تصويب المسار.. خبراء يشخصون أسباب الفوضى ويطرحون حلولا.. العملية التعليمية تعاني الفقر وسوء التخطيط.. الفساد يتحدى النمو الاقتصادي.. ونزول رؤساء المحليات للشارع البداية
في الوقت الذي تبذل فيه الدولة جهودًا مكثفة في كثير من الملفات، إلا أن هناك ملفات أخرى ربما لم تحظ بالاهتمام الكافي، أو أن الجهود التي بذلت للارتقاء بها كانت في الاتجاه الخاطئ، وتتطلب إعادة النظر فيها وتصويب مسارها خاصة ملف الفوضى.
الفقر
الدكتور كمال مغيث، الخبير والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، يؤكد أن الفقر من أبرز مظاهر الفوضى في مصر على المستوى التعليمي، فقر الميزانيات والأنشطة، وفقر مرتبات المدرسين، وفقر المناهج والامتحانات وطرق التدريس، مشيرًا إلى أن أول مظهر من مظاهر الفوضى هو أنه لم تعد المدرسة مؤثرة ومؤسسة تعليمية كما كانت من قبل، بل أصبح جميع الطلاب يتجهون للدروس الخصوصية والسناتر.
وتابع: "خلو المدارس من الطلاب أحد مظاهر الفوضى أيضًا، فهناك حالة من التواطؤ من الجميع على ذلك بداية من الوزارة وصولا للطالب وولي الأمر، ليصبح عدم ذهاب الطالب للمدرسة بالمرحلة الإعدادية والثانوية أمر طبيعي، مما أدى ذلك إلى إشكال بوجود فوضى بين الطالب والمعلم في مصر، ليستشعر في الوقت ذاته المعلم أن المدرسة أصبحت لا تلبي احتياجاته لكي يعيش حياة كريمة".
المدارس الخاصة
وأضاف "مغيث": "المدارس الخاصة من أسباب الفوضى التعليمية؛ لأنها أصبحت بدون رقيب على الرغم من وجود قرار وزاري ينظم حركة المدارس الخاصة في مصر إلا أن هذا هذا القرار لا يطبق؛ وذلك لتغير المدارس الخاصة مسار أهدافها من الهدف التعليمي إلى الهدف الاستثماري للحصول على الأموال بأي وسيلة، وكذلك المدارس الدولية التي من المفترض أن تحكمها لائحة تلزمها على تدريس المناهج المصرية والتربية الدينية واللغة العربية والهوية المصرية، لكن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك تماما، لتكون تلك اللوائح صورية وعلى الورق فقط".
وتابع: "للقضاء على تلك المظاهر والتصدي لها لا بدّ من إعادة النظر حول أهداف التعليم؛ وذلك لأننا وبأسف شديد أصبح هدف التعليم الآن هو الحصول على الشهادة والالتحاق بكليات القمة فقط سواء بالغش أو الرشوة أو بأي طريقة أخرى، وتناسينا الأهداف الحقيقية والأساسية للتعليم وهي المواطنة والرؤية العلمية، والثقافة، وتعديل القانون لتحقيق تلك الأهداف".
النمو الاقتصادي
بينما أكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن الفساد أحد أسباب الفوضى في مصر ويُعد أكبر المشكلات التي تواجه النمو الاقتصادي على مدى عقود طويلة، لذلك نحتاج إلى تطبيق القانون والعقوبات الرادعة للحد من الفساد.
وتابع الخبير الاقتصادي أن الفوضى الكلمة المناقضة لها والمعالجة لها هي القانون، والالتزام بالقانون وتطبيقه، لأن القانون يعتبر من أحد أجزاء منظومة الاقتصاد في مصر، مؤكدًا أن مصر كانت مثالا لدول كثيرة في الماضي، وكانت العديد من الدول تحرص على الاستفادة من التجربة الاقتصادية في مصر قديما، لكن الآن أصبح يعمها الفوضى.
وأشار إلى أن الدولة لها دور في الحد من ظواهر الفوضى، وذلك من خلال حسن اختيار القيادات الكفء بالمواقع المختلفة؛ لأنهم وقتها لن يسمحوا بالإهمال ويقومون بتطبيق القانون على الكل سواسية من خلال معايير معلنة للجميع، وكذلك لا بدّ من الحد من البيروقراطية الموجودة بالمجتمع المصري، مضيفًا أن الإدارة غير الرشيدة من أحد أسباب الفوضى على المستوى الاقتصادي في مصر.
من جانبه.. قال أمجد عامر، خبير التنمية المحلية واستشاري تطوير العشوائيات: إن مواجهة مظاهر الفوضى في الشارع المصري تحتاج إلى تكاتف كافة المؤسسات للقضاء عليها، والظهور بمظهر حضاري يليق باسم مصر وتاريخها العريق، مشيرا إلى أن المناطق العشوائية المنتشرة في كافة المحافظات من أبرز مظاهر الفوضى، مطالبا رؤساء الأحياء بالنزول إلى الشوارع وحل المشكلات على أرض الواقع بدلا من الجلوس في المكاتب المكيفة.
الباعة الجائلين
بالنسبة للباعة الجائلين.. طالب "عامر" بضرورة حصر أعدادهم أولًا وإيجاد أسواق بديلة نموذجية توفر لهم فرص عمل لكسب رزقهم بالحلال، وأما عن فوضى بلطجة إمبراطورية "الكارتة وسائقي الميكروباصات والسرفيس" فالحل يأتي بتعيين بعض الأشخاص التابعين للحكومة كنوع من الرقابة على المواقف، وبالتالي سيكون هناك ضبط وربط سيؤدي إلى القضاء على هذه الظاهرة.
وفيما يخص التسول، لا بدّ من تفعيل إجراءات قانونية لمواجهة عصابات التسول التي تقوم بتوزيع المتسولين في الشوارع والميادين ليتم محاسبتهم وفقًا للقانون، لأن 90% منهم يصطنعون المرض والإصابات والفقر، ويعتمدون على الأطفال المخطوفة، أو من ولدوا بطريقة غير شرعية، وبالنسبة لبعض الفئات من فاقدي الأهلية الذين ينتشرون في الشارع على غير رغبتهم يجب حصرهم ووضعهم في دور الأيتام التابعة للدولة، وحمايتهم وتوفير حياة كريمة لهم.
وعن الدور الذي يقع على عاتق رؤساء المدن والقرى بالمحافظات والأحياء لمواجهة الفوضى، طالبهم "عامر" بالنزول للشارع من أجل العمل الميداني فقط والاقتراب من المشكلات والتعامل معها عن قرب.
وعن السيطرة على فوضى الأسعار، طالب "عامر" بتفعيل دور الأجهزة الرقابية على الأسعار مثل: جهاز حماية المستهلك والرقابة على المنتجات، والمحليات أيضًا لها دور رقابي على جميع الأسواق لمنع جشع التجار وغلاء الأسعار، ولا بد من وجود تنسيق بين جهاز حماية المستهلك والرقابة على المنتجات والمحليات ووزارة الداخلية وشن حملات يومية على المحال والأسواق لضبط الأسعار.
وشدد "عامر" على أن مسئولية مواجهة الفوضى مشتركة بين كافة الجهات للخروج من الفوضى ومواجهتها، ومصر إن شاء الله آمنة بدون فوضى، والحمد لله يوجد استقرار ولكن نحتاج بعض الضوابط وبغض الخطوات التي نسير عليها لنكون في المسار الصحيح.
الإرهاب
وقال الدكتور عبد الله المغازي، معاون رئيس الوزراء سابقا وأستاذ القانون الدستوري: إن المؤشرات الأخيرة تفيد بأن نسبة الإرهاب والفوضى بدأت تنحصر وتتلاشى بصورة كبيرة وذلك بسبب تعاون كافة مؤسسات الدولة بعضها مع البعض الآخر في القضاء على كافة أنواع الفوضى والفساد بكافة الهيئات، وهو ما تحقق بالفعل بعد النهوض الاقتصادي الذي تحقق في الفترة الأخيرة كما أن الذي ساعد في القضاء على تلك الظاهرة هو إيمان الشعب المصري بالقيادة السياسية والتي تسعى في النهوض بكافة مؤسسات الدولة.
وأضاف المغازي أن مصر منذ أكثر من 3 سنوات انتقلت لمرحلة الدولة الصلبة بمعنى أن كافة مؤسسات الدولة أصبحت قوية، وساعد ذلك في القضاء والتصدي على أي فوضى أو إرهاب خاصة بعد حالات الفوضى الكبيرة التي شهدتها مصر في فترة ما قبل 30 يونيو.
وطالب عبد الله المغازي المؤسسات بضرورة وضع يديها على المشكلات بشكل فيه تعاون وتعمل على إيجاد حلول لها مثلما يفعل الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأكد المغازي أن هناك نوعا خطيرا من أنواع الفوضى وهو التعدي على أراضي الدولة وحقوق المواطنين وهو نوع خطير حيث إن الرئيس تحدث عنه برفضه ذلك باعتبار أنه فساد وحدد ذلك من خلال المحليات مشيرا إلى أن ذلك النوع من الفوضى والإهمال يتم القضاء عليه من خلال التشريعات القانونية وتطبيق القانون على كل من يقوم بذلك وهو ما تقوم به في الوقت الحالي أجهزة الدولة والتصدي لهذا الفساد.
النهوض بالاقتصاد
واستكمل حديثه قائلا إن الشعب المصري لديه إيمان قوي بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يسعى إلى النهوض بالاقتصاد المصري وتوفير حياة كريمة للمواطن والدليل على ذلك أن الحكومة قامت برفع أسعار الوقود ورغم ذلك الشعب لديه تفهم حول تلك الإجراءات التي يتم اتخاذها ويعمل على مساندة الدولة وقراراتها باعتبار أنها للصالح العام حيث إنه في السابق كانت أجهزة الدولة تعمل كجزر متفرقة أما في الوقت الحالي نري أن هناك تعاونا بين كافة أجهزة ومؤسسات الدولة بعضها مع البعض ومع المؤسسات الخيرية لحل مشكلات المواطن وذلك من خلال تبادل المعلومات والبيانات والقيادة السياسية مدركة ذلك.
كما أن هناك أشكالا جديدة نحو الاهتمام بكافة مشكلات المواطنين من ناحية الاهتمام بمشكلاتهم وبلاغاتهم من قبل الأجهزة الأمنية بمعنى أنه في حالة قيام المواطن بالإبلاغ عن قضية فساد معينة لأجهزة الأمن يتم التعامل مع البلاغ بجدية وسرعة وسرية تامة من أجل حلها أو بلاغات أخرى حيث إن الرئيس السيسي ضد أي فوضى أو إهمال يحدث سواء ضد المواطن أو التعدي على حقوق المواطنين من أراضٍ أو غيرها من الحقوق.