رئيس التحرير
عصام كامل

ألمانيا تواجه التطرف الإسلاموي بالسخرية والفكاهة على يوتيوب

فيتو

أطلقت ولاية شمال الراين ويستفاليا قناة ساخرة على شبكة يوتيوب بهدف توعية الشباب من خطر التطرف السلفي.

والمشروع ترعاه هيئة "حماية الدستور"، جهاز الأمن الداخلي في ألمانيا، في أكبر ولايات البلاد من حيث عدد السكان، ويتألف من قسمين: قسم ساخر بعنوان "جهادي فول" وقسم آخر معني بنشر مواد جادة بهدف التثقيف والتوعية.

وتم عرض الحلقات الثلاث الأولى من البرنامج في معرض الألعاب الإلكترونية "جيمسكوم" 2019 في مدينة كولونيا، كبريات مدن الولاية بغرب ألمانيا.

وكانت مواضيع الحلقات الثلاث عبارة عن مزيج بين الكوميديا الساخرة وطرح الأفكار المتطرفة بشكل فكاهي يعكس تفاهتها وعدم جديتها وبعدها عن الواقع وخطر الإرهاب الإسلاموي، حسب البيان الصحفي الذي نشر بهذا الخصوص.

أما الجزء الآخر من القناة والذي ينطلق بثه اليوم الثلاثاء (27 أغسطس) ويتناول الجوانب الجدية في الموضوع، حيث يقارن ما بين المواضيع الواردة في الجزء الساخر الفكاهي مع الواقع ومع المعطيات الملموسة في الحياة.

ومن المقرر أن يتم خلال السنة الأولى من البث إنتاج 32 شريط فيديو ساخر مع 16 شريط فيديو واقعي بمعطيات حقيقة. وتُقدر تكاليف المشروع بنحو 500.000 يورو.

فيديو "جهادي فول" عليه أن يثبت جدارته

في واحد من أشرطة الفيديو الأولى يلتقي يميني شعبوي متطرف بإسلاموي متطرف في الشارع، الاثنان يحاولان إقناع المارة بتصوراتهما الإيديولوجية المختلفة والمتناقضة مع بعضها، وفجأة يكتشف الشابان أنهما متفقان في مخاوفهما ويشتركان في وجهة نظر واحدة تتعلق بالجنس والتعامل مع المرأة، فيقرران التأخي فيما بينهما.



وفي شريط آخر، يتم تسليط الضوء على برنامج وهمي بعنوان "وداعا سوريا"، حيث يحاول متطرف عائد من سوريا تنظيم تحديات حياته في ألمانيا من جديد بعد سنوات قضاها في الجهاد مع تنظيم إرهابي ويريد أن يفتتح مشروع "بار للشيشة".

وعندما يعبر صديق له عن شكوكه من جدوى المشروع، يقيم الجهادي العائد الحد على صديقة ويرجمه، فقط لأنه تعود على هذه الممارسة.

وحصدت أشرطة الفيديو الثلاثة لحد الآن 11.000 مشاهدة و424 مشاركة دائمة، أما التعليقات فكانت متباينة: البعض صرح بتمتعه بمحتواها، فيما عبر آخرون عن استيائهم لتبذير المال العام على هذه الأمور.

متطرفون لا يزالون نشطاء في الولاية

من جانبه، قال وزير الداخلية في الولاية، هيربرت رويل في توضيح صحفي: "إن الهزيمة العسكرية التي لحقت بتنظيم ما يسمى "بالدولة الإسلامية" (داعش) لا تعني أن خطر 3100 متطرف سلفي في أكبر ولايات ألمانيا من حيث السكان قد تلاشى".

وتابع الوزير "لا يزالون يمارسون نشاطهم ويستغلون كل القنوات ليوقعوا بالشباب في شباكهم، ولهذا السبب من المهم استخدام ذات المنصة لمكافحة تطرف الشباب".

وأوضح الوزير المحافظ من حزب ميركل "أن دائرة حماية الدستور التي تأخذ مهمة الوقاية من التطرف بجدية لا يمكن لها أن تترك مثل هذه المنصة دون استغلالها". وأضاف رويل "علينا أن نكون هناك حيث تتواجد المجموعة المستهدفة".

مبادرة لا يمكن الاستغناء عنها

وتعتبر جوانا جولسورك، الباحثة لدى منظمة "أفق"، المتخصصة في الإجراءات الوقائية من خطر التطرف الإسلاموي وكراهية الإسلام، مبادرة القناة الساخرة جيدة، لكن الأمر كله مرتبط في نظرها بالواجهة التي تمثلها، وإذا كان الهدف هو الوصول إلى الشريحة الصحيحة من الشباب، فلا بد من التعاون مع المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي "انفلووينسر" بدلا من التعاون مع مؤسسات حكومية، حسب تعبيرها.


وتابعت الباحثة أن منظمة "أفق" تعاونت في الماضي بشكل ناجح تماما مع نجوم الكوميديا على الشبكة، لكنها أكدت من جانب آخر على أهمية مشاريع مثل „Say My Name" والذي أطلقه المركز الاتحادي للتربية السياسية، ويهدف إلى محاربة التطرف لدى النساء والفتيات في عمر ما بين 14 عاما 25 عاما. ففي مثل هذه الفيديوهات يتم الحديث عن الهوية والانتماء والتطرف.

من جانبه، قال المؤرخ والخبير في الشئون الإسلامية كريستيان اوستهولد لـ DW "إن القناة الساخرة أمر مهم في مكافحة التطرف، لكنه من المهم بمكان أيضا، أن يتم دمج شخصيات من الجاليات الإسلامية المعروفة في مثل هذه المشاريع.

وتابع المتحدث "من نواقص هذه المشاريع هو أن منصات اليوتيوب يتم استخدامها بشكل أساسي من دعاة سلفيين يعرفون كيف يوهمون الشباب بشكل فعال".

الاندماج بالدرجة الأولى

وكشفت منظمة "أفق" أن مشاريع الوقاية والتوعية هذه يمكن لها أن تنجح بشكل أكبر، إذا لم تكن تقتصر فقط على خطر الإسلامويين، كأن تضاف إليها مواضيع مثل الديمقراطية والهجرة.

وتقول الخبيرة جوانا "بدلا من أن نقول لشخص ما بشكل متعال، "سأريك كيف يعيش الإنسان"، من الأفضل أن نتعامل بشكل متساوي". وتتابع جوانا "أن التطرف ينتج عن شعور بعدم القيمة في المجتمع وعدم الانتماء إليه".

ويشارك المؤرخ كريستيان أوست هولد هذا الرأي، ويضيف "الناس كائنات مجتمعية تسعى للحصول على اعتراف المحيطين بها". ويتابع المؤرخ قائلا، عندما يشعر بعض الناس بأنهم ليسوا جزءا من المجتمع يبتعدون عنه ويصبحون هدفا لتأثير الدعاة السلفيين الذين يقولون لهم "لستم أنتم المسلمون المشكلة، المشكلة هي في المجتمع الكافر من حولكم".


مدة بث قناة "جهادي فول" مفتوحة

بالنسبة للخبيرة جوانا، فإن الطريق المفضل لمكافحة التطرف في المجتمع يكمن في منح الشباب في ألمانيا الفرصة والإمكانية بأن يشعروا بأنهم جزءا من المجتمع لأن الواقع في مجمله لا يعكس ذلك.

وتقول جوانا في ختام حديثها: "عندما يرى بعض الشباب أن آبائهم يعيشون منذ 20 عاما في ألمانيا ولا يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات، فيشعرون حينئذ بأنهم مهمشون".

ومن غير المعروف المدة التي تستمر فيها القناة الساخرة "جهادي فول" في البث، لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية في ولاية شمال الراين ويتسفاليا يقول في حديث لـ DW: "إن الوزارة ستتابع مدى تقبل الجمهور لهذه القناة، قبل البت في أمر تمديدها لعام آخر".

لويسه رايت/ حسن ع. حسين

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية