مئوية الملك.. "فريد شوقي"

في الثلاثين من يوليو 2020 تحل الذكرى المئوية لميلاد الملك "فريد شوقي"، أحد أهم نجوم وصناع السينما المصرية على مدار تاريخها الطويل ممثلا كبيرا ومنتجا ومؤلفا سينمائيا أيضا، والذي يقترب من 123 عاما ممثلا ومنتجا وكاتبا للقصة والسيناريو والحوار.

امتدت حياة الفنان الكبير المهنية نحو أكثر من 50 عاما، تألق خلالها وشارك في أكثر من 300 فيلم، وهو يزيد على عدد الأفلام التي أنتجت بشكل جماعي في الوطن العربي كله، ولم يقتصر عطاؤه على السينما فقط ولكنه مثل وكتب وانتج للمسرح والتليفزيون، كما عمل مع ما يقرب من مائة منتج ومخرج.

غطت شعبيته مجمل العالم العربي، بما في ذلك تركيا، حيث إنه أنتج بعض الأفلام هناك، والمخرجين دائما يخاطبونه بصفته "فريد بيه" (بيك) بالرغم من عدم حصوله على لقب البكوية رسميًا، ولكن كدليل على الاحترام. كما عمل مع أكثر من تسعين مخرجا ومنتجا.

"فريد شوقي" بما قدم من عطاء سينمائي كبير يستحق أن تحتفل مصر كلها بمئوية ميلاده، وأن تشارك الجهات الرسمية والشعبية والمجتمع المدني في احتفاليات تستمر طوال 2020 تقديرا لعطاء هذا الفنان الكبير، الذي ترك بصمة واضحة ليس في تاريخ السينما المصرية وحدها، ولكن في الضمير والوجدان العربي على مدار قرن من الزمان، وسوف يستمر تأثيره قرون أخرى قادمة.

إننى أتمنى تشكيل لجنة رسمية وشعبية للاحتفال بمئوية "فريد شوقي" تقديرا لعطائه الكبير لا للفن السينمائي وحده ولكن للإنسانية كلها. وأن تكرمه كل المهرجانات والجمعيات السينمائية والعربية قبل أن تكرمه وزارة الثقافة، بل أن أفلامه التي غيرت قوانين وسلوكيات تستحق أن يكون الاحتفال أرقى وأكبر من مجرد تكريم، مصر التي تعرف جيدا أقدار أبنائها وعطائهم في شتى المجالات قادرة على تكريم نجم قلما يجود الزمان بمثلة.

ولد "فريد شوقي" في يوم 30 يوليو 1920 بحي البغالة بالسيدة زينب بالقاهرة، بينما نشأ في حي الحلمية الجديدة، حيث انتقلت إليه الأسرة. وهذا الحي يتوسط عدة أحياء شعبية قديمة، كأحياء السيدة زينب والقلعة والحسين والغورية وعابدين وشارع محمد على وباب الخلق. وتلقى دراسته الابتدائية في مدرسة الناصرية التي حصل منها على الابتدائية عام 1937 وهو في الخامسة عشرة، ثم التحق بمدرسة الفنون التطبيقية وحصل منها على الدبلوم، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

عام 1946 كانت أول أعماله مع "يوسف وهبي" في فيلم ملاك الرحمة، ومثل مع الفنانة الكبيرة "أمينة رزق" فيلم "ملائكة في جهنم" عام 1947، والفيلم كان من إخراج حسن الإمام في أول تجربة له.

ومع بداية الخمسينيات بدأ يغير جلده نوعا ما ليقدم شكلا آخر للبطل بعيدا عن صورة الشر التي ظل يؤديها طوال الفترة الأولى من مسيرته في أفلام مثل "قلبي دليلي" عام 1947 إخراج أنور وجدي، "اللعب بالنار" عام 1948 للمخرج عمر جميعي، فيلم "القاتل" عام 1948 إخراج حسين صدقي، "غزل البنات" عام 1949 إخراج أنور وجدي، وغيرهما من الأفلام التي أدى فيها أدوارا صغيرة كلها تدور في إطار الشر عن طريق رفع الحاجب وتجهم الوجه.

بعد ذلك غير جلده تماما وأصبح البطل الذي يدافع عن الخير في مواجهة الأشرار أمثال محمود المليجي، زكي رستم، وجاءت أفلامه في هذه المرحلة متميزة ومنها فيلم "جعلوني مجرما" عام 1952 للمخرج عاطف سالم، وهو الفيلم الذي ألغى السابقة الأولى للأحداث، وهو من تاليف فريد شوقي ورمسيس نجيب، وقد شارك في كتابة السيناريو والحوار فيه "نجيب محفوظ"، بل أن "فريد شوقي" و"صلاح أبو سيف" هما صاحبا الفضل في إثراء السينما المصرية والعربية بكتابات نجيب محفوظ قاصا وروائيا وكاتبا للسيناريو.

بعد هزيمة يونيو 1967 سافر إلى تركيا وقضي هناك سنوات، عمل خلالها نجما ومنتجا سينمائيا، قدم خلالها خمسة عشر فيلما منها "مغامرات في إسطنبول"، مع فريدة، رأفت طرنزاي، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج سانر. وفيلم "شيطان البوسفور" عام 1968، مع الممثلة التركية المشهورة، هوليا ومراد سويدان، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج نيازي مصطفى.

فيلم "bir damat araniyor" عام 1968 مع طروب ومعنقد إيسن، وتأليف وإخراج المخرج التركي، هولكي سانير. فيلم "عثمان الجبار" عام 1968، مع هوليا كوتشيت، تأليف عبد الحي أديب، وإخراج عاطف يلمز. فيلم "turist omer arabistanda" عام 1969، البطولة مع مهمت على ونصر سيف، وإخراج هولكي سانير.

فيلم "رجل لايعرف الخوف" عام 1969، البطولة مع رحا يرداكول، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج ماتين أركسان. فيلم "eyvah" عام 1970، البطولة مع يوسف شعبان وإيفا بندر، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج ماتين أركسان. فيلم "makber" عام 1971، البطولة مع أنجين صغلار وأيميل ساين، وإخراج ماتين أركسان.

فيلم "الصعلوك" عام 1972، البطولة مع جونل هانسي وأحمد سليمان، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج يلمز كوني. فيلم "غوار لاعب كرة" عام 1973، وهو فيلم مصري سوري تركي، البطولة مع دريد لحام، أرول وفاهي يوز، تأليف نهاد قلعي، وإخراج عاطف يلمظ.

فيلم "babalarin gunahi" عام 1973، البطولة مع سونا كسكين وسيمرا سار، وإخراج مهمت إسلان.

استمر فريد شوقي بطلا حتى وصل إلى مرحلة الكبر فقدم أفلاما كان هو نجمها ومنها "رجب الوحش" عام 1985 لكمال صلاح الدين، "سعد اليتيم" عام 1985 للمخرج أشرف فهمي، "عشماوي" 1987 لعلاء محجوب، "قلب الليل" 1989 للمخرج عاطف الطيب..

توفي فريد شوقي في يوم الإثنين 27 يوليو 1998 عن عمر ناهز الـ78 على إثر التهاب رئوي حاد دام لمدة نحو عامين نتيجة كثرة السجائر التي كان يدخنها قبل رحلته مع المرض. وشيعت جنازته بشكل مهيب جدًا من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير عقب صلاة الظهر ودفن بقبره الخاص بمنطقة الإمام الشافعي.