رئيس التحرير
عصام كامل

الدواء «القاتل».. «الصحة» تحذر وقيادات قطاع الدواء تكشف: «الصين منبع الغش».. نشرات دورية من إدارة الصيدلة للتحذير.. وعقارات السرطان والتخسيس على رأس قائمة «التهريب&#

فيتو

«تحذيرات وتشديدات».. أطلقتها وأقرّتها وزارة الصحة والسكان، خلال الفترة الماضية، محذرة من انتشار أدوية مهربة ومغشوشة في سوق الدواء المصرى، وأمرت بسحبها من السوق ومنع استخدامها، في مقدمتها عقار «زيتيجا»، وهو أحد الأدوية المستخدمة في علاج سرطان البروستاتا عدة مرات على فترات قصيرة، وعقار آخر لعلاج سرطان الثدي، إضافة إلى مضادات حيوية ومسكنات وأدوية مخدرة وأدوية لعلاج نقص المناعة.


شكاوى
وزارة الصحة عندما تتلقى شكوى من مواطنين أو شركات دواء بشأن دواء مشكوك في أمره تقرر سحب عينات عشوائية منه لتحليلها، وما أن تثبت عدم فعالية وأمان المستحضر تصدر الوزارة منشورات تحذيرية، وتأمر بسحب كل الكميات من السوق، وتصدر بصفة دورية شهريا ما لا يقل عن 10 منشورات أغلبها متعلقة بأدوية مغشوشة ومهربة، إلا أن تلك المنشورات لا توجد آلية تضمن أنها تصل إلى أكثر من 70 ألف صيدلية، عدد الصيدليات المسجلة في مصر رسميا، وكذلك لكل السوق الدوائي الأمر الذي يؤدي بالبعض إلى تداول الأدوية هذه دون دراية بخطورتها.

«الأدوية المهربة أغلبها مغشوش».. حقيقة أكدها العاملون في صناعة الدواء، وأشاروا إلى أنه لا توجد إحصائيات رسمية بنسبتها في السوق المصري، أو حجم تجارتها من إجمالي حجم تجارة سوق الدواء، التي وصلت إلى أكثر من 70 مليار جنيه سنويا.

قنوات غير شرعية
وفي هذا السياق قال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية، اتحاد الغرف التجارية: الدواء المغشوش والمهرب موجود في كل دول العالم، وفي مصر تأتي هذه النوعية من الأدوية عبر قنوات غير شرعية، ويباع في الصيدليات ومن يبيعه يعرف أنه مهرب، ويباع بـ3 أضعاف سعره، ويوجد مرضي يفضلون الدواء المستورد ويطلبونه، ويشترونه حتى لو مهربا، كما أن هناك فئة من الأطباء تكتب أدوية غير متوافرة بصورة شرعية في السوق، لأن الطبيب يريد أن يكون متميزا في كتابة أي صنف دواء جديد، أو أنه يثق في المنتج.

«د. عوف» أرجع استمرار وجود الأدوية المهربة في مصر إلى تعقيدات التسجيل لدى وزارة الصحة مما يؤدي إلى ظهور الأدوية المهربة وتوافرها عن طريق الإنترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها أدوية تخسيس أو زيادة وزن، إضافة إلى بعض المسكنات التي يطلبها المريض بالاسم نظرًا لثقته في المنتج الأجنبي.

الأدوية المهربة
وأكمل: الأدوية المهربة تأتي من الصين أو السعودية والإمارات، وغالبية الأدوية التي تأتي من الصين مغشوشة، وبشكل عام فإن انتشار الأدوية المهربة يرجع لوجود مريض يبحث عنه وطبيب مقتنع به ويصفه للمريض، فضلا عن حدوث نقص لأحد المستحضرات في السوق، فمثلا عندما حدث نقص في البنسلين ظهر في السوق نوع تركي بـ300 جنيه، وكذلك عقار لعلاج الشلل الرعاش اختفى، وظهر منه التركي والسعودي بـ250 للعبوة، رغم أن ثمنه الأصلي 24 جنيها.

وغالبية هذه الأدوية تباع بخصومات كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى 50%، كما شدد على أن «أي صنف يوجد منه محلي بالسوق، ويسعى المواطن لشراء المستورد المهرب منه على وزارة الصحة أن تفتح تسجيله وتسعره لكي يتوفر في السوق، وتستفيد الدولة من الضرائب والجمارك المدفوعة له بدلا من البيع سوق سوداء وتخسر أموال رسم دخوله، فضلا عن التأكد من درجة الأمان والفاعلية والجودة للمستحضر».

التحكم
رئيس شعبة الدواء، أكد استحالة تحكم وزارة الصحة في 70 ألف صيدلية للتفتيش عليها ومتابعتها بشكل مستمر، موضحًا أن «أدوية الأورام في مقدمة الأدوية التي تتعرض للغش بسبب ارتفاع أسعارها، إضافة إلى وجود عجز دائم في السوق منها، ومنشورات الاستدعاء للأدوية أمر يحدث في كل دول العالم وروتيني، وفي حالة وجود شكوي من أي مستحضر يؤخذ منه عينة عشوائية وفي حال ثبوت أي مشكلة بها يوزع بها منشور، وتابع: نظام الاستدعاء لأي مستحضر من أهم اشتراطات التسجيل لأي دواء، والصحة تلزم الشركات بذلك، غير أن الوزارة أرى أنها مطالبة بإرسال حملات تفتيش إلى المستشفيات والصيدليات للبحث عن الأدوية محل الاستدعاء.

من جانبه قال الدكتور عصام عبد الحميد، وكيل النقابة العامة للصيادلة – تحت الحراسة القضائية: إن «إدارات الصحة بالمحافظات منوط بها ترسل شهريا للصيدليات صورة من الإخطارات التي تؤكد تواجد أصناف مغشوشة أو مهربة بالسوق، وإدارة الصيدلة لديها فريق من المفتشين مهمته المرور على الصيدليات والمخازن إلا أن عددهم قليل مقارنة بالصيدليات، كما أن راتب المفتش لا يكفيه بنزين سيارته التي يستخدمها في المرور على الصيدليات، لأن غالبية المفتشين يستخدمون سياراتهم الخاصة، والنقابة طالبت بزيادة رواتبهم من عدة سنوات ولم يحدث، كما طالبت بتوفير سيارات لهم، ولم يحدث أيضا».

الرقابة
وأضاف: الأدوية المغشوشة تتسرب للسوق لضعف الرقابة، إلا أن نسبتها لا تتجاوز 5% من المباع في السوق، وكل فترة يتم ضبطها بمنشورات الصحة نتيجة شكاوى المرضى مطالبا بضرورة زيادة التفتيش والمفتشين والرقابة على الأسواق، والصيدليات من أكثر الأماكن التي تخضع للتفتيش، غير أن غالبية الدواء المغشوش يتم بيعه في عيادات الأطباء من ذوي الضمائر المعدومة ومحال المستلزمات الطبية غير المرخصة أو المخازن التي لا تخضع لتفتيش أو صفحات الإنترنت والسوشيال ميديا، والأزمة ليست في الصيدليات لأنها مكان مرخص يخضع للتفتيش.

من جانبه قال الصيدلي حاتم البدوي، سكرتير شعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية: هناك 75 ألف صيدلية أتحدى أن يعرف أي منها المنشورات التي تصدرها وزارة الصحة، وإدارة الصيدلة تكتفي بإرسالها إلى مديريات الصحة دون التأكد من وصولها إلى الصيدليات، وقديمًا كان يمر المفتش على الصيدلية ومعه منشورات شهرية للتفتيش على التشغيلات، وتوقع الصيدلية أنها تسلمت المنشور، وحاليًا لا توجد آلية لإبلاغ الصيدلية بالمنشورات إلا بالصدفة.

«البدوي» شدّد على أنه «لا يمكن تحميل المفتشين البالغ عددهم 1500 مفتش مسئولية التفتيش على 75 ألف صيدلية، في ظل تحديات صعبة تواجههم في العمل، منها عدم وجود وسائل لانتقالهم، مع الأخذ في الاعتبار هنا أنه ليس كل المنشورات لأدوية مغشوشة ومهربة، بل منها أدوية خرجت من المصنع فاسدة يتم تحريزها من الصيدليات، والصيدلي تضيع عليه تكلفة الأدوية، وليس له حق الحصول على أمواله بعد إعدامها، رغم أن من حقه تحريك دعوى قضائية ضد الشركة المنتجة صاحبة التشغيلات الفاسدة، والفترة الأخيرة شهدت ضربات من هيئة الرقابة الإدارية ضد الأدوية مغشوشة ومصانع بير السلم، وتابع: غالبية الأدوية المغشوشة فيتامينات وأدوية علاج أورام ومنشطات، وأدوية السرطان تحتكرها شركتان في السوق تباع بأسعار جبرية مبالغ فيها تصل إلى 40 ألف جنيه، ويضطر المريض للبحث عن صنف مهرب بسعر أقل، رغم أنه غير مضمون سواء فيما يتعلق بالتصنيع أو ظروف التخزين.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية