مصر للمتمردين
منذ مطلع الشهر الحالي، بدأ بعض شباب الثورة المصرية حملة باسم «تمرد»، وهي تهدف إلى جمع توقيعات من ملايين المصريين علي وثيقة تهدف إلى سحب الثقة من الرئيس الحالي محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وتقول الوثيقة في صيغة مبسطة «علشان الأمن لسه مرجعش للشارع، علشان الفقير مالوش مكان، علشان لسه بنشحت من بره، علشان حق الشهيد مجاش، علشان مفيش كرامة ليا ولبلدي، علشان الاقتصاد انهار... أُعلن أنا الموقع أدناه سحب الثقة من محمد مرسي العياط».
واستطاعت الحملة أن تجمع مليون توقيع في الأسبوع الأول ومليونا آخر في الثلاثة أيام التالية، ثم توالت التوقيعات في الداخل والخارج بهدف الوصول إلى 15 مليون توقيع قبل مليونية «إسقاط مرسي» أمام الاتحادية يوم 30 يونيو القادم.. والملاحظ في هذه الحملة:
أولا: الحملة تمثل عودة الحركة الثورية مرة أخرى إلى الشباب، والذين هم الوحيدون القادرون علي إسقاط الأنظمة، فقد فعلها هؤلاء الشباب من قبل مع مبارك والعسكر وقادر أن يفعلها مع مرسي، ولهذا فمنذ اليوم الأول والنظام الحالي يعلم خطورة هؤلاء الشباب.
ولا نبالغ إنْ قلنا إنّ «محمد الجندي» أخطر علي النظام من «محمد البرادعي»، والناشط «عمرو سعد» أخطر عليهم من «عمرو موسي» و«جيكا» أخطر من «حمدين».. ولهذا قتلوا جيكا والجندي وقتلوا سعد إكلينيكياً.
جيل شاب ثائر لا يقبل بأنصاف الحلول ولا يقبل بأي قدر من التراجع أو المواءمة مع أي نظام لا يوفر له حياة أفضل، جيل شاب نشط يغير الآن ولا ينتظر اجتماعات أو قرارات أو قوانين.
وكأن هذا الشباب الثائر يعطي قبلة الحياة لمعارضة أصبحت علي مقاس النظام الحالي، ولولا أن نظام مرسي يعاني من نفس شيخوخة وانخفاض الذكاء السياسي مثل تلك المعارضة لابتلعنا هذا النظام العنكبوتي.. ولهذا أتذكر في مقابلة مع الدكتور محمد أبو الغار في كندا، سألناه عن تمثيل الشباب في جبهة الإنقاذ، وطالبنا منه أن تحدد جبهة الإنقاذ موقفها؛ إما أن تلعب «سياسة» أو «ثورة» لكن الجمع بين الأمرين يضر ولا ينفع..
ثانياً: وثيقة «تمرد» تمثل نضالا ثوريا سلميا في مجتمع أغلبيته «مسالم»، مكتوبة بصيغة بسيطة مفهومة في مجتمع أغلبيته «غير متعلم»، تخاطب الفقراء قبل الأغنياء في مجتمع أغلبيته «تحت خط الفقر»..
ثالثاً: الوثيقة تخاطب أهم الأمور في حياة الإنسان مثل الأمن والفقر والكرامة الإنسانية، وهي أمور لا يختلف عليها اثنان، وهو تحول تكتيكي هام في النضال ضد الإخوان.. فمن المعارضة اعتماداً علي اختلافات في توجه سياسي مثل دستور أو إعلان دستوري أو ضمانات انتخابات، لا يتجمع حولها إلا صفوة المجتمع، إلي معارضة اعتماداً علي أمور حياتية واقتصادية للمواطن مثل فشل الخطط الاقتصادية والأمنية، والتي يجتمع حولها المجتمع بأكمله.
ولهذا لم يكن غريباً، أن تنشر صحيفة «اليوم السابع» صوراً لإخوان يوقعون علي الوثيقة.. فالحد الأدني من الضمير الاجتماعي وعدم التبعية للمرشد كفيل بأن يجعل أي مصري يوقع علي تلك الوثيقة..
رابعاً: وثيقة «تمرد» تمثل اختيارا سهلا للمشاركة ممن يطلق عليهم «حزب الكنبة» وهو الجناح الذي لا يريد أن يتحرك أو يشارك ويكتفي بالمشاهدة ولم يحدد توجهه بعد.. فهو الذي تعاطف مع الثورة يوم 28 يناير ثم تعاطف مع مبارك في خطابة الثاني، ولعن الثورة، ثم تعاطف مع الثورة في موقعة الجمل ثم تعاطف مع العسكر بعد التنحي ثم تعاطف مع شهداء ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ضد العسكر، ثم لعن الثورة بعد تولي مرسي وتمني عودة العسكر، ومازال يتعامل مع الثورة مثل فيلم سينمائي اختلفت نهايته عما يريد.. وهؤلاء وجدوا ضالتهم في التوقيع علي وثيقة ليعودا إلي «كنبتهم» ويشاهدون ما ستفسر عنه الأيام في الحرب المصرية ضد جماعة الإخوان.
أكاد أجزم علي نجاح تلك الحملة، فنحن نعيش الآن نفس أجواء يناير 2011 سواء المصرية والتونسية، فهناك حركة شعبية تنتشر علي الأرض، يقابلها نظام حاكم يكتفي هو ومنافقوه بالسخرية والتهكم في قنواته ووسائله الإعلامية.. حركة معارضة تخاطب الناس ببساطة تقابلها سلطة تتعامل بمنتهي الغرور والتعالي، ولهذا فالنتيجة واحدة، وكما حدث مع مبارك وابن علي سيحدث مع مرسي..
إن لم تكن وقعت علي وثيقة «تمرد»، فمن فضلك قم بتوقيعها الآن، وأرسلها إلي مندوب تلك الحملة في المكان الذي أنت فيه.
إذا لم تكن قد وقعت تلك الوثيقة، فمن فضلك قم بتوقيعها وضع صورتك وأنت توقع عليها علي موقع التواصل الاجتماعي لتحفز أصدقاءك ولتؤازر إخوانك في وطننا الأم.
هلم نفعل شيئا حتي تتخلص بلادنا من هذا الاحتلال الذي سيعيدها قرونا للخلف.....
وستعود مصر «للمصريين»، مصر «للمتمردين»..