نجيب محفوظ يكتب: تركت السينما بسبب الرقابة
في نهاية عام 1959 وقع اختيار وزير الثقافة المصرى الدكتور ثروت عكاشة على الأديب الكبير نجيب محفوظ ليشغل منصب مدير عام الرقابة على السينما.
وكما نشرت مجلة الإذاعة عام 1959 قال الأديب الكبير نجيب محفوظ "رحل في مثل هذا اليوم 30 أغسطس 2006":
بمجرد صدور قرار تعيينى مديرا للرقابة أنهيت علاقتى مؤقتا بكتابة سيناريو الأفلام تفاديا لشبهة التربح من المنصب مما سبب لى خسائر مادية كبيرة فقد كنت قد أخذت شوطا طويلا في كتابة السيناريو بعيدا عن رواياتي.
وأضاف: أرى أنه يحق للفنان أن يقول ما يشاء ويعبر عن نفسه بالأسلوب الذي يراه مناسبا بشرط عدم الدخول في مشكلات دينية قد تؤدى إلى الفتنة الطائفية، ثم مراعاة المحافظة على الآداب العامة وقيم المجتمع وتقاليده في حدود المعقول.. وهذا هو مفهومى للرقابة كما فهمتها ليست فنية ولا تتعرض للفن ووظيفتها ببساطة هي أن تحمى سياسة الدولة العليا.
وتابع: وضعت سياسة بين الرقباء من أول يوم بدأت عملى تنص على أن أي ملاحظات في السيناريوهات المقدمة لنا يمكن حلها بالمناقشة والحوار، مع الأخذ في الاعتبار أن الأصل في الفن هو الإباحة أما المنع فهو مثل الطلاق أي أبغض الحلال.
وكتب الكاتب الصحفى رجاء النقاش حول ذكريات نجيب محفوظ قال: من أول المصادمات مع الأديب نجيب محفوظ أثناء تواجده بالرقابة عندما ظهرت الأغنية التي تقول (يا مصطفى يا مصطفى أنا بحبك يا مصطفى، سبع سنين في العطارين.....) إلى آخر الأغنية.
فوجئت بمراقب الأغانى يصدر قرارا بمنع الأغنية من الإذاعة وكانت تذاع بالراديو كل ساعة على الأقل والناس تغنيها في الشوارع، ولما سألته عن سبب المنع بصفتى مدير عام الرقابة..أعطانى أغرب إجابة يمكن أن أسمعها في حياتى إذ قال لى: إن مؤلف الأغنية يقصد مصطفى النحاس زعيم الوفد التاريخى، وأن سبع سنين تشير إلى مرور 7 سنوات على قيام ثورة يوليو.
وأضاف محفوظ اختلفت مع المشرف على رقابة الأفلام لأنه سمح بعرض فيلم سينمائى أجنبي يسيء إلى اليابان وكنت أرى ضرورة منعه من العرض فاليابان في ذلك الوقت كانت صديقة لعبد الناصر ولمصر في مواجهة أمريكا.
وفى اليوم الأول للعرض كان السفير اليابانى في مكتب عبد الناصر لتقديم احتجاجا على عرض الفيلم مما سبب أزمة كبيرة أصدر على أثرها قرارا برفع الفيلم من دور العرض ورد ثمن التذاكر للمواطنين.