«الأحزاب» بوابة الإخوان لاحتلال أوروبا.. البداية من كندا.. تزايد معدلات انضمام أعضاء الجماعة الإرهابية بكثافة للأحزاب السياسية.. والاستحواذ على صناعة القرار من الداخل السبب الأول
«مغالبة لا مشاركة».. واحد من العناوين البراقة التي كانت ترفعها جماعة الإخوان الإرهابية، في بداية رحلتها لتدمير أي بلد، واستخدمت العنوان في طريقها لحكم مصر، والأمر ذاته تكرر في عدد من الدول العربية، غير إن الجماعة وجدت أنه أصبح لا يصلح للاستخدام السياسي في أوروبا، القارة العجوز التي بدأت تنتبه لـ«الخطر الإخواني»، ومثلما انتبهت أوروبا لم تكن الجماعة في غيبوبة، حيث بدأ قادتها في تنفيذ مخطط «الاختراق من الداخل» لعل وعسى الضربات المنتظر توجيهها إلى جسد الجماعة المنهك تكون غير ذات أثر.
المتابع الجيد لتاريخ الجماعة، في المنطقة العربية، أو الدول الغربية، سيكون على قناعة كاملة أن الجماعة اعتادت عدم ترك أي باب دون أن تطرقه، لتنفيذ أهدافها المعادية لكل القيم أغاروا على الشرق، وفشلوا في تنفيذ مخططاتهم، سقطوا في جميع البلدان العربية، التي مكنتهم من الربيع العربي، فجعلوه نارًا لا ترحم أحدًا، والآن يبتكرون كل حيلة لاختراق البلدان الغربية، عبر الانخراط في صفوف الأحزاب الرئيسية، للسيطرة على مراكز صنع القرار السياسي فيها.
إسقاط مصر
الخطة التي اتبعتها الجماعة، ونشطت فيها بشدة على مدار السنوات الماضية، وتحديدًا بعد إسقاطها في مصر، وانقلاب الدول الخليجية عليها، بعد أن كانت تقدم لها الدعم الكامل، كلما دخلت في صراع مع الدولة المصرية، تعتمد على التسلل للأحزاب السياسية، للاستحواذ على عملية صناعة القرار من الداخل، لمواجهة القرارات التي تصدر ضدهم هناك، أو كمرحلة تمهيدية لبدء مواءمات تنحاز للتيارات الدينية، وتمكنها من الحصول على مصالح كبرى.
يركز الإخوان تحديدا على الأحزاب الكندية، اعتمادا على مناورات بعض قادة الأحزاب السياسية، الذين قبلوا بعقد صفقات معهم من أجل الحصول على أصواتهم، وخاصة الحزب الليبرالي الكندي، الذي أصبح قبلة الإسلاميين، وبسببه ستعاني كندا كثيرًا من الإسلام السياسي، إذ يعقد الحزب عشرات اللقاءات مع أعضاء حزبيين من المتطرفين الإسلاميين، وهي ممارسات فضحها حزب الشعب الكندي، الذي حذر من ضم هؤلاء للوسط السياسي الكندي، فهم برأيه «ينتظرون اللحظة المناسبة لاستخدام النظام الكندي، من أجل تحقيق أهدافهم، التي تعادي القيم الغربية، والكندية على وجه الخصوص».
كندا
وبحسب مصادر، يدخل الإسلاميون الأحزاب الغربية، من بوابة الدفاع عن الحقوق الإنسانية، ومناهضة العنصرية وأوروبا البيضاء، وهي شعارات تلقى قبولا لدى الكثير من الجمعيات الحقوقية، والتيارات الليبرالية، التي ما زالت تؤمن بضرورة دمج التيارات الدينية في المجتمع، على أمل إصلاحهم، وهي مبادئ ثبت زيفها، فلا الإسلامي يغير من قناعاته، ولا الفكر المحافظ بطبعه، يميل إلى الترحيب بالنقد، ويبقى على أمل انتظار اللحظة المناسبة، للانقضاض على السلطة، ويسيرها طوع مصالحه، حتى لو بقى من أجلها ينتظر حتى نهاية الزمان.
الوصول لهذه اللحظة، واختراق الأحزاب الكندية، جعل المجتمع هناك يدرك خطورة الأيديولوجية الدينية على النسيج الاجتماعي والحريات في كندا، فالتسلل للأحزاب، ليس خلفه أي نوع من النضال الإنساني، لكن الغزو متعدد الأوجه، يشكل تهديدًا وجوديًا للمجتمع، خاصة أن العديد من السياسيين الكنديين يعتمدون سياسة التهدئة ويخضعون لتهديد مجموعات كبيرة من الإسلاميين، أصبحوا يفرضون تفسيرهم للإسلام السياسي على مجتمع ديمقراطي وعلماني بموجب القانون.
وتدعم خطة الإخوان بالتسلل داخل الأحزاب السياسية والمنافسة على أقوى المناصب فيها، شبكة من الجماعات الإسلامية، الذين يشكلون أيديولوجية بغيضة لمجتمع مفتوح، فممارساتهم متطرفة إلى حد كبير، خاصة في المناطق التي يعيشون فيها، فهم يتعاملون دائما، على اعتبار أن أيديولوجيتهم أصبحت تتفوق على دستور وميثاق الحقوق والحريات في كندا.
خطة الجماعة
هذه الخطة التي كشف أجزاء كبيرة منها ماكسيم بيرنييه رئيس حزب الشعب الكندي، تتفرع حاليا في العديد من البلدان الغربية، مثل فرنسا، وبلجيكا، والمملكة المتحدة، وهي مرحلة متقدمة، جرى العمل عليها سريعا بعدما أصبح التيار الديني يواجه نزعات استئصالية من الغرب والشرق، لذا يسعون بقوة للسيطرة على جميع أشكال التنظيم الاجتماعي، بما في ذلك الهيمنة على جميع المسلمين الآخرين، غير الإسلاميين.
الغزو الصريح، الذي أصبح معلنا للجميع، جعل شخصيات مثل حسن البنا، وأبو الأعلى المودودي، وسيد قطب، من المشاهير في أوروبا، الذين يتم البحث عنهم دائما في مواقع التواصل، ومحركات البحث، لمعرفة وجهات نظر التيارات الدينية في البلدان الغربية، وكذلك الثقافة ونمط الحياة، وهو ما يشير إلى فشل الساسة الكنديين، ونظرائهم ببعض الدول الغربية، في معرفة هذه الأفكار قبل عقد المواءمات مع الإسلاميين، من أجل ملايين الأصوات التي يمتلكونها من جراء استقرارهم في البلاد منذ عقود.
التواصل الاجتماعي
المثير هنا أن مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تعج بالكثير من الأسئلة التي تسبب حرجًا للساسة في الغرب، على رأسها، هل هم على استعداد لرفض الأيديولوجية الإسلامية والدفاع عن القيم الكندية مثل حرية التعبير وحقوق المرأة؟ أم أنهم سيقدمون المجتمع على طبق من ذهب للإسلاميين، وبالتالي سيكون من حق السكان، المقاومة بأنفسهم.
هذه التفاعلات النشطة على قضية تسلل الإخوان والتيارات الدينية إلى الأحزاب السياسية، يراها سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، من ملامح الوعي المتزايد لدى الغرب حاليا، بأهمية نبذ كل شكل يمكن أن يوطن التعصب الإسلامي، وتكيف الإسلام السياسي في هذه المجتمعات، حتى لا تصبح واحة للأيديولوجيات الخطيرة التي تسللت إليهم، وستنفذ إلى بلاد أخرى، تصيبها بالعدوى.
وأوضح الباحث، أن «ظهور الإسلام السياسي، بهذا الشكل على الساحة السياسية بالغرب، يجعلهم ينشطون بقوة لإعادة اكتشاف جذورهم الاجتماعية والفكرية والسياسية، وضرورة المقاومة لإحيائها في مجتمعاتهم، وتصدير المخاوف بشأن الخطط السرية التي تحدث سواء بوعي السياسيين، أو على غفلة منهم، وكذلك إعادة ترتيب عملية الصعود للسلم السياسي والاجتماعي، ومن تحديدا، الذي يجب أن يكون في المقدمة، أو في الصورة بالأساس»، كما كشف أن «هناك مخاوف حالية من ما سيصبح المجتمع عليه بعد 20 أو 30 عامًا، في ظل القلق المتنامي من مستوى الهجرة التي يسمحون بها ونوعية المهاجرين الذين يفتقرون إلى الموارد المالية، فمشكلة الاندماج دائما تأتي من الأحياء الفقيرة، لأن الإسكان صعب، والتعليم صعب، وقدرتهم على تحمل التكاليف صعبة، وفلسفة العقل الغربي، تقوم دائما على تهيئة الطريق للنجاح وليس للإخفاق».
أما إبراهيم ربيع، القيادي السابق بالجماعة، فأكد أن «هذه الانتفاضة، هدفها إعادة تشكيل المجتمعات الغربية، فهم ليس لديهم أزمة في الترحيب بالمسلمين وغيرهم، ولكن الذين يرغبون في العيش وفقًا للقيم الغربية، التي تفصل بشكل تام بين الدين والدولة، وتساوي بين المرأة والرجل»، وتابع: أوروبا أصبحت تريد عددًا أقل من المهاجرين، من أجل التماسك الاجتماعي، خاصة أن دولا مثل كندا تعج بالمشكلات بالفعل، بسبب المهاجرين الذين لا يشاركونهم نفس القيم، ولا يملكون أي مشاعر رافضة لأيديولوجيا الكراهية والتعصب، التي يدين بها الإسلاميون الراديكاليين، الذين يريدون فرض قيمهم البربرية على كندا، وعلى العالم أجمع. على حد قوله.
"نقلا عن العدد الورقي..."