رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب الطائر المسير


فجأة أصبحت الطيارات المسيرة هي الخبر الأول في نشرات الأخبار، وهي الطائرات التي تطير بدون طيار، وقد فرضت نفسها كسلاح فعال متعدد المهام في المعارك الحربية، وسعت الدول والجماعات المسلحة لامتلاكها، لأهميتها في توجيه ضربات موجعة للعدو بتكلفة منخفضة.


خاصة بعدما أصبح الآن شراء طيارة صغيرة بدون طيار ممكنا من خلال موقع أمازون بمبلغ 250 دولارا، وبعدما كانت ثلاث دول هي المتفردة بالإنتاج هناك الآن ٨٠ دولة تصنعها، وكل أسبوع تقدم الصين موديل جديدا، وهي تتطلب أن يكون لها طيار في محطّة أرضية. وهذا الطيار الأرضي يتحمل مسئولية قيادتها، ويضمن عدم وقوعها في أي حوادث، ويتدخل في حالات الطوارئ. لكنه لا يفعل ذلك بواسطة عصا تحكُّم مثل عصا توجيه طائرات الألعاب، بل إن عليه تحديد نقاط مسار الطائرة، وبعدها تقوم الطائرة بتوجيه نفسها بنفسها.

وهذا النظام لا يختلف كثيرا عن نظام طائرات نقل المسافرين الكبيرة والحديثة، التي تطير لمسافات طويلة بشكل تلقائي كامل باستخدام الطيار "الآلي"، فنظام الطيران الآلي فيها يحدد موقع الطائرة في الجو من خلال كَمّ هائل من البيانات، التي يجمعها بما يتوفر لديه من تقنيات: كالبوصلة ومقياس الارتفاع وعدّاد السرعة وجهاز الملاحة عبر الأقمار الصناعية GPS.

أما الطائرات بدون طيار، البعيدة بمئات الكيلومترات عن محطة التوجيه الأرضية، فلم يعُد يُتَحكَّم بها من خلال موجات الراديو، بل عبر الأقمار الصناعية. وذلك لأن الاتصال اللاسلكي بواسطة القمر الاصطناعي لا ينقطع على الأغلب. وكما يشرح موقع شركة "وينج" على الإنترنت، فإن تطبيق "أوبن سكاي" يستهدف تسهيل تحديد أماكن وتوقيتات تحليق الطائرات المسيرة سواء كان المستخدم "يهوى تطير الطائرات" أو شركة "تستخدم الطائرات المسيرة سواء للمراقبة أو لتوصيل الطلبات".

ولم يعد سلاح المواجهة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزّة، يقتصر على أنّ تقصف الأخيرة مستوطنات غلاف غزّة أو ما أبعد من ذلك، برشقات صاروخية محلية الصنع، بل دخلت الطائرات المسيرة التي تنطلق من غزّة على خط العمليات العسكرية بين الطرفين، وأجرت مهمات استطلاعية عدة، ونجحت إلى حدٍ ما في ذلك.

وتبدي أجهزة المخابرات مخاوفها من تلك الطائرات ذلك إنه التهديد الخاطف بامتياز.

فمن جهة، يعتمد على جهاز صغير وبسيط يمكن استخدامه بسهولة، ومن جهة أخرى لا بد من إمكانات هائلة للتصدي ولهذا حذّرت المفوضية الأوروبية، من مغبة استخدام الطائرات المسيرة في أغراض إرهابية، في ظل التطور التكنولوجي السريع ومن المعروف الآن أن حراس الزعماء والشخصيات الكبيرة يحملون أسلحة لتوجية تلك الطائرات بعيدا عن مواكبهم بالتشويش على البث الذي يسيرها، وتعمل عدة شركات في الدول الكبري على إيجاد حل لهذا الأمر، لكن أيًا منها لم ينجح في مواجهة أجهزة صغيرة، يصعب رصدها والقضاء عليها..

ولكن إن بين الوسائل المضادة للطائرات من دون طيار، التي لا تزال قيد الدرس، يشير الخبراء إلى طائرات مسيرة تطارد نظيراتها «العدوة» وتقضي عليها، أو إلى أنظمة رادار توضع على طائرات مسيرة بهدف رصد هدفها في أسرع وقت، أو إلى إشعاعات ليزر تدمّر أو تلحق أضرارًا من بعد بالطائرات المسيرة المهاجمة. أما استخدام النسور لمطاردة الطائرات المسيرة، وهي تقنية بدأتها هولندا وتم اختبارها في قاعدة جوية فرنسية، فلم يحقق حتى الآن النتائج المرجوة.
الجريدة الرسمية