حرب إعلامية جديدة نخوضها دفاعا عن سورية!!
منذ انطلاق موجة الربيع العربي المزعوم في مطلع العام 2011 كنت في مقدمة من وصفوا ما يحدث بأنه مؤامرة أمريكية – صهيونية على أمتنا العربية، في إطار ما عرف بمشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة لرسم خرائط جديدة للمنطقة، بإعادة تقسيم المقسم وتفتيت المفتت داخل منطقتنا العربية المنكوبة تاريخيا.
ومنذ اليوم الأول للحرب الكونية على سورية العربية كنت في خندق الدفاع عنها باعتبارها الدولة العربية الوحيدة -في تقديري- التي لم يكن هناك أي مبررات منطقية لانطلاق هذا الربيع المزعوم فوق أراضيها.
فهى تقريبا الدولة العربية الوحيدة التي استطاعت رغم محدودية مواردها الطبيعية أن تقترب من الاكتفاء الذاتى، فكانت دائما ما توصف بأنها الدولة التي تمكنت -خلال حكم القائد المؤسس حافظ الأسد ومن بعده الرئيس بشار الأسد- أن يأكل شعبها مما يزرع، ويلبس مما يصنع، مما مكنها من استقلالية قرارها السياسي فظلت الدولة العربية الوحيدة القادرة على أن تقول لا للإمبريالية العالمية، بل وتقف في مواجهتها وتبني نموذجا تنمويا مخالفا للنموذج الذي يفرضه صندوق النقد الدولى.
والذي ما صار مجتمع وفقا له واستطاع أن ينهض أو يتقدم، لذلك ظلت سورية محتفظة لنفسها بالقدرة على قول كلمة لا عندما تتعارض مع مصالحها الوطنية، فلم توقع على أي اتفاقيات مع العدو الصهيونى، وظلت محتفظة لنفسها بالحق في استرداد أراضيها المحتلة دون أي قيد أو شرط.
ومنذ اليوم الأول لهذه الحرب الكونية على سورية كنت أعلم أن العدو الأمريكى – الصهيونى سوف يستخدم آليات مختلفة على عكس الحروب التقليدية، لذلك كتبت كتابى في مطلع العام 2012 تحت عنوان: "المتلاعبون بأمن سوريا"، ومن خلال صفحات الكتاب حددت بدقة أهم أربع آليات في هذه الحرب الجديدة وكانت على النحو التالى:
1- وسائل الإعلام التي أطلقت عليها مصطلح "الجنرال إعلام" والتي قامت بالترويج بأن ما يحدث هو ثورة شعبية من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، في محاولة لغسيل الأدمغة وتزييف وعى الرأى العام لتبرير العدوان على سورية.
2- الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب العربي السورى المعروف عنه تاريخيا وحدة نسيجه الاجتماعى، فكانت الخطة الموضوعة هي منح مشايخ الفتنة مساحات كبيرة عبر وسائل الإعلام، للتحريض على الاقتتال بين أبناء الشعب السورى عبر الشعارات الطائفية البغيضة.
3- أموال النفط الخليجى التي خصصت لجلب الجماعات التكفيرية الإرهابية من كل أصقاع الأرض وتسهيل مهمتهم بعبور الأراضى العربية السورية، وتسليحهم ليقوموا بالحرب بالوكالة عن الأمريكى والصهيونى، وبعد سنوات من الحرب اعترف حمد بن جاسم وزير خارجية قطر بأنهم صرفوا ما يزيد على137 مليار دولار في الحرب على سورية.
4- المنظمات الإقليمية والدولية مثل الجامعة العربية والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي تدار بواسطة الأمريكى والصهيونى والتي حاولت الضغط على سورية بفرض العقوبات الاقتصادية عليها، وتجميد عضويتها ومحاولة تدويل القضية وانتزاع قرار بالتدخل العسكري عبر حلف الناتو.
لكن سورية استطاعت إجهاض المؤامرة وقامت بتعطيل كل الآليات المستخدمة بفضل المعادلة الثلاثية الأبعاد الشعب والجيش والقائد، فالصمود الأسطورى للشعب، وبسالة الجيش، وبطولة وحنكة القائد مكنت سورية من إجهاض المؤامرة والانتصار على المستويين الميدانى والسياسي.
وخلال هذه الحرب اعتبرت نفسي وبعض زملائي جنود في هذه المعركة وكان الميدان الإعلامي هو ساحة النزال التي نحاول من خلالها الانتصار على الجنرال إعلام الخائن والعميل، الذي رصد مليارات الدولارات لتزييف وعى الرأى العام العربي والعالمى حول حقيقة ما يدور على الأرض العربية السورية، وعبر مئات وآلاف المقالات واللقاءات التليفزيونية والإذاعية قمنا بالانتصار على هذه الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة وكشفنا زيفها..
ومع مرور سنوات الحرب تغيرت لغة الإعلام وتأكد للرأى العام أن ما يحدث على الأرض العربية السورية هو مؤامرة كونية تسعى للنيل من وحدة سورية والأمة العربية.
وخلال السنوات الثلاثة الأخيرة وبعد الانتصارات المدوية للجيش العربي السورى قررت أن لا أظهر في مقابلة على وسائل الإعلام في مواجهة أي عميل أو خائن لسورية، سواء كان سوريا أو غير سوري يعمل لصالح المشروع الأمريكى –الصهيونى، سواء بوعي أو غير وعي، فلم نعد بحاجة لمثل هذه المعارك الإعلامية التي كنا نخوضها في البداية لتنوير الرأى العام وكشف زيف هؤلاء الخونة والعملاء.
وخلال الأسبوع الماضى تمت دعوتى لمقابلة على التليفزيون المصرى الذي تغيرت لغته ومفرداته حول ما يحدث في سورية بفضل سياسة الدولة المصرية الرافضة لأى عدوان على سورية، وداعمة لوحدة أراضيها وشعبها وجيشها وعدم التدخل في مصير قيادتها والتي يحددها شعبها فقط، عبر القواعد التي ينص عليها دستورها، لكن هذا لم يمنع وجود بعض الخلايا العميلة داخل وسائل الأعلام والتي مازالت تبث سمومها.
فعند دعوتى أكد فريق الإعداد أن الضيف المقابل مواقفه إيجابية من سورية فقط سنحاول الإضاءة حول معركة إدلب، لذلك وافقت على الظهور، لكننى ومنذ اللحظة الأولى وجدت توجهات المذيع والضيف في خندق العداء لسورية، لذلك تحولت المقابلة إلى معركة إعلامية جديدة كنت أظن أنها قد انتهت، لذلك تم ردعهم والتأكيد على أننا جاهزون لخوض أي حرب جديدة دفاعا عن سورية شعبا وجيشا وقائدا، اللهم بلغت اللهم فاشهد.