إلغاء الدولار الجمركي والإصلاح الاقتصادي
إعلان وزارة المالية إلغاء التعامل بالدولار الجمركي اعتبارا من بداية شهر سبتمبر الحالى هو قرار عادل يوحد أسعار العملة الصعبة في السوق المحلى -صعودا وهبوطا-، فهو يعكس عدالة تطبيق إجراءات حساب قيمة الجمارك، ومن ثم عدالة أسعار السلع المستوردة للمستهلك المحلى.
تثبيت سعر العملة الصعبة لأجل حساب الجمارك كان يتم عن طريق تحديد سعر ثابت للدولار الجمركى ويتم تغييره كل شهر، مع أن قيمته الحقيقية للأسف تتغير تبعا للعرض والطلب يوميا.. وبالطبع هذا غير منطقى.
تثبيت سعر الدولار جاء في الماضى استجابة من قبل الدولة لطلب المستوردين، لسهولة حساب تكلفة الواردات حين كان الاقتصاد المصرى غير مستقر، واستجابت الدولة لتحمى المستورد من تغيرات أسعار العملة المفاجئة، وذات الفروق الكبيرة التي كانت تمثل ضغوطا على المستوردين في حساب تكلفة المنتج لتغيرها المفاجئ لحساب تكلفة الجمارك.
المعروف أن قيمة الجمارك -لمنع الإغراق من ناحية وحماية الصناعة المحلية من ناحية أخرى - تضاف إلى القيمة المدفوعة للمورد الأجنبى علاوة على تكاليف النقل والتخزين والتأمين وغيرها من التكاليف المباشرة وغير المباشرة، ويتم تحديد السعر النهائي للمستهلك بناء على المنافسة الحقيقية بعد تحديد الربح المستهدف في إطار العرض والطلب الحقيقي في الأسواق.
مع تغير أسعار العملة الصعبة عالميا أولا وتغير قيمتها أمام العملة المحلية، ثانيا لايمكن الاستمرار في وجود أسعار مختلفة لنفس العملة الصعبة؛ منها سعر حقيقي في السوق بيعا وشراء ومنها سعر آخر مثبت لحساب الجمارك وفى كل الأحوال يحدد المستوردين سعر البيع للمستهلك على حساب سعر البنك المركزى -وهو الأساس.
قيمة الجمارك التي تقدر بنحو ٤٥ مليار جنيه سنويا تزداد قيمتها المتوقعة في الموازنة إلى ٥٢ مليار جنيه بزيادة قدرها ١٥٪ تقريبا عن الموازنة السابقة وهذه القيمة للأسف كانت تحتسب على أساس ثابت دون حساب التغيرات اليومية في قيمة العملة.. أن ذلك غير عادل في التطبيق في كل الأحوال ويظهر بيانات مختلفة عن الواقع.
فالعبرة بوجود معاملات حقيقية تتم على العملة الصعبة بيعا وشراء، وهو السعر المقرر من البنك المركزى الذي يعكس عمليات تمت بالفعل ونتذكر جيدا أن ما أفسد سوق العملة في مصر في الماضي هو تثبيت أسعارها ولَم يعبر وقتيا عن قيمتها الحقيقية.
إظهار التكلفة الفعلية بالسعر المتغير وتحصيل الجمارك المستحقة كموارد للدولة هو تحقيق العدالة في تحديد التكاليف وهذا يؤثر بالإيجاب على إصلاح الخلل الهيكلى في الموازنة العامة بما لا يضر بالمستهلك، لأن المعيار هو احتساب القيمة الجمركية بالقيمة العادلة وبالسعر الحقيقي وليست بسعر صورى ثابت لقيمة هي أساسا بطبعها متغيرة.
الخلاصة: لا يمكن الاعتداد بسعر ثابت للعملة الصعبة لدفع القيمة الجمركية، فهذا السعر لا يمثل في الواقع القيمة الحقيقية المتغيرة للدولار.