رئيس التحرير
عصام كامل

طارق منيب.. حكاية شاب مصري يواجه «الإسلاموفوبيا».. فيلمه «رحلة مجانية إلى مصر» رسالة سلام للعالم.. البداية من القاهرة.. وإيصال صورة العرب الصحيحة أبرز أهداف الفنان المصري

فيتو




وسط دوامة "الإسلاموفوبيا" وتصاعد وتيرة العداء ضد الإسلام في الغرب، ظهر على الضفة الأخرى من العالم شاب مصري، بالرغم من ميلاده في كندا، استشعر واجبا تجاه وطنه ومنطقته ودينه، وقرر خوض معركة فنية ضد مروجي الأكذوبة وسط شعوبهم لإقناعهم بحمايتهم من خطر الشرق المدمر.


الشاب المصري اسمه "طارق منيب" الذي سخّر موهبته كمخرج سينمائي، وأطلق فكرته الفنية الرامية لتصحيح المفاهيم، وقرر إنتاج عمل فني واقعي، أسماه "رحلة مجانية إلى مصر"، وقرر تحمل نفقات هذه الرحلة وتصوير العمل من جيبه الخاص.

"فيتو" تواصلت مع طارق منيب لمعرفة تفاصيل هذا العمل الذي يشهده العالم الآن، وسر عدم عرضه في دور السينما المصرية والعربية حتى الآن.

البداية
في البداية قدم طارق، نفسه بقوله: إن والديه مصريان وانتقلا للعيش في كندا، وأنه ولد ونشأ هناك، وكان يزور مصر بدافع الحنين للوطن، في ظل حرصه على قضاء الإجازات في قلب وطنه الأم، وارتبط بالعديد من الأصدقاء والأقارب بالقاهرة.

وحول فكرة فيلم "رحلة مجانية إلى مصر"، قال إن الفكرة جاءته نهاية 2016، عندما وجد الكراهية ضد المسلمين تتزايد في كل أنحاء العالم، وشعر بالعجز الشديد، والخوف الذي تولد لدى الأمريكيين رغم أنه نشأ بالقرب منهم، هذه المشاعر دفعته إلى فعل شيء يقرب الأمريكيين من مصر، ولذلك اقترح فكرة إتاحة رحلة مجانية للأمريكيين لمصر.

السفر للقاهرة
وفيما يتعلق بالطريقة التي اختار بها ضيوفه، أشار منيب إلى أنه سعى للبحث عن الأمريكيين الذين يخشون السفر لمصر، ولديهم مخاوف بشأن العرب والمسلمين، وكذلك الذين يشككون فيما تنشره وسائل الإعلام عما يقال عن المسلمين، ثم أعلن عن فكرة الفيلم ومن يرغب في الانضمام إليه عبر الإنترنت، وتوجه إلى أمريكا ومر بالعديد من المدن مثل نيويورك والولايات خاصة الجنوبية مثل جورجيا وتينيسي وكنتاكي، والأماكن العشوائية، للحديث مع أشخاص مختلفين والتعرف على أفكارهم ومشاعرهم تجاه العرب.

كما قصد منتجع ترامب وتحدث مع المؤيدين للرئيس الأمريكي، حتى يتمكن من جمع عدد مختلف من الأمريكيين في فيلمه، وبحسب المنشور عن العمل الفني فقد قبلت الدعوة "أم أمريكية من ولاية أريزونا، وملكة جمال كنتاكي، وجندي أمريكي سابق، وضابط شرطة أمريكي من أصل أفريقي، قال: إنه يخشى أن يُحتجز كرهينة أثناء سفره لدى التنظيمات الإرهابية، ومعلمة متقاعدة، وزوجين يعمل ابنهما في الشرق الأوسط".

تطرق منيب في حديثه إلى طريقة اختيار الشخصيات والأسر المصرية التي ظهرت في الفيلم، مؤكدا، أن أهم شيء في فيلمه كان اختيار شخصيات تعكس تنوع الفئات والطوائف في مصر، من المتشددين والعلمانيين والأغنياء والبسطاء، فأكثر ما يميز مصر هو تنوع الثقافات الموجودة بها، ولذلك يجب استكشافها.

الدعم الحكومي
وفي معرض إجابته على سؤال حول دور الحكومة المصرية في دعم العمل، أوضح أنه من غير الضروري التواصل مع الحكومة المصرية أو أي منظمات أخرى من أجل إنتاج الفيلم، لأن شركته مستقلة لا ترتبط بأي أجندات سياسية، وكذلك حتى يستطيع كسب ثقة الناس سواء المشاركين أم المتفرجين، منبها إلى أن تصاريح التصوير تم الحصول عليها من الحكومة وكانت متعاونة مع شركته بشأن كبير وقدمت لهم المساعدة اللازمة.

ردود الفعل أهم من الزيارة نفسها، هكذا يقول: "زيارة مصر كان لها تأثير قوى على الأمريكيين والمصريين الذين شاركوا في الفيلم، الجميع كان يتعامل كبشر دون التركيز على الديانة أو الجنسية، فالجميع يتعلم من بعضه، وقد حرصت على زيارة للأمريكيين الذين شاركوا في الرحلة، ورأيت كيف تغيرت حياتهم، وباتوا أكثر تسامحا وتفاؤلا واندماجا مع المهاجرين بالولايات المتحدة"، وقال: إن فيلم "دعوة لزيارة مصر"، أداه مجموعة من الأشخاص، ذوي وجهات نظر دينية وسياسية مختلفة، ولم يسع أصحابها لتغيير بعضهم ولكنهم حاولوا الاندماج، مؤكدا أن ذلك هو الهدف الرئيسي من الفيلم.

ترحيب مصري
أما المصريون، فبيّن منيب أنهم رحبوا بضيوفهم الأمريكيين في منازلهم، وكانوا مستعدين للتعلم ومعرفة المزيد عن ثقافتهم والتواصل معهم، رغم أن بعضهم لم يلتق أمريكيين من قبل، وعن سبب عدم عرضه الفيلم في مصر حتى الآن، بين أن هدفه كان عرض الفيلم في أمريكا أولا ثم أوروبا، وبعدها مصر ودول الشرق الأوسط، معبرا عن حماسه لعرض الفيلم في مصر، والتعرف على ردود الأفعال نحوه، حيث تم عرض الفيلم لأول مرة في يونيو الماضي، في 500 مسرح في أمريكا وحدها، وبعدها كندا، إضافة إلى أن عددا من دور العرض بأمريكا طلبت إعادة عرض الفيلم مرة أخرى، وأشار منيب إلى أنه لا يزال يبحث عن شخص لمساعدته في عرض الفيلم في أوروبا ومصر، لأن شركته لا تزال صغيرة، وليست لديها القدرة على عرض الفيلم في كل دول العالم.

نجاح كبير
الفيلم حقق نجاحا كبير وكان له تأثير إيجابي على أعضائه وطاقم عمله وكل من شاهده، وتبين ذلك في التعليقات التي شاهدها على الفيلم، وطاقم العمل أطلق حملة عالمية أسماها "تعهد بالاستماع"، وتدعو الأشخاص من كل دول العالم للتحدث إلى الآخر بصرف النظر عن سياستهم أو ديانتهم وفهم بعضهم البعض، وعلق على تجاهل الإعلام المصري تغطية الفيلم، بأن كثرة الأحداث التي تقع في العالم، تجعل من الصعب توصيل رسالته للعالم أجمع، فقد استغرق تنفيذ الكثير من الجهد والوقت للوصول لكل المدن الأمريكية وبعض دول أوروبا.

على الصعيد السياسي وتعليقا على مدى تفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا، عقب وصول ترامب لحكم أمريكا الذي ساهم بدوره في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، قال منيب: إن رئيس البلاد يعكس شعبه، ولكنه ضخّم من مشاعر الخوف، داعيا لعدم التركيز على تصريحات ترامب، ولكن يجب التحدث إلى جميع الأفراد للتعرف على أفكارهم وثقافتهم، وأكد أن الفيلم مجرد بداية، ونجاحه مصدر إلهام له، لذا سيسعى للترويج للفيلم في كل الدول، مبينا أن كل من يسمع بفكرة الفيلم يرغب في مشاهدته، وهو ما سيقوم به الفترة المقبلة.

وعن سبب اختياره لمصر، قال: إن حبه لمصر والمصريين والراحة الشديدة التي يشعر بها عند زيارتها كان لها عامل كبير في اختيارها كوجهة لتنفيذ فكرته، بسبب تنوعها الثقافي والديني والسياسي، ووجود العديد من الأماكن السياحية بها، التي ساهمت في إنجاح العمل بقوة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية