رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية باب أصطبل الأمير شمس الدين سنقر الطويل بالمتحف الإسلامي

 المتحف الإسلامي
المتحف الإسلامي

قال أبو العلا خليل، الباحث في الآثار الإسلامية: إن الإسطبل في المصطلح المملوكى هو مجموعة من المبانى يقيمها كبار أمراء دولتى المماليك لأجل سكن الأمير هو وأسرته ومماليكه وإسطبلات لخيوله ومخازن لمؤنتها وحفظ سروجها.


جولة رئيس الوزراء في المتحف الإسلامي (فيديو)


وكان الأمير شمس الدين سنقر بن عبدالله المنصورى الأعسر المعروف بسنقر الطويل، أول من أستهل عام 689هـ / 1291م في أعمار سكن له بميدان الرميلة تحت القلعة، ويذكر ابن حبيب في "تذكرة النبيه في أيام المنصور وبنيه "(ولما فرغ من بناء إسطبله عام 690هـ / 1292م قام الشعراء يمدحونه ويمدحون عمارته : 

لقد جاد شمس الدين بالمال والقرى... فليس له في حلبة الفضل لاحق 
وعجل في هذا البناء بسبقه... وكل جواد في الميادين سابق ). 

وحفظ لنا الزمان من عمارته لإصسبله بابا كان مركبا بالباب العمومى الشرقى وهو باب ذو مصراعين من الخشب المصفح بالنحاس.

ويذكر الدكتور زكى محمد حسن في فنون الإسلام (وعلى الباب زخارف نحاسية مخرمة ومرتبة في تماثل وتقابل، وتبدو زخارفه النحاسية المخرمة كأنها رسوم نباتية كثيرة التعاريج واذا دققنا النظر فيها رأيناها تؤلف صور حيوانات وطيور مختلفة)، ويحيط بالباب من أعلى ومن أسفل شريطان من الكتابة بخط النسخ المملوكى، ونص الشريط العلوى (أمر بإنشاء هذا الباب المبارك السعيد الجناب العالى شمس الدين سنقر الطويل المنصورى) أما الشريط السفلى (لازال السعد له خادما والعز قايما وكان الفراغ في شهر ربيع الأول سنة تسعين وستماية). والى جوار أصطبل الأمير شمس الدين سنقر الطويل بميدان الرميلة تحت القلعة شيد الأمير علم الدين سنجر الجمقدار اصطبلا له هو الآخر وكان ذلك إيذانا لكبار أمراء العهد المملوكى بتشييد قصورا لهم وإسطبلات أسفل مقر الحكم بقلعة الجبل إلا أن هذين الأصطبلين لم يفلتا من يد الأمير القوى سيف الدين قوصون الساقى زوج ابنة السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذي اشتهت نفسه أن يضم الأصطبلين معا فيما عرف بعدها باصطبل قوصون.

ويذكر المقريزى في الخطط (إسطبل قوصون هذا الإسطبل بجوار مدرسة السلطان حسن، وله بابان باب من الشارع بجوار حدرة البقر، وبابه الآخر تجاه باب السلسلة الذي يتوصل منه إلى الإسطبل السلطانى وقلعة الجبل، أنشأه الأمير علم الدين سنجر الجمقدار فأخذه منه الأمير سيف الدين قوصون، وصرف له ثمنه من بيت المال فزاد فيه قوصون إسطبل الأمير سنقر الطويل)، وفى النجوم الزاهرة يذكر ابن تغرى بردى (ورسم السلطان الناصر محمد بن قلاوون للأمير قوصون أن يشترى الأملاك المجاورة التي حول إسطبله بميدان الرميلة تحت القلعة ويضيفها إليه).

وكان إسطبل الأمير قوصون نذير شؤم وعتب سوء، وعن ذلك يذكر المقريزى في الخطط (وقد اشتهر أنه من الدور المشئومة وقد أدركت في عمرى غير واحد من الأمراء سكنه وآل أمره إلى ما لا خير فيه، وأقام عدة أعوام خرابا لايسكنه أحد ثم أصلح وهو الآن من أجمل دور القاهرة). ويستكمل حسن قاسم في المزارات الإسلامية مسيرة باب الأمير شمس الدين سنقر الطويل (ثم نقل باب الأمير شمس الدين سنقر الطويل المنصورى الذي كان مركبا بالباب العمومى الشرقى بأصطبل قوصون إلى مسجد تتر الحجازية بدرب قراصيا ثم نقل إلى متحف الفن الإسلامى لحفظه)، وامتدت يد الأميرة تتر الحجازية ابنة السلطان الناصر محمد بن قلاوون وزوجة الأمير ملكتمر الحجازى إلى عمائر مملوك أبيها الأمير سيف الدين قوصون الساقى بعد وفاته عام 742هـ / 1341م ومنها قصره بخط رحبة باب العيد فعمرته عمارة ملكية، وأنشأت بجواره مدرستها بعطفة القفاصين من شارع الجمالية المعروفة بمدرسة تتر الحجازية عام 761هـ / 1360م، ومن قصر قوصون برحبة باب العيد إلى أصطبل قوصون بميدان الرميلة تحت القلعة أمتدت يد تتر الحجازية إلى بابه العمومى الشرقى الجميل فجعلته بابا لمدرستها بالجمالية "اثر رقم 36"، لم تسلم مدرسة الأمير تتر الحجازية من عوادى الزمان إذ جعلها الأمير جمال الدين يوسف إلبجاسى أستادار السلطان الناصر فرج بن برقوق حبسا لمن أراد معاقبته أو مصادرة ماله فزالت أبهة المدرسة وعم بها الخراب إلى أن قامت لجنة الآثار العربية عام 1318هـ / 1900م بأعمار شامل لمدرسة تتر الحجازية ابتدتها بباب المدرسة الذي يحمل اسم الأمير شمس الدي سنقر الطويل المنصورى بشريطه الكتابى الأعلى واستغلت اللجنة الجزء المفقود من الشريط الكتابى السفلى وسجلت تاريخ تجديدها للباب فجاء نص الشريط الثانى وتمامه بوضعه الحالى كالتالى : (لازال السعد له خادما لجنة الآثار العربية، وكان الشريط في الأصل يحمل النص التالى (لازال السعد له خادما والعز قايما وكان الفراغ في شهر ربيع الأول سنة تسعين وستماية)، وفى عام 1350هـ / 1931م اذن لباب شمس الدين سنقر الطويل المنصورى مغادرة مدرسة الأميرة تتر الحجازية والأنتقال إلى محطته الأخيرة بدار الآثار العربية حفظا له من الضياع وانتقل معه منبر المدرسة الأصلى المصنوع من الخشب المنجور والمطعم بالسن والصدف في إشارة إلى كل لبيب أن " المنبر والباب " المتجاوران بقاعة واحدة مرتبطان معا ومن مكان واحد.
الجريدة الرسمية