الساحل الشمالي واخدنا على فين؟!
من أيام حدث أمران في الساحل الشمالى أثارا الجدل والغضب في الشارع المصري، الأول حفل النجمة العالمية التي غنت وهي شبه عارية وحضر حفلها ثلاثة من الوزيرات، وهذا لقي غضبا شديدا في الشارع المصرى، من عرى المطربة وحضور الحفل الوزيرات دون مراعاة أن مصر كلها كانت حزينة بسبب العمل الإرهابى وسقوط العشرات بين الشهادة والإصابة، وتدمير جزء من معهد الأورام مما تسبب في توزيع بعض المرضى على مستشفيات أخرى مؤقتا..
وقبل أن ينتهى الجدل والغضب من هذا الحفل العارى فوجئنا بحفل لـ"محمد رمضان" والصورة المنفرة التي ظهر عليها أثارت الجميع ولم يختلف أحد حول بئس ما يقدم للشباب، ومدى تأثيرها السيئ في المجتمع.
من الملاحظ أن ما كان يقدم في شرم الشيخ انتقل إلى الساحل، وكأن قبلة الحفلات تحولت وطبيعى بفعل فاعل وليس صدفة، والحقيقة أن الحفلين أثارا جدلا بين الناس، هذه الآلاف التي دفعت أقل تذكرة وصلت إلى خمسة آلاف جنيه، وهناك تذاكر في أماكن خاصة بخمسين ألف جنيه، وأن المنظم لحفل المطربة العالمية تربح من الحفل 12 مليون دولار، أرقام تتناقل وتتردد وسط أزمة اقتصادية طاحنة يعانى منها المواطن البسيط.
هناك شريحة اجتماعية تكونت وتربحت وبلغ الغنى مداه وهؤلاء لا علاقة لهم بالمواطن البسيط!، أصبحت أسعار الفيلات والشقق في المناطق الجديدة بالملايين، منها 60 مليون وكأنه رقم عادى جدا، هذه الطبقات بدأت من سنين وتوحشت وأصبح ما تملكه أكبر من خيال الفقراء، مثل أصحاب المعاشات الذين يحاربون من سنوات لضم العلاوات الخمسة، والتي لو طبقت سيزيد صاحب أعلى معاش 220 جنيها، وهو مبلغ ربما لا يساوى بقشيش قد يدفعه أي مليونير ممن يذهبون إلى الحفلات المليونية.
أيضا البعض يقول أن هذا يحدث عادى في البلاد المتقدمة أوروبا وأمريكا، فلماذا "نحبكها"، متناسين أن لكل بلد روح وشخصية يجب أن نحافظ عليها، كل الدول ذات الحضارات القديمة حريصة على الحفاظ على شخصيتها التاريخية والتي لا يمنعها من التقدم، اليابان، الصين، الهند...إلخ، علينا أن نعترف أن هناك جيلا أو شريحة من الأجيال الجديدة أصبح أو كاد ينسلخ من الهوية المصرية..
وأنقل للأصدقاء رسالة من مصرية كندية جاءت لزيارة مصر مع أولادها، ولكن كان هناك صدمة في انتظارها عبرت عنها برسالة نشرها الصديق العزيز السفير "سيد أبوزيد عمر" تقول فيها:
"يا ناس فوقوا وربوا عيالكم قبل فوات الأوان، ليه عيال في سن 15 سنة تشرب خمرة؟ ليه بنات تصاحب وتروح تقضى اليوم في بيت صاحبها؟ ليه العيال معاها بالألف لدرجة إنهم في السن ده خروجتهم يتغدوا في ساتشى!؟ ليه بنات تعمل عيد ميلادها 16 سنة وكأنه فرحها؟ ليه نعلم أولادنا كل شيء مباح وإن الفلوس ملهاش قيمة؟ ليه من سن 15 سنة البنت تلبس valentno Gucci ؟ ليه الساعة Rolex دلوقتى؟
طيب إيه اللى هيبسطهم لما يكبروا؟ ليه نطلع جيل بيقيم أصحابه على حسب عندهم فلوس قد إيه؟ والله مبحبش أقارن بس أصحاب بنتى في كندا آخرها جزمة converse ولو خرجوا راحوا السينما مينفعش ياكلوا بره علشان ميصروفوش كتير، لكن في نفس الوقت بيصرفوا الآلاف على الرياضة وتمارين وكورسات، المسألة كلها ثقافة أولويات..
أنا فعلا مصدومة من حجم المنظرة اللى الجيل ده هيتربى عليها، وإحنا مكناش كده!"
انتهى كلام السيدة المصرية وتعمدت نقله بأسلوبها البسيط كما فعل السفير "سيد أبوزيد عمر"، وتكمل على ما كتبته المصرية الغيورة على أبناء وطنها "السيدة عبدالرازق" قائلة:
"فعلا إحنا مكناش كده، وحقيقى فعلا كان فيه عرى بس فيه رقى، وحقيقى كان فيه خروج بس مكنش فيه إسفاف، وحقيقى مكنش فيه حجاب منتشر بس كان فيه التزام، وحقيقى كان فيه ماركات بس للشياكة مش للمنظرة لمن استطاع إليه سبيلا، كان العيب عيب مش حاجة عادى!
انعدام الأخلاق والنخوة بقت من العاديات.. آسفة إنى دقة قديمة، ويشرفنى أن أولادى يكونوا دقة قديمة، وأتمنى ويشرفنى إنى أجوزهم ناس معتدلين ودقة قديمة متعوب على تربيتهم، عارفين الحلال والعيب والحرام وعينيهم مليانة ومش محتاجين يبينوا ماركة مايوهاتهم عشان يبانوا إنهم ولاد ناس.. لأنهم أصلا ولاد أصول!"
أعود إلى سؤالى.. هل مايحدث في الساحل شىء عادى أم أنه خطر قد يتسبب في تصدع بعض عناصر المجتمع من قيم وحضارة وتاريخ؟!، علينا أن ننتبه وليس صحيحا أن ما نراه يحدث في العالم عادى.. ليس صحيحا وعلينا أن نفيق قبل وقوع كارثة!
وتحيا مصر بدماء وعرق أبنائها البسطاء في كل شبر من أرض مصر.