عضو "محلية البرلمان": هناك تراخٍ بمواجهة الأسواق العشوائية وأصحاب المحال استولوا على الأرصفة
- 4.5 مليار متر إجمالى التعدى على الأراضى الزراعية والحكومة تتأخر دائمًا
- قانون الإدارة المحلية الحالى يعطي المحافظين حرية إزالة أي تعديات على أملاك الدولة
- المشكلة أن الحكومة لا تتحرك إلا بتوجيه مباشر من رئيس الجمهورية
"أنا ضد الفوضى والإهمال واللا دولة"..هكذا تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح مشروع "الصوب الزراعية"، بقاعدة "محمد نجيب" العسكرية، قبل أيام قليلة.
رغم أن هذه الرسالة جاءت في سياق الحديث عن استيلاء بعض رجال الأعمال على أراضى الدولة بمنطقة "كينج مريوط"، وضرورة استردادها فورًا، إلا أن الرأى العام تلقف هذه الرسالة واستقبلها بحفاوة وترحاب شديدين، وتعامل معها باعتبارها تؤصل لمرحلة جديدة من تاريخ مصر، مرحلة تخاصم الفوضى، وتكره الإهمال، وتستعيد مفهوم "الدولة" بمعناه الحقيقى الذي غاب إلى حد التلاشى، في سنوات سابقة، لأسباب كثيرة، يجهلها القاصى والدانى، وتُخضع الجميع، غنيًا وفقيرًا، للقانون.
لا يختلف اثنان على أن الرئيس "السيسي" يتطلع إلى بناء دولة حديثة منظمة، لا مكان فيها للفوضى والإهمال، ولكن الواقع يؤكد أن الحكومات المتعاقبة لا تواكب فكر الرئيس وتطلعاته، ولا تستطيع تحقيق المنجزات التي يتمناها ويتطلع إلى تحقيقها؛ من أجل وضع مصر في مصاف الدولة المتقدمة.
الفوضى والإهمال عنوانان رئيسيان في معظم محافظات مصر، إن لم يكن جميعها، سواء بسبب تغافل المحافظين، أو فساد المحليات، أو نفوذ رجال الأعمال وأصحاب المال، أو تعايش المصريين مع الفوضى والإهمال؛ باعتبارهما واقعًا يستعصى على التغيير، إلا أن الرسالة الأخيرة للرئيس جددت الأمل، بأنه قد يأتى يوم تتطهر فيه البلاد من مظاهر الفوضى والإهمال واللادولة، وهذا لن يحدث بين عشية وضحاها، ولكنه يتطلب إرادة حقيقية وجادة وقادرة من حكومة الدكتور "مصطفى مدبولى"، التي بات عليها أن تضع رسالة الرئيس نُصب عينيها، وتعتبرها ملهمًا ونبراسًا لها في القضاء على ما تبقى من مظاهر الفساد، بكل صوره.
انطلاقًا من رسالة الرئيس، واستشعارًا للمسئولية الوطنية.. أجرت "فيتو" مسحًا بمحافظات مصر، ورصدت جانبًا من مظاهر الفوضى والإهمال، وتحدثت مع بعض أهل الخبرة والاختصاص، عن كيفية التخلص منها، واستعادة هيبة الدولة..
وفى هذا السياق أكد عبد الحميد كمال، عضو لجنة الإدارة المحلية في مجلس النواب، أن الحكومة غير جادة في مواجهة الفوضى، ولا تتحرك إلا بتعليمات الرئيس، مشيرا إلى أن هناك حالة تراخٍ غير مبررة من قبل المسئولين، خصوصا أن القانون منح المحافظين على سبيل المثال كافة الصلاحيات ولكن المشكلة تكمن في التنفيذ، وبرأ النائب كمال البرلمان من مسئولية انتشار الفوضى والفساد، لأن التشريعات المطلوبة قائمة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أزمة غياب المجالس الشعبية المحلية.. وإلى نص الحوار
= الرئيس مؤخرا تحدث عن الفوضى وأكد أنه ضدها وفي مواجهتها.. ما أبرز مظاهر الفوضى في مصر؟
_ دعنا ننطلق من حديث الرئيس عن الفوضى، وتحديدا فيما يتعلق باسترداد أراضي الدولة، فما تم رصده من تعديات على الأراضي الزراعية تجاوز ملايين الأفدنة، بينما على أراضي البناء بلغت نسبة التعديات ما يقرب من 4 ونصف مليار متر، ولم تتحرك الحكومة للتنفيذ إلا بتوجيهات الرئيس.
= وهل نفذت الحكومة توجيهات الرئيس في هذا الشأن؟
_ منذ قرابة سنتين استجابت الحكومة لتوجيهات الرئيس، وفتحت الباب لتقنين الأوضاع، وتقدم لتقنين الأوضاع 278 ألف طلب، وحتى الآن لم يتم تقنين غير 1333 حالة فقط، وهذا دليل على أن الحكومة غير جادة في مواجهة الفوضى.
= هل الحكومة في حاجة للتشريعات على سبيل المثال لتقوم بدورها؟
_ قانون الإدارة المحلية المعمول به حاليا يعطي المحافظين الحرية كاملة في إزالة أي تعديات على أملاك الدولة.
= إذن فأين المشكلة؟
_ المشكلة كما ذكرت أن الحكومة لا تتحرك إلا بتوجيه مباشر من رئيس الجمهورية
= ولكن في التوجيه لا يتم التنفيذ على أكمل وجه.. على سبيل المثال كما ذكرت النسبة التي تكاد تكون معدومة في تنفيذ قرارات تقنين وضع اليد؟
_ هذا صحيح.. لأن الحكومة ليس لديها إرادة تفعيل القانون والقيام بدورها على أكمل وجه وكما ينبغي.
= وهل الفوضى مرتبطة فقط بالمحليات؟
_ الفوضى في أكثر من ملف ولكنها الأكثر في المحليات، فعلى سبيل المثال تقنين أوضاع الأراضي المعتدى عليها في يد المحليات.
= وهل الفوضى تقف فقط عند ملف استرداد الأراضي التي تحدث عنها الرئيس؟
_ هناك فوضى وتراخٍ وعدم مواجهة الأسواق العشوائية في عدد كبير من المحافظات، بعض أصحاب المحال استولوا على أرصفة الشوارع، ويتعاملون معها وكأنها ملك لهم، وهو ما يترتب عليه إغلاق هذه الشوارع مما يسبب زيادة معدلات الحوادث، بالإضافة إلى عدم تطبيق القانون فيما يتعلق بالجراجات الخاصة بركن السيارات، وفي المقابل يستغل البعض الشوارع في ذلك، مما يعطل حركة المرور وما يترتب عليه من حوادث ومشكلات.
= وأين البرلمان؟
_ الأمر لا يتعلق بالبرلمان لأن التشريعات الحالية المعمول بها كما ذكرت موجودة ولا يتم تنفيذها، الأزمة الحقيقية في تفعيل القانون.
= لكن البعض يعول على بعض التشريعات مثل قانون الإدارة الملحية؟
_ بالفعل قانون الإدارة المحلية مهم للغاية واللجنة انتهت منه وهو الآن في حوزة هيئة مكتب البرلمان، وأهمية القانون ليست فقط في إجراء انتخابات المحليات ولكن أهميته ترجع لأنه قانون مكمل للدستور.
= وهل لغياب المجالس الشعبية المحلية دور في انتشار الفوضى؟
_ هذا حقيقي.. منذ 2008 حتى الآن لم يتم انتخاب مجالس محلية شعبية، وهو ما يدفع موظفي المحليات للتراخي لأنهم لا يجدون من يحاسبهم، حتى وإن كانت هذه المجالس لا تقوم بدورها على الوجه الأكمل
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"