وزيرة الثقافة والغلابة والإرهاب!
حكي لنا من حكي أن وزارة الثقافة في عهد خالد الذكر الدكتور "ثروت عكاشة" كانت ترسل للمدن التي لم يؤسس بها قصر أو بيت ثقافة آلة عرض سينمائي، ضمن خطة توعية وتثقيف الشعب المصري، وأيضا للترفيه عنه، وكان معها كتب برخص التراب، ومسرح للدولة تذاكره تكاد تكون مجانية..
لماذا كل ذلك؟ أليس ذلك تكلفة على الدولة؟ نعم تكلفة ولكن خلق شعب بمواصفات جديدة كانت مهمة أساسية.. شعب واع ومثقف لا تستطيع أي جماعة متطرفة أن توجهه في أي اتجاه، ولا تستطيع الجريمة أن تخطفه إلى طريقها.. ولذلك ليس صحيحا أن القضاء على الإرهاب والإخوان وقتها تم أمنيا فقط !
قبل سنوات قررت الدولة أن تطلق كل عام مهرجان "القلعة" الفني.. وعلي مسارح قلعة صلاح الدين المكشوفة يذهب الناس ليروا نجوم الفن والموسيقي مع أجواء احتفالية كرنفالية تغير مزاج من يذهب إليها.. وعندما يكون المهرجان في القلعة فمن الطبيعي أن يكون زائروه من القلعة وما حولها..
وأغلب ما حول القلعة من الأحياء الشعبية.. من السيدة عائشة إلى السيدة زينب إلى عين الصيرة ومناطق الجمالية ومنشية ناصر وغيرها.. وهي مناطق للأسر المتوسطة وتحت المتوسطة.. وهي الأحياء التي يستهدفها الإرهاب والفكر المتطرف مستغلا الأحوال الاقتصادية والاجتماعية..
وفي حدود علمنا فالمهرجان بدأ حضوره مجانيا ثم تقرر قبل عامين أو ثلاثة أن يكون برسم قدره خمسة جنيهات، ووقتها أشارت أقلام كثيرة إلى عدم قدرة أسر عديدة تتكون من أم وأب وعدة أبناء حضور ليالي المهرجان.. وأمس عرفنا أن سعر الدخول وصل إلى عشرين جنيها! أي أن أسرة من خمسة أفراد عليها إنفاق مائة جنيه لحضور ليلة واحدة من المهرجان بخلاف مصاريف الانتقال وشراء بعض المشروبات وعليها أن لا تفكر في الذهاب مرة أخرى !
كنا نتمنى أن تخطط وزارة الثقافة بالترتيب مع الحكومة على تشجيع أهالي كل الأحياء الشعبية للذهاب إلى المهرجان يوميا، وهذه الفئات أغلبها لا يقدر على الذهاب إلى المصايف.. هذه الفئات تحتاج أن تشعر بأن هناك من يهتم بها ويفكر فيها وأن لهم نصيب في وطنهم.. وهي تحتاج لأن تحب الحياة بالاستمتاع بالفن.. وأن يشعروا بالآدمية وهي كلها وسائل لمحاربة التطرف وقطع الطريق عليه وهو لا يساوي الدخل كله الذي تنتظره وزارة الثقافة التي نظرت للأمر برؤية القطاع الخاص، وبلغة الربح والخسارة، وليس الأمر في طبيعة الحال.. هكذا ! فعائد المهرجان كله لا يعادل ربع تكاليف وخسائر أصغر وأفشل عملية إرهابية!!
أملنا في رؤية شاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف ولا يترك الأمر لرجال الجيش والشرطة يتحملون عبء المواجهة كلها!