رئيس التحرير
عصام كامل

عبد البصير: بردية وادي الجرف وضحت طريقة بناء الأهرامات وأسماء العاملين بها

حسين عبدالبصير، مدير
حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية

قال الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن بردية وادي الجرف وضحت طريقة بناء الأهرامات وأسماء العمال الذين عملوا في بنائها، هي برديات من عهد الملك خوفو، الذي حكم في عهد الأسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة، وعثر على هذه البرديات التي تعد الأقدم في تاريخ الكتابة المصرية المكتشفة إلى الآن، في ميناء "وادي الجرف"، أقدم ميناء ليس فقط في مصر، إنما في تاريخ الملاحة البحرية العالمية.


سائحون من مختلف الجنسيات يتحدون الطقس ويزورون الأهرامات (فيديو)

وأكد أن ست برديات منها عرضت في المتحف المصري، وذلك من نحو 30 بردية تعود للملك خوفو صاحب الهرم الأكبر بمحافظة الجيزة وتعتبر هذه البرديات "وثيقة مهمة" من عهد الملك خوفو، وتكمن أهميتها في أنها تؤكد أن مشروع بناء الهرم الأكبر كان مشروعًا قوميًا، وأن الهرم بناه المصريون القدماء، كما تنفي هذه البرديات أية ادعاءات تتعلق ببناء الأهرامات.

وأضاف: ومن أهم تلك البرديات؛ بردية يتراوح طولها الأصلي بين 150 سنتيمترًا و200 سنتيمتر، تخص أحد كبار الموظفين يدعى "مرر"، الذي شارك في بناء الهرم الأكبر، حيث احتوت على معلومات عن ثلاثة أشهر من حياته الوظيفية.

وهذه البرديات جعلتنا نعرف الكثير من الأمور عن حياة الموظفين في عصر الأسرة الرابعة، منها قيام فريق بحارة ربما لا يتجاوز عدده 40 رجلًا يعمل تحت أمرة مرر بنقل كتل الحجر الجيري من محاجر طره على الضفة الشرقية للنيل إلى هرم خوفو عبر نهر النيل وقنواته.

ويتضمن أغلب هذه البرديات جداول توضح توزيع الحصص اليومية للأطعمة، التي كانت تجلب من مناطق عديدة في دلتا نهر النيل، ما يؤكد مركزية وسيطرة الجهاز الإداري على شئون البلاد في مختلف أنحائها طبقًا لتنظيم دقيق وصارم.

ومن بين أهم هذه البرديات واحدة يظهر فيها بوضوح وبخط هيروغليفي مختصر التعداد رقم 13 للماشية في عهد خوفو، والذي كان يتم مرة كل عامين، ما يعني أن حكم هذا الملك امتد إلى نحو 26 عامًا، وهو أمر لم يكن معروفًا من قبل.

وتعد هذه البرديات الأقدم في تاريخ الكتابة المصرية المكتشفة إلى الآن؛ إذ إنها أقدم من "برديات الجبلين" التي تعود إلى نهاية الأسرة الرابعة، و"برديات أبو صير" التي تعود إلى نهاية الأسرة الخامسة.

ويقع ميناء "وادي الجرف" الذي اكتشفت فيه هذه البرديات على بعد 24 كيلو مترًا جنوب منطقة الزعفرانة حاليًا، و119 كيلو مترًا من مدينة السويس، في مواجهة ميناء "المرخا" القديم في جنوب شبه جزيرة سيناء، والذي كان يؤدي لمناجم الفيروز ومنطقة سرابيط الخادم.

ومنذ عام 2011 تقوم بعثة مصرية - فرنسية مشتركة بأعمال الحفائر في ميناء وادي الجرف، وكشفت هذه البعثة عن آثار بالميناء، الذي يعتبر إلى الآن هو أقدم ميناء في تاريخ مصر والملاحة البحرية العالمية، ويمثل مع موقع ميناء "مرسي جواسيس" جنوب سفاجا، وميناء "العين السخنة" جنوب السويس مجموعة الموانئ الفرعونية الأقدم في تاريخ الإنسانية إلى الآن.

وتم بناء ميناء "وادي الجرف" على شاكلة الميناءين الآخرين لكن على مساحة أكبر، ومن خلال الأختام الطينية والبرديات والنقوش الصخرية التي تم اكتشافها في هذه المنطقة فمن الممكن تأريخ هذا الموقع بعصر الدولة القديمة.

وعثر في عام 2013 عند مدخل مغارتين بالميناء على هذه المجموعة الرائعة من البرديات، كانت مدفونة بين الكتل الحجرية التي تم استخدامها لإغلاق المغارة بعد الانتهاء من العمل، ويبدو أن هذه المغارات كان يتم استخدامها كورش عمل ومخازن وأماكن سكنية، وتؤكد هذه البرديات أن موقع وادي الجرف كان مستخدما خلال عهد الملك خوفو، وأن فريق العمل الذي كان يعمل في هذا الموقع هو نفسه الذي عمل في بناء الهرم الأكبر.

والفرعون خوفو ثاني ملوك الأسرة الرابعة، الذي بنى الهرم الأكبر في الجيزة أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم وتبع خوفو الملك سنفرو على العرش، وأمه كانت الملكة حتب حرس.
الجريدة الرسمية