الحقيقة الغائبة في وفاة العالم النووي المصري.. موته المفاجئ أثار الجدل.. وزميله المقرب يكشف أسرارا جديدة في حياته..اعتزل الرصد الإشعاعي منذ نحو 10 سنوات.. ولم يعمل في أي مشروع نووي طوال مسيرته
مساء الخميس الماضي، كان العالم المصري الدكتور أبو بكر عبد المنعم رمضان يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعدما دهمته أزمة صحية مفاجئة أثناء مشاركته في ورشة عمل في المغرب، نظمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما أظهر تقرير التشريح المبدئي للجثمان إصابته بأزمة قلبية، غير أن التكهنات وما صاحبها من الجدل الذي أثاره موت الرجل في ظروف وصفت بأنها غامضة، بعدما شعر بمغص أثناء المؤتمر واستدعاء الحديث عن اغتيال الموساد الإسرائيلي لعلماء مصريين مثل يحيى المشد وسميرة موسى وعلي مصطفى مشرفة وسعيد السيد بدير وغيرهم، وهي حوادث ظلت حتى الآن بمثابة ألغاز محيرة، دفع النيابة المغربية إلى إجراء تحاليل معمقة لجثمان العالم النووي المصري، سيتم إعلان نتيجتها خلال أيام.
"فيتو" من جانبها تحدثت مع العالم النووي يسري أبو شادي، أحد المقربين من أبو بكر رمضان، والذي قال بحسم: إن ما يثار عن وفاته مسموما غير صحيح على الإطلاق، مضيفا: "بحكم الزمالة التي كانت تربطني به فإن الوفاة بعيدة تماما عن وجود أي شبهة جنائية، ولكن لظروف صحية، لا سيما أنه كان يعاني من عدة أمراض من قبل بحكم كبر سنه".
أبو شادي أكد أن العالم المصري الراحل اعتزل العمل في مجال الرصد الإشعاعي والنووي منذ 10 سنوات تقريبا، منذ خروجه على المعاش في هيئة الرقابة الإشعاعية والنووية، حيث كان يشغل منصب رئيس الرصد الإشعاعي بالهيئة، موضحا أن رمضان لم يعمل في المشاريع النووية، ولكن عمله كان في مجالات الرصد الإشعاعي وتأثير الطاقة على البيئة، وكان دائما شغوفا بالسفر إلى الخارج للمشاركة في المؤتمرات والجلسات الخاصة ببحث تأثير الطاقة النووية على البيئة.
وأضاف: "رمضان شغل منصب مدير شبكة المراقبة المصرية بهيئة الطاقة الذرية بالقاهرة منذ عام 1994، ورئيس قسم تحديد المواقع والبيئة منذ عام 2006، وباحثا رئيسيا ببرنامج أبحاث الغلاف الجوي التعاوني الألماني المصري، بهيئة الطاقة الذرية منذ عام 1990، كما عمل محققا رئيسيا في مشروع التلوث البحري بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا منذ عام 2004، ومحققا رئيسيا في شئون جسيمات الهواء منذ عام 2005.
وحول حديث المؤامرة الذي دار وما تردد عن فرضية اغتياله لأنه كان مسئولا عن دراسة التلوث الإشعاعي لمفاعلات ديمونة وبوشهر في إيران وإسرائيل عقب أبو شادى قائلا: "هذا غير صحيح على الإطلاق.. أبو بكر كان من أوائل من يؤكدون أن مفاعل ديمونة يتميز بأعلى درجات الأمان لذا أستبعد فكرة المؤامرة".
وأوضح أن البعض عندما يسمع خبرا عن وفاة عالم نووي مصري في الخارج يأتي في اعتقادهم بأنه تعرض للاغتيال وهذه -وفقا لأبو شادي- مهاترات، لأنه منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وحتى الآن لم يعمل عالم مصري واحد في مشاريع نووية سرية سواء كان داخل الدولة أو خارجها".
حديث أبوشادي يفتح الباب أمام قضية أخرى وهي ضوابط سفر العلماء النويين المصريين للخارج، وما يستتبع ذلك من إجراءات لتأمينهم، وعن ذلك قال مسئول بهيئة الرقابة الإشعاعية والنووية –طلب عدم ذكر اسمه- إن العلماء المصريين عندما يعملون بالخارج فإن دورهم يقتصر على الجانب البحثي فقط، حيث يقومون بإجراء دراسات بحثية في مجالات تخصصاتهم، وليس لهم أي دور تكنولوجي في عمل أو تصميم مفاعلات نووية، ولذلك يعيشون حياتهم دون قيود أو حراسة.
وأضاف أنه في حالة طلب أي دولة عالما مصريا مخضرما في مجالات الطاقة الذرية للقيام بغرض معين يتم توقيع اتفاق يقضي بأن هذه الدولة هي المسئولة عن حماية هذا العالم وكل إجراءات تأمينه.
المسئول أكد أيضا أنه لا يوجد ما يمنع أي عالم نووي خرج على المعاش من المشاركة في مؤتمرات دولية عن الطاقة الذرية أو إعداد دراسات وأبحاث عن المفاعلات النووية طالما كان عضوا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وغير ذلك يمنع من المشاركة في المؤتمرات أو غيرها من الأنشطة البحثية.
وعن توفير مظلة تأمين العلماء في الخارج قال المسئول إنه حتى الآن لم تصل مصر إلى المستوى المطلوب لكي تدخل ضمن الدول الكبرى في حماية وتأمين علمائها وتعويضهم ماليا ومعنويا، مشيرا إلى أنه حتى في الدول المتقدمة وخاصة البارزة في المجالات النووية تؤمن علمائها في الداخل والخارج عبر توقيع اتفاقيات وقوانين تجعلهم واثقين من حمايتهم.
"نقلا عن العدد الورقي..."