رئيس التحرير
عصام كامل

بطاقة جحا للمعاقين


صدر قانون ذوي القدرات الخاصة من البرلمان منذ عامين ووافق عليه الرئيس في فبراير ٢٠١٨، وما بين صدور القانون وصدور اللائحة التنفيذية في ٢٠١٩ تم التلاعب بكل أحلام ذوي الهمم، وتم اغتيال فرحتهم بقسوة. 


والحكاية بدأت بصدور دستور 2014 والذي تضمن مادة خاصة بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة وهى المادة (81) من الدستور، ومع إعلان الرئيس عام 2018 كعام للأشخاص ذوى الإعاقة، تم السير في تشريع قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة رقم 10 لسنة 2018 والذي صدر في 19 فبراير 2018.

إلا أن اللائحة التنفيذية صدرت بعد عشرة أشهر من صدور القانون، ورغم ذلك لم يتم تفعيلها، فقد نصت على أن يبدأ تفعيلها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية، أي أن بداية تفعيلها من المفترض أن تكون في نهاية شهر مارس 2019، ومع ذلك لم يتم تفعيلها رغم مرور خمسة أشهر على صدور اللائحة.

وقد نص القانون على صدور بطاقة الخدمات المتكاملة كمستند على وجود الإعاقة لدى الشخص، وذلك لتقديمها إلى الجهات المختلفة للحصول على حقوقه، وهو ما أدى إلى توقف كل الحقوق الخاصة بالشخص ذي الإعاقة لحين صدور بطاقة الخدمات المتكاملة، ولكن تباطؤ وزارة التضامن الاجتماعي في استخراج البطاقة رغم مرور عام ونصف من تاريخ صدور القانون، ومع عدم وجود قاعدة بيانات يتم الاستناد إليها لاستخراج بطاقة الخدمات المتكاملة، وعدم قيام الجهة المنوط بها متابعة تفعيل مواد القانون بواجبها ودورها وفقا لنصوص القانون وهو المجلس القومي لشئون الإعاقة، وضعف إدارته، ازدادت هموم ذوي الهمم. 

وأدى تأخر صدور بطاقة الخدمات المتكاملة إلى توقف جميع الخدمات المقدمة للشخص ذي الإعاقة، نظرا لعدم وجودها، وهو ما اشترطته كل الجهات التنفيذية لتقديم خدماتها، وكذلك تعطل الخدمات المقدمة بالفعل قبل صدور القانون وتعطيل العمل بقانون التأهيل رقم 39 لسنة 1975. 

فعلى سبيل المثال بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين لم يحصلوا على شهادة تأهيل للعمل ضمن نسبة الخمسة في المائة وفقا للقانون القديم، وبعد عثورهم على فرصة عمل تقدموا للحصول على شهادة تأهيل وتم الرفض بناء على تعطيل العمل بقانون رقم 39 لسنة 1975، وعليهم الانتظار حتى صدور قانون رقم 10 لسنة 2018.

وهو ما يعد (فراغا قانونيا) فلا استمر العمل بقانون التأهيل رقم 39 لسنة 1975 ولا تم بدء العمل بقانون رقم 10 لعام 2018، كما تعطل استيراد الأجهزة الطبية والوسائل المساعدة ووسائل النقل الفردية التي نص عليها القانون رقم 10 لعام 2018، نظرا لتوقف العمل بقانون الجمارك القديم، وعمل تفعيل القانون الجديد.

والأخطر كان في توقف صرف المساعدات الضمانية التي كانت تصرف لبعض المستحقين من ذوى الإعاقة لحين عمل كشف طبي مميكن يخضع لتصنيف الإعاقة، الذي نص عليه قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة ولائحته التنفيذية، رغم أن هذه المساعدات تعتبر مصدر الدخل الوحيد بالنسبة لبعض الأشخاص من ذوى الإعاقة، ومع ندرة فرص العمل في القطاع الخاص بالنسبة للأشخاص ذوى الإعاقة نظرا لعدم تفعيل قانون رقم 10 لعام 2018 والذي غلظ العقوبة عن الجهات الممتنعة عن تشغيل نسبة الخمسة في المائة، صدرت بطاقة الخدمات المتكاملة لعدد قليل جدا بالمقارنة لتعداد الأشخاص ذوى الإعاقة. 

إلى جانب التخبط في إصدارها، وسوء التنظيم، فبعض الأشخاص من محافظات تم إخطارهم باستلام البطاقة من محافظات أخرى، وبعض الحالات وصلت لها البطاقة عن طريق البريد وبعد استلامها اكتشف أن البطاقة تخص أشخاصا آخرين، وسوف تستمر تلك المآساة لثلاث سنوات حيث إن صدور البطاقات على مراحل وفقا لبيان وزارة التضامن الاجتماعي بواقع 5 ملايين بطاقة سنويا سيؤدى إلى التمييز في تطبيق القانون، واختلاف تاريخ تطبيقه وفقا لاستلام الشخص بطاقة الخدمات المتكاملة من عدمه، وتاريخ استلامه لها، وهو ما يعد مخالفة قانونية. 

وخلاصة الأمر أن القانون وأحوال عدة ملايين من المعاقين رهين بطاقة الإعاقة المعطلة بفعل فاعل، والسبب المعلن عدم وجود قاعدة بيانات، والحل المؤقت الواقعي لرفع الحزن عن ذوي الهمم هو بالاعتماد على بطاقة إثبات الاعاقة الحالية (كارنيه الإعاقة) كمستند رسمى صادر من وزارة التضامن بالفعل، بناء على كشف طبى، أو الاعتماد على كشف طبي حديث من إحدى المستشفيات الموثوق بها (المجالس الطبية المتخصصة أو المستشفيات العسكرية). 

أو الاستعانة بقواعد البيانات الموجودة لدى الجهات المختلفة لسرعة إصدار بطاقة الخدمات المتكاملة الجديدة، ومنها على سبيل المثال قاعدة بيانات ذوى الإعاقة العاملين بالدولة ضمن نسبة الخمسة في المائة وموجودة لدى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة أو الاستعانة بقاعدة بيانات الطلبة من ذوى الإعاقة بمدار الدمج ومدارس التربية الخاصة وموجودة لدى وزارة التربية والتعليم، أو الاستعانة بقواعد بيانات الراغبين في العمل من ذوى الإعاقة أو العاملين بالقطاع الخاص ضمن نسبة الخمسة في المائة وموجودة لدى وزارة القوى العاملة..

وأخيرا الاستعانة بقواعد بيانات الأشخاص ذوى الإعاقة الحاصلين على إعفاء من الخدمة العسكرية بسبب وجود إعاقة، أي أن الحلول متوافرة وممكنة ومتاحة إذا توفرت الإرادة، والاهم إذا أردنا أن تضع قواعد الدولة القانونية التي تنحاز للضعفاء وتسعي لحمايتهم بعيدا عن ألعاب شيحة التي لا تليق بدولة مصر الجديدة ولا بشعارات العدالة الاجتماعية المرفوعة.
الجريدة الرسمية