رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة من "السيد بدير" إلى الدكتورة "إيناس عبد الدايم"!


كتبنا قبل أيام ننصح بدعم تذاكر الحضور لمهرجان القلعة القريب من أحياء القلعة وسوق السلاح ومنشية ناصر والسيدة عائشة والسيدة زينب وعين الصيرة والبساتين حتى يتحول إلى مهرجان لسكان هذه الأحياء الشعبية، ويتحول إلى متنفس لهم بعد أن بات من الصعب ذهابهم لمسرح القطاع الخاص أو حتى العام..


وأنه لا يصح أن تترك هذه الفئات بغير تنوير أو تهذيب للوجدان.. في اليوم نفسه نشر إعلام وزارة الثقافة صورا كما لو كانت ترد على المقال تبرز الإقبال الكبير على المهرجان!! فأدركنا على الفور أن مقصدنا لم يصل.. إذ لم نتكلم على حجم الإقبال بل على نوعيته!! فقد كانت الصور المنشورة للفئات ذاتها التي تذهب للأوبرا ولساقية الصاوي وللهناجر وهكذا!!! وبالتالي لم نتقدم خطوة في معركة الإرهاب!

ولأننا اعتدنا صباحا على الاستماع لإذاعة "ماسبيرو إف إم" التي تعيد كنوز الإذاعة المصرية بتراثها العظيم فلفت انتباهنا حوار للمخرج الكبير الراحل "السيد بدير" مع الإذاعية الكبيرة "أمينة صبري"..

روي "بدير" قصة تأسيس مسرح التليفزيون الذي قدم كل نجوم الستينيات والسبعينيات تقريبا.. قال بدأنا بثلاث فرق.. كل منها من 25 إلى 30 ممثلا، وبحثنا عن نصوص وجئنا بالفنيين واستأجرنا بالقاهرة 3 مسارح، ووجدنا أنفسنا لا نسجل أعمال للتليفزيون بل الإقبال الكبير من أول ليلة أجبرنا على مد الأعمال الثلاثة أيام ثم أسابيع ثم أشهر..

وعندما اقترب موعد أعياد الثورة يكمل بدير: شعرنا أن عدد الفرق أقل من المناسبة فقررنا رفعها إلى 6 فرق وكان من الصعب إيجاد مسارح جاهزة، فلجأنا إلى سرادقات ضخمة وجدت إقبالا منقطع النظير، وبسبب نجاحها أجرت صحيفة الأخبار معي حوارا قلت فيه على سبيل المبالغة، إنني أحلم بوجود عشر فرق! وفي نفس يوم نشر الحوار اتصل بي وزير الإعلام الدكتور "عبد القادر حاتم" وقال " حلو موضوع الـ 10 فرق ده.. نفذه". 

قلت له "يا فندم ده على سبيل المبالغة في الاحلام" فقال: "لا توجد احلام.. عندنا واقع.. خليهم 10"

يقول بدير: "وقد كان" بالفعل، ولهذه المسارح فضلا عن النجوم التي قدمتهم تحولت فيما بعد إلى المسارح الموجودة الآن.. المسرح الكوميدي.. الطليعة.. العائم وغيرها..

وعند العائم يتوقف "السيد بدير" ويقول: كنا نجوب مصر على النيل من الجيزة لأسوان.. الأمن والمحليات يجهزون أماكن العرض والدعاية ونحن نعرض للمصريين على كل المدن بطول النيل.. وفي إحدى المرات كان هناك عرض لفؤاد المهندس وشويكار بأسيوط ووجدت الوزير يحدثني هاتفيا ويقول: "عرض أسيوط ابشرك.. مافيش مسرح يكفي وعملولك مسرح في سرادق كبير..10 آلاف متفرج الليلة في العرض"!

هذه الفرق قدمت مسرحيات "الدبور" و"سيدتي الجميلة" و"إلا خمسة" وغيرها وغيرها.. إلا أن الإذاعية "أمينة صبري" سألته: وأنت مخرج أخرجت كم عمل من هذه الأعمال التي لا تعد لهذه الفرق؟ قال: عمل واحد.. كل السنوات كانت للتخطيط والإدارة.. كنت لا أنام إلا بعد الاطمئنان على العروض المحافظات.. الرقم والحضور.. وأحيانا كنت استخسر الوقت في العودة للبيت والحضور السابعة صباحا فكنت أنام بالمكتب!!
من يقول لك إن مصر الستينيات هزمت الإرهاب بالأمن وحده تأكد أنه لم يقرأ جيدا عن الستينيات ولا عن الإرهاب أيضا!
الجريدة الرسمية