في خضم معركة بريكست.. جونسون يتلقى الهزيمة تلو الأخرى
ثلاثة هزائم مدوية في غضون يومين: البرلمان البريطاني فرض القانون ضد البريكست بدون اتفاق وبأغلبية واضحة وصوت ضد تنظيم انتخابات جديدة كما اقترح جونسون. ولكون لفرض انتخابات جديدة يجب على رئيس الوزراء إيجاد سبل أخرى. لا يمكن بالطبع على هذا النحو تسيير دفة الحكم.
ضد إرادة رئيس الوزراء تولى البرلمان الثلاثاء جدول العمل لمجلس العموم وفرض الأربعاء القانون ضد البريكسيت بدون اتفاق كما رفض طلب بوريس جونسون إجراء انتخابات جديدة. فرئيس الوزراء لا يملك أغلبية في مجلس العموم، وينقصه في الأثناء على الأقل 29 صوتا. لكن انتصار البرلمان ليس إلا انتصارا مؤقتا.
على ماذا حصل النواب؟
النواب عملوا انطلاقا من الشعور بالمسئولية تجاه بلادهم، كما يؤكد نواب المعارضة في النقاش الختامي حول قانونهم الذي من شأنه تكبيل يدي بوريس جونسون ضد بريكسيت دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي. ومجموعة المتمردين من حزب المحافظين بزعامة جونسون التي انضمت يوما قبلها إلى جانب المعارضة ظلت صامدة حتى النهاية. ولم يكن لهم ما يخسروه، لأن رئيس الوزراء فورا بعد التصويت الخاسر الأول أبعدهم عن كتلة الحزب البرلمانية.
وفي الأثناء يوجد القانون في مجلس اللوردات حيث يحاول الأوفياء تجاه جونسون تأجيل التصويت. لكن يوجد أيضا لدى اللوردات غالبية قوية ضد بريكسيت بدون اتفاق بحيث أن القانون سيمر في النهاية. ويمكن أن يصبح ساري المفعول فور قيام الملكة بتأكيده.
لكن هل بإمكان القانون تحقيق الهدف؟ لا توجد شكوك في ذلك، لأن تصريحات بوريس جونسون بهذا الشأن كانت متضاربة. فمن جهة أعلن أنه لن يطلب في كل حال في بروكسل تمديدا لفترة البريكسيت إذا لم يوجد اتفاق في الـ 17 أكتوبر مع الاتحاد الأوروبي. ومن جهة أخرى قال بأنه سيلتزم بالقوانين. والكثير من نواب العمال مثل ليزا ناندي لهم شكوك:" لقد تعلمت في الأسابيع الأخيرة شيئا عن بوريس جونسون: أنه لا يمكن تصديق أي كلمة يقولها". ومبدئيا يتوقع الجميع بالتالي أنه سيتحاشى الالتزام الذي يفرضه القانون.
انتخابات جديدة نعم، لكن متى؟
الطريق الأسهل بالنسبة إلى رئيس الوزراء يقود عبر انتخابات جديدة. ويجب عليه فرضها على كل حال، لأنه حاليا "مشلول اليدين" في منصبه. وفي حال فوزه بانتخابات فقد يكون بإمكانه التخلص مجددا ببساطة من القانون غير المحبوب الذي منحه اسم "قانون الاستسلام". وهذا المفهوم من شأنه الإيحاء بأنه استسلام أمام الاتحاد الأوروبي للتفاوض حول اتفاقية وتأجيل تاريخ الخروج مرة أخرى. فيما يوجد بعض الزعماء مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذين فقدوا الصبر مع المشكلات البريطانية ويتطلعون إلى البريكست.
جونوسون يريد تنظيم انتخابات في الـ 15 أكتوبر بيومين قبل قمة الاتحاد الأوروبي الحاسمة، لأنه يريد في كل حال الوفاء بوعده، أي مغادرة الاتحاد الأوروبي "بأي ثمن" في الـ 31 أكتوبر. لكن حزب العمال منقسم: جريمي كوربي يقول بأنه سيفتح المجال أمام انتخابات عندما يصبح قانون البريكسيت ساري المفعول. وقد يحصل ذلك في الإثنين المقبل. ونائبه جون ميكدونيل يؤكد في المقابل بأنه يريد في الحقيقة انتخابات جديدة، لكنه لا يمكن الثقة في رئيس الوزراء، وبالتالي هو يريد الدعوة إلى انتخابات بعد قمة الاتحاد الأوروبي الحاسمة. فالتوقيت هنا حاسم وأجزاء من المعارضة تحاول الآن الحفاظ على امتيازاتها أمام رئيس الوزراء.
وإلى أبعد تقدير حتى الإثنين المقبل وجب على المعارضة التفاهم حول موعد انتخابي، لأن بوريس جونسون يجب عليه إذن الظهور بطلب ثان يمكن الموافقة عليه بأغلبية بسيطة. وإلا فإنه يجب عليه استدعاء النواب من العطلة الإجبارية التي فرضها هو بنفسه على البرلمان ما سيكون محرجا بالنسبة إليه. إلا أنه يتهكم على حزب العمال ويتحداه:" أن يكون حزب العمال منهكا بالجبن وأنه يرفض انتخابات جديدة، فهذا لا يمكن فرضه سياسيا".
الفوضى في صفوف المحافظين
طرد 27 من النواب المحافظين القدامى أثار الأربعاء حفيظة بعض الدوائر. والعملية حصلت بشكل سريع وبدون وازع بحيث أن بعض المحافظين قدموا اعتراضهم بتأخير. وبعد لقاء للنواب تم توجيه رسالة إلى جونسون يطالب فيها بالإمعان مرة أخرى في العملية.
خطة جونسون الشاملة
الثورة الثقافية داخل حزبه تمثل جزء من خطة بوريس جونسون. إنه يدمر المحافظين عندما يتخلص من الأعضاء الملتزمين بالتقاليد والمعتدلين والليبراليين. فالحزب كان دوما خيمة واسعة، لكن رئيس الوزراء يريد إعادة تشييدها إلى حزب شعبوي يميني. وهو يريد الفوز في الحملة الانتخابية فقط بالبريكست. والفكرة تتمثل في انتزاع أصوات من الحزب الشعبوي المعروف باسم حزب البريكست بزعامة نايجيل فاراج عندما يظهر جونسون على الأقل عنيدا وقاسيا مثل الزعيم الشعبوي فاراج. وفي حال حصوله على أصوات جميع أنصار البريكست، فإن الفوز بالانتخابات سيكون مضمونا. لكن هذا لن يكون بتلك السهولة. ففي سكوتلاندا سيخسر المحافظون، حسب استطلاعات الرأي الأولى، 10 من مقاعدهم الـ 13. وفي بعض أجزاء البلاد الأخرى يظهر السؤال هل الناخبون التقليديون سيقبلون بالتوجه الراديكالي الجديد.
وبالرغم من هذا كله لن يكون نجاح انتخابي لبوريس جونسون مضمونا. فالمحافظون متقدمون في الحقيقة في استطلاعات الرأي الأخيرة، لكن أربعة أسابيع حتى موعد الانتخابات الممكنة تُعد هذه الأيام وقتا طويلا في السياسة البريطانية.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل