حكاية صبيان تاجر المخدرات وقضايا الفساد !
حققت هيئة السكك الحديدية أرباحا وصلت مليار جنيه في ستة أشهر، بعدما كانت خاسرة 800 مليون، ماذا حدث؟! هل عدد مستخدمى القطارات تضاعف حتى نرى هذا الخبر الرائع؟! أريد أن يعرف الجميع الأسباب التي جعلت خسائر السكك الحديدية تتحول إلى أرباح، ولا أتصور الأمر يحتاج إلى عبقرية غير عادية، ولكن واضح جدا أن الأرباح تحققت بفضل الالتزام والانضباط فحدث هذا التحول المبهر..
عندما طرحت هذا السؤال على صفحتى في شبكة التواصل الاجتماعى علق موظف في محطة قريتى المتواضعة، بأن المحطة كانت تحقق في السنة كاملة مبلغ لايزيد على 600 جنيه فقط، أما في الشهور الست الأخيرة فوصل دخل المحطة14 ألف جنيه! المواطن لم يكن يهتم بالتذكرة، فأصبح الآن يهتم لأنه سيدفع غرامة وكبيرة.. فماذا يعنى هذا؟
ببساطة يعنى أن الفشل كان شعار كل الوزراء السابقين، ولم يحاولوا على الأقل التفكير في إجابة للسؤال لماذا تخسر الهيئة؟!
هذا يذكرنى بأنه في عام 1984 شاهدت أولى حلقات مسلسل "اللهم إنى صائم" للكاتب الكبير أحمد بهجت، وكان المسلسل حلقات مستقلة، كل حلقة تثير قضية مهمة، الحلقة التي لا أستطيع أن تغادر ذاكرتى كان بطلها الفنان أحمد عبدالعزيز الذي أتصور أنه أول ظهور له على شاشة التليفزيون، كان ضابط شرطة متميز، الأول على دفعته، عمره لا يتجاوز ثلاثة وعشرين عاما خاطب وحماته سيدة متسلطة..
فقير ومش قادر على إيجاد شقة، ولأنه متميز فقد تم اختياره ليعمل في العريش، أحد أهم منافذ تهريب المخدرات إلى مصر، وفشل الكثير من ممن سبقوه في إغلاق هذا المعبر أمام تهريب المخدرات إلى الداخل، وبعد وصوله إلى محل إقامته في العريش وقبل أن يغير ملابسه، فوجئ من يطرق الباب، واستغرب لأن المفروض ألا أحد يعرف موعد وصوله ولا أحد يعرفه في العريش، ولم يذهب إلى قسم الشرطة أساسا، فوجئ بمن يلقى بشنطة في وسط الصالة ويقول: المعلم بيمسى دى نص مليون جنيه محبة وصولك بالسلامة!
قال الضابط: المعلم مين؟ رد عليه: اللى جاى تقبض عليه!
فهم الضابط أنه المعلم الكبير تاجر المخدرات، وبحسه الشرطى أطال الحوار فقال: الفلوس دى كلها مقابل إيه!؟ فقال مندوب تاجر المخدرات: دى حاجة بسيطة، لأن المعلم بيقولك كل أول شهر يوصلك مليون جنيه، المطلوب منك حاجة واحدة، أدى ضهرك للبحر يوم واحد بس يوم اكتمال البدر في السماء!
أكمل مندوب تاجر المخدرات: المعلم بيطمنك، هيشغلك برضه، كل يوم هتقبض على شوية من الصبيان ولادنا علشان تظهر قدام الوزارة إنك شغال!
بعيدا عن تفاصيل القصة المثيرة ونجاة ضابط الشرطة من الانحراف والقبض على تاجر المخدرات، الهدف من القصة هو أن هناك زعيم لا يعرفه الناس، دائما يدير من وراء ستار، وهذا تعرضت له الأعمال الفنية كثيرا، وهذا ليس مجرد خيال مبدع ولكنه واقع يعيش بيننا.
الربط بين التطور الذي حدث في وزارة النقل وما حدث مع الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام، وما يحدث الآن في قضايا التصالح مع الدولة بالنسبة للمعتدين على الأراضي الزراعية، كله يشبه حالة تاجر المخدرات الذي يقوم بتشغيل الضابط من خلال القبض على عدد من الصبيان أما المعلم أو المخطط أو زعيم العصابة في مأمن تماما، لأن عادة لا أحد يراه من الصبيان..
وفى قضايا خسائر السكك الحديدية من المسئول الأول وزعيم العصابة؟ أين تحقيقات النيابة؟ لابد من نشر الحقيقة إذا كنتم تريدون إصلاحا، في قضية رشوة الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام من الزعيم الذي يعمل تحت قيادته أحمد سليم؟ مؤكد أن أحمد سليم ليس بمفرده وإنما هو أحد الصبيان الذين يخربون ويفسدون! في قضايا تصالح الأراضي الزراعية من زعيم العصابة الذي سمح بهذا التعدى؟ من زعيم العصابة الذي قام بحماية المتعدى على الأراضي الزراعية؟ لا نريد التضحية بعدد من الصبيان ونبقى التاجر الفاسد المخرب في مأمن من الحساب والعقاب.
وتحيا مصر بنبل بسطائها، وتحيا مصر بطيب دماء أنبل ما فينا.. تحيا مصر الفلاحة المعجونة بعرق الطمى ومياه النيل!