الثقافة، تغير له أفكاره حول الأشكال والممارسات الأساسية للإسلام، على النحو الذي تدعو إليه جماعة الإخوان.
وتهدف الخطوة الجديدة للإخوان، إلى ضم "نشء جدد"، في ظل أزمات الشباب، والتحولات الفكرية التي يمر بها البعض، سواء بالانخراط في تنظيمات خارجة على الجماعة، أو بالانشقاق عن الإخوان، بعدما اكتشفوا حقيقتهم على مدى السنوات الماضية، وعند اجتياز هذه المرحلة، سيمر الطفل بمرحلة أخرى، يلتحم فيها بشبكات الإخوان، كل حسب المكان الذي يمكن أن يضيف فيه، خاصة أن الدعاية الإخوانية على السوشيال ميديا، تعاني من ضعف شديد، فالتنظيم يريد متحدثين من المراهقين، والشباب يتحدثون عن شرعية الكفاح ضد الاستعمار، ودور غير المسلمين فيما حدث للجماعة.
ويبحث الإخوان من خلال تلك الجروبات السرية عن مؤيدين من الشباب، لنقل أفكار الجماعة إلى دوائر أخرى، يمكن إقامة ترابط معها مستقبلا، بدافع التعاطف أو الشعور بالذنب تجاه الجماعة، بسبب الإيذاء المزعوم الذي تعرضت له، خاصة أنها تشيع بينهم أن أي انتقاد ضد الفكر الإخواني هو عنصرية حقيقية، سواء كان من الداخل أو الخارج، وهي محاربة صريحة للإسلام.
وتركز قيادات الجماعة في الجروبات المزعومة، على الهجوم على الأنظمة السياسية، والدول المركزية، باعتبارها متواطئة ضدهم، وهذه الجزئية تحديدًا تكون دائما اللاعب الرئيسي، في الحوارات التي تفتح مع النشء الإخواني، لتعبئتهم برفض المجتمع، الذي انسحب من الصراع بينهم وبين الأنظمة الحاكمة، ولا مجال لاستعادة الثقة فيهم، أو في النظام العالمي الذي يعادي الإخوان والإسلام بشكل عام، إلا إذا سيطروا على كل شيء، بداية من المساجد، والتجمعات الطلابية، والسياسيين، ووسائل الإعلام، والشبكات الاجتماعية.
وتحارب الجماعة في جروباتها السرية، أي توجه نحو الاستقلال الفردي، وتهدف دائما لتأميم المعتقدات الدينية الفردية، حتى يبقى المجال الديني العام في قبضتها، خاصة أن البعض داخل التيارات الدينية، بدأ يتحدث عن ضرورة القبول بالعلمانية على منهج أردوغان، كمنفذ للتحاور مع التيارات المدنية، ولكن المدرسة المصرية الإخوانية، ترفض هذا المقترح، خاصة أنها عملت على تجريمه طوال فترة نشأتها، ولا تتوفر لديها كوادر تستطيع ممارسة العلمانية على الطريقة التركية.
وتخاف الإخوان -بحسب الهدف من الجروبات الجديدة- من الحركات التحررية التي بدأت تحوز أهمية كبرى بين الشباب الإسلامي، والتي يميل إليها بعض شباب الجماعة، بعدما ذاقوا العذاب والتأميم الفكري على جميع المستويات داخل صفوف التنظيم، وفي ظل وجود تفاعلات، واتجاه لدعم وتأييد التحرر في المجتمعات الإسلامية عموما، ورفض قيود الإسلاميين على الفكر أو الدين.
وبدلا منها، تمرر الإخوان مصطلحات مثالية، مثل الإخاء بين جميع المسلمين، على الرغم من عدم تفعيل هذه المصطلحات، خلال عام حكم الجماعة، حيث تدهورت الحرية والمساواة والعلاقات بين المصريين والعرب والمسلمين، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، والتمييز العقائدي والسياسي الذي مارسته الجماعة، على كل معارضيها بلا استثناء.
عماد على، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، والقيادي الشاب السابق بالإخوان، يعتبر أن تأثير الإسلاميين داخل التنظيمات على أعضائها جميعا، يتم بطرق مختلفة، تمارس فيها أنواع عدة من الإرهاب.
ويرى القيادي السابق، الذي انشق على الجماعة، وأصبح من معارضيها، وأهم منتقدي الفكرة نفسها من الشباب، أن هذه الأفكار المغرضة، يتم دسها من أجل أهداف سياسية لإسقاط الدول والحكومات، لا أكثر ولا أقل، على حد قوله.
"نقلا عن العدد الورقي..."