محمود علم الدين: أنصار حملة «بلاها إعلام» متشائمون ولا يدركون التحول الرقمي لـ"الصناعة" بمصر
- خريجو الإعلام مستقبلهم مزدهر بشرط أن يكونوا قادرين على التعامل مع الوسائل الرقمية
- فرص عمل طلاب الإعلام باتت كثيرة جدا بعد التطور التكنولوجي
- الإعلام الرقمي يتيح فرص عمل للكثير من خريجي الإعلام
- الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام تحمي المهنة بقوانين وليس بقيود
- المؤسسات الحكومية تعاني من ضعف الكوادر الإدارية
- نحتاج خريطة متكاملة لمتطلبات التحول الرقمي لصناعة الإعلام بمصر
بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة، أطلق عدد من الصحفيين والإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج «بلاها إعلام» لحث طلاب الثانوية العامة على عدم التفكير في الالتحاق بكليات وأقسام الإعلام بسبب الأوضاع التي تعاني منها المهنة في الفترة الأخيرة -على حسب قولهم-، حض الطلاب على عدم دخول كليات الإعلام أثار ضجة في الوسط الصحفي والإعلامي، مستنكرين حملات التشويه للمهنة.
الدكتور محمود علم الدين، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة يوضح أسباب ظهور مثل هذه الدعوات وكيف وصل الحال بمهنة الإعلام.
يقول الدكتور محمود علم الدين: ما يحدث في مهنة الإعلام حاليا من تغييرات شيء ليس بجديد على مستوى العالم، فجميع المؤسسات الصحفية والإعلامية بالعالم بها تغييرات كبيرة.
ويوضح «علم الدين» خلال حوار لـ«فيتو»، أن حملات تحريض الطلاب لن تجد نفسها أمام رغبات الطلاب الذين يدركون جيدا ما هو الأصلح لهم سواء كليات الإعلام أو غيرها.. وإلى نص الحوار:
*في البداية؛ حدثنا عن الأزمات التي تواجه الإعلام في مصر والتي آخرها حملة «بلاها إعلام» التي أطلقها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ؟
هؤلاء النشطاء اعتقدوا أنهم يوجهون النصائح السليمة لطلاب الثانوية نحو الالتحاق بكليات الإعلام، وأنا أفترض حسن النية في من أيد هذه الحملة، وتأتي هذه الحملات نظرا لأن أوضاع الإعلام في مصر والعالم متغيرة، وخاصة وسائل الإعلام التقليدية والصحف المطبوعة التي قل قراؤها بشكل كبير وارتفعت أسعارها، بجانب غلق بعض المقرات الصحفية وتقليل عدد إصدارات الجريدة وعدد العاملين بها أو دمجها مع بعضها البعض، فمن هذا المنطلق كان الواقع الإعلامي في مصر والعالم غير سار، ويعني ذلك أن هناك أزمة في وسائل الإعلام التقليدية أمام وسائل التواصل الاجتماعي.
دول كثيرة تنظر بنظرة ضيقة في مجال الصحافة والإعلام لا تستوعب ملامح الثورة الرقمية التي يمر بها العالم والتي تسببت في أزمة للوسائل التقليدية، ويعني ذلك أن الثورة الرقمية الحالية تقوم على فكرة دمج وسائل الإعلام، حيث أصبح الآن الموقع الإلكتروني يحتوي على ممارسة لصحافة مطبوعة وإذاعية وتليفزيونية، بالإضافة لاستخدامها وسائط الواقع المعزز والإفتراضي والبث المباشر، وهذا يعنى أن الصحافة استوعبت كافة الوسائط الإعلامية.
وهناك توظيف للمواقع الإلكترونية الاحترافية، ومواقع التواصل الاجتماعي بواسطة كل المؤسسات الحكومية والخاصة، وأرى أن هناك ازدهارا للإعلان الرقمي المنشور على الصحف الإلكترونية، وهذا يعنى أننا الآن في حاجة للمزيد من الإعلاميين للعمل بهذه الوسائط الجديدة، بكافة المواقع الإلكترونية من صحف ومؤسسات حكومية عامة وخاصة وأيضا مواقع التواصل الاجتماعي، فالفترة المقبلة ستحتاج هذه المؤسسات إلى المزيد من خريجي كليات الإعلام للمساهمة في صناعة المحتوى الرقمي، فخريجو الإعلام مستقبلهم مزدهر بشرط أن يكونوا قادرين على التعامل مع الوسائل الرقمية وصناعة المحتوى الرقمي لكافة الوسائط.
*هل حملة "بلاها إعلام" ستؤثر على عدد طلاب الثانوية الجدد خلال العام الدراسي الجديد 2019 - 2020 ؟
لن تؤثر على الإطلاق لكونها قائمة على قصور في رؤية من يوجهونها ومن لديهم تشاؤم من المستقبل، وأفترض أن هذه الحملة جاءت من عدم الازدهار الكافي في الإعلام الرقمي، بالإضافة لأن مصر لديها عدد كبير من أقسام وكليات الصحافة والإعلام والذي يتجاوز 40 كلية.
كما لم يعد دور الإعلام مقتصرا على الصحافة والراديو والتليفزيون كوسائل جماهيرية تقليدية، فهو تغير كليًا وأصبحنا نعيش عصرا رقميا يعتمد التفاعل بين طرفين، فنحن نحتاج الآن إلى نقل في فكر التعليم والتأهيل الإعلامي، نقلة تقترب من العصر الرقمي ونستوعب إنجازاته وتداعياته، ففرص عمل طلاب الإعلام باتت كثيرة جدا بعد التطور التكنولوجي وخاصة في الوسائط الرقمية.
*هل هناك قيود على مهنة الصحافة تسببت في خفض الماديات والإمكانيات ؟
ظهور الوسائط الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي واقتحامها للمجال أثرت بلا شك على صناعة الإعلام وإقبال القراء ومصداقية هذه الوسائل، فكل هذا أدى إلى أزمات في المؤسسات وعدم تواجد فرص عمل كثير وتخلي بعض المؤسسات عن عدد من العاملين بها، فمتغيرات السوق الإعلامي في مصر والعالم أثرت على كل شيء، وهناك صحف عالمية شهيرة واكبت هذه التطورات والمتغيرات بطريقة صحيحة كتقديم اشتراكات لقرائها أو طلب الدعم منهم لإصلاح وتطوير منظومة الإعلام بشكل إبداعي واحترافي.
*كيف ترى الإعلام بعد إنشاء المجلس الأعلى للتنظيم والصحافة؟
بلا شك إن الهيئة الوطنية للصحافة تبذل جهدا كبيرا في المجال الإعلامي، فهي لديها خطة متكاملة للتطوير وتواجه في نفس الوقت كافة المشكلات والتحديات التي تتعرض لها صناعة الصحافة المصرية، فهي تحمل سيناريوهات مستقبلية وتواجه مشكلات حاضرة حتى تُمكن المؤسسات الصحفية المختلفة من تأدية دورها على أحسن وجه.
على الجانب الآخر نجد أن الهيئة الوطنية لتنظيم الإعلام وضعت مجموعة من الضوابط في إطار مهامه ومسئولياته للعمل الإعلامي، والتي كان آخرها الضوابط المتعلقة بالبرامج المثيرة للجدل والطبية والدينية والعلمية، فهذه الهيئات قامت بدورها المقبول في ضوء ظروف ومشكلات الإعلام المصري وحققت جانبًا كبيرًا من المسئوليات الدستورية المكلفة بها.
*هل هناك قيود من المجلس الأعلى للإعلام أو المؤسسة الصحفي على العنصر البشري أثر على المهنة ؟
لا أعتقد أن هناك نوعا من أنواع القيود التي توجه من أي هيئة على العاملين في المهنة، فكل المطلوب من العاملين بالمجال الصحفي مزيدا من الاحترافية والإبداعية مع مراعاة قواعد العمل الصحفي.
*هل يوجد احتكار للمهنة من طرف واحد يؤثر على صناعة الإعلام ؟
أرى أن مصر متنوعة في صناعة العمل الصحفي بأنواعه، فهناك إعلام تملكه الدولة، وآخر مملوك لدى مؤسسات خاصة، وتعتبر هذه المحاولات الاحتكارية جيدة للتطوير؛ فمثلا نجد أن إيجابيات الدمج بين الوسائل الإعلامية أنها تنقذ مؤسسة ما من أزمات اقتصادية تلاحقها، كما أن هذه العملية تساهم بشكل كبير في عمل إعادة صياغة وتوجيهات إعلامية لهذه المؤسسات حتى تصبح أكثر قدرة على المنافسة.
ومن ضمن متطلبات تطوير الإعلام أننا نحتاج إلى إدارة احترافية للمؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة تمتلك القدرة على استشراف المستقبل وتأخذ في اعتباراتها الحاضر والمستقبل، خاصة أن المؤسسات الإعلامية المصرية تعانى من ضعف في الكوادر الإدارية المتخصصة في إدارة هذه المؤسسات، فنحن نحتاج لإعداد جيل جديد من الكوادر.
*من وجهة نظرك.. ما هي روشتة الإصلاح المناسبة للمهنة ؟
روشتة الإصلاح تتطلب خريطة متكاملة لمتطلبات التحول الرقمي لصناعة الإعلام في مصر، وهي الاهتمام بتدريب وتأهيل العنصر البشري، وأيضا النظر إلى الجانب «الاقتصادي والإداري» والجوانب المرتبطة بالمحتوى وبالتشريعات واللوائح والقوانين، على أن جميع الجوانب تواكب التكنولوجيا الرقمية التي تحتاج العالم، ولابد من التعاون مع الانفتاح والتعرف على تجاربه المختلفة وفهم ما يدور فيه وإعداد كوادر تستطيع أن تستوعب الثورة الرقمية وتطبق جوانبها في مجالات الإعلام.