رئيس التحرير
عصام كامل

الطابور الخامس! ( 1 )


في يوم ما في زمن ما.. وفي إحدى العواصم الأوروبية وبعد موعد محدد سلفا يلتقي "عزيز" مع صديقه ورئيسه في الشركة الأجنبية "يعقوب" الذي طلب لقاءه على عجل، ويبلغه أن "الرجل الكبير" سيقابله خلال ساعات، وأنه سيعرض عليه عرضا مغريا قبل عودته النهائية التي تقررت إلى القاهرة..


في اللقاء يبلغ الرجل الكبير "عزيز" أن عمله بالشركة في أوروبا قد انتهى، ولكن نظرا لخدماته الطويلة لهم أن اراد أن يستمر ويكمل عمله من القاهرة فهذا متاح له نظير المرتب نفسه!..

يقبل "عزيز" على الفور ويقول في سره إن هذا عرضا رائعا جدا له، وقبل أن ينطق بالموافقة يبلغه الرجل الكبير إنهم يريدون القيام بعمل استثماري شعبي كبير، وأن المطلوب منه فقط هو العودة إلى مصر والتمهيد لهذا العمل الجماهيري، بالبحث عن مجموعات شبابية لها علاقة مباشرة بمواقع التواصل الاجتماعي، مع ضرورة الاتصال بأسماء معينة سيبلغوه بها قبل عودته، ستقوم بتأسيس صفحات مليونية على فيس بوك..

يعود "عزيز" إلى مصر فعلا، ويلتقي ب"هاني" والذي يقدمه إلى ممثلي مجموعات شبابية، يؤسسون عدد من الصفحات فيس بوكية لاستقطاب مئات الألوف إلى عضويتها، وإلي متابعتها، ولديهم القدرة على تأسيس لجان إلكترونية بأسماء وهمية ومستعارة، بل وعدد كبير منها يحمل صور زعماء مصر السابقين، ومنها من يحمل أسماء لمواطنين عرب، وذلك لاستخدامها فيما بعد في معارك لتمزيق المجتمع المصري..

من خلال معارك سياسية طاحنة، وإدخال الأسماء العربية على الخط لإحداث فتنة مذهبية، وكذلك معارك بين مصريين وعرب وغيرها..

بينما ذلك يجري كان "يعقوب" قد أرسل للرجل الغامض في العاصمة المجهولة شخص لبناني اسمه "جون" ويطلب منه أن ينوب عنه في العودة إلى لبنان لتأسيس شركة إعلام ضخمة، تؤسس لقناة فضائية في بيروت، وينجح "جون" في ذلك، فيطلبون منه تأسيس مكتب لها في القاهرة، ويتم اختيار "ادهم" الصحفي المصري المعروف، والذي يعمل نظير مرتب خيالي وتكون مهمته -طبعا- النهوض بمكتب القناة وإنجاحه بأي طريقة..

على أمل -هكذا أبلغوه- تحويله إلى محطة مستقلة وليست فقط مكتب إقليمي.. وتمهيدا لذلك وبعد أن سال لعابه يطلبون منه استقدام شخصيات مصرية عامة كضيوف على المحطة بمقرها الرئيسي ببيروت، شرط أن تكون الحوارات تؤدي إلى حلقات مثيرة جدا، وتكون صادمة لقناعات استقرت في المجتمع، لتنجح وتثير الجدل الذي اقنعوه أنه سيأتي بالإعلانات والأموال للشركة، وبالتالي يسرعون بافتتاح القناة الجديدة!

وتدور الإثارة المطلوبة بين الجنس والسياسة في مقابل تتحمل القناة لتذاكر الطيران والإقامة في أفخم فنادق العاصمة، مع مبلغ كبير للاستضافة!

وبالفعل تنتقل الحوارات التليفزيونة المثيرة جدا إلى الصحف، ومنها إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتشتهر المحطة جدا، ويتم تأسيس شبكة مماثلة في مصر تسير على الخط نفسه، ويطلبون من "أدهم" تلميع عدد من الصحفيين لتجهيزهم لتولي رئاسة تحرير عدد من الصحف التي تتطلع الشركة إلى تأسيسها هناك بالقاهرة، وكذلك شخصيات عامة وسياسية ونقابية، لتتحول إلى رموز كبيرة يعرفون هم أنه سيتم توظيف نجوميتها في المستقبل وفقا لنظرية التوجيه بالشهرة!

لم يكن "أدهم" ولا "جون" ولا "عزيز" يعلمون أن "يعقوب" وبالتوازي لما يقومون به يقدم للرجل الكبير في العاصمة الأوروبية كل من "ادم" و"جاك".. يتم تكليف "ادم" بالمجئ للقاهرة للبحث عن أدباء يتم ترشيحهم لجائزة "الشجرة الذهبية" في إسبانيا شرط أن يكون المرشحون ممن فاتهم قطار الشهرة، ويشعرون بالظلم من الوسط الأدبي، ويبحثون عن فرصة الصعود بأي ثمن.. بأي ثمن!
من قصة ليست قصيرة وليست طويلة.. وغدا نكمل !
الجريدة الرسمية