رئيس التحرير
عصام كامل

إرهاب «الجنس اللطيف».. «الإفتاء» ترصد طرق استغلال داعش والقاعدة للنساء في العمليات الانتحارية.. 550 سيدة أوروبية التحقن بتنظيم الدولة.. ودراسات فقهية لدور المرأة في إعداد «الذ

فيتو


في إطار عملها المستمر لفضح الأكاذيب والدعاوى الباطلة التي تروج لها الجماعات الإرهابية، أعدت دار الإفتاء دراسة جديدة عن "تطور أدوار النساء داخل التنظيمات الإرهابية"، وذلك لبيان وشرح الدور الذي تلعبه المرأة وكيفية تطور الأدوار التي تسند إليها في الفترات الأخيرة ومدى تطور ذلك عبر الأجيال المتعاقبة من تلك التنظيمات.


مد نسائي
وحسب الدراسة فإن تنظيم "داعش" الإرهابي شهد مدا نسائيا كبيرا للغاية منذ إعلانه قيام دولته في العراق والشام نهاية يونيو 2014؛ حيث التحق بالتنظيم مئات النساء من جميع أنحاء العالم، فبحسب جون بول لابورد رئيس المديرية التنفيذية للجنة الأمم المتحدة لمُحاربة الإرهاب فإنه قد "سافرت 550 امرأة أوروبية إلى مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم، وفي بعض الدول تمثل النساء ما بين 20 و30% من المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

وأضافت الدراسة التي تنفرد "فيتو" بنشرها أن انضمام النساء إلى صفوف تنظيم داعش في العراق وسوريا وباقي البلدان التي كان ينشط بها التنظيم علامة تعجب كبرى، كون التنظيم يعمل على إظهار مستويات هائلة من العنف المادي والرمزي، وإعادة العمل بتشريعات تقليدية ارتبطت ببيئاتها والثقافة المحلية التي وجدت فيها والعهود الغابرة التي ظهرت بها، من قبيل سبي النساء غير المسلمات، والعمل على فرض النقاب إلى غير هذه الأعمال التي تعد انتهاكًا لحقوق المرأة.

تطور الأدوار
وعلى عكس النسوة اللاتي انتمين لبعض أفرع تنظيم القاعدة واللاتي كان أغلبهن من زوجات أعضاء التنظيم واقتصرت أدوارهن على التربية في المراحل الأولى، ثم الدعاية والدعوة وتقديم الدعم اللوجيستي كرعاية أسر القتلى والسجناء وجمع التبرعات مع التطورات التي أدخلها قائد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإن النساء المنتميات لتنظيم داعش حظين على مساحات أكبر؛ حيث عمل التنظيم على استدخال النساء في مجالات التعليم والصحة والحسبة "الشرطة النسائية" والدعاية والإعلام والتنظير الفقهي، وصولًا لتنفيذ الأعمال العسكرية والانتحارية.

وتعد أدوار النساء وكيفية رؤيتها داخل تلك التنظيمات موضوعًا مثيرًا للبحث في أدبيات تلك التنظيمات، بشكل عام، يرى منظرو وقادة تلك التنظيمات أن الأدوار المناطة بالنساء تنصب على أدوارها التقليدية في رعاية المنزل وتربية الأولاد حتى يكملوا مسار آبائهم، ومؤخرًا قامت التنظيمات التي تسعى إلى جذب المزيد من الأعوان والمناصرين بتعديل هذه الأدبيات وجعلوا من الممكن للمرأة المشاركة مع الرجال في ساحة المعركة وفي العمليات الانتحارية.

المرأة عند القاعدة.. ست بيت 

وخلت كتابات وأحاديث أسامة بن لادن وخليفته أيمن الظواهري من خطاب موجه إلى النساء، حيث تقتصر أدوار المرأة في المخيال القاعدي على الأدوار التقليدية في رعاية الأسرة وتربية جيل جديد ينتهج مسار أعضاء التنظيم، باعتبار ذلك أحد عوامل التجنيد. الأمر الذي أدي إلى عدم تجنيد أو استدخال أي امرأة في الهيكل التنظيمي للقاعدة، رغم سعي بعض المناصرات إلى الالتحاق بالتنظيم.

وخرج عن الخط الرسمي للتنظيم بعض أفرع التنظيم كفرع جزيرة العرب وفرع التنظيم في بلاد الرافدين، حيث بدأت تلك الفروع بتجنيد النساء وتوظيفهم بطرق عدة في المجالات الدعوية والدعائية واللوجستية، كما فعل قائد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية "يوسف بن صالح العييري" الذي كان يولي عناية خاصة بالإعلام والدعاية، أما إدماج النساء في الأعمال القتالية فجاء على يد أبو مصعب الزرقاوي "أحمد فاضل نزال الخلايلة" قائدة ما يسمى تنظيم التوحيد والجهاد فرع القاعدة في بلاد الرافدين.

وحسب "العييري" فإن نجاح أو فشل التنظيم يعتمد على التزام المرأة ودعمها، ولذلك أفرد خطاب خاص للمرأة على عكس قادة التنظيم الآخرين، ففي رسالته "دور النساء في جهاد الأعداء" يؤكد على كون النساء ركنا أساسيا في نجاح التنظيم، حيث يقول: "سـبب مخاطبتنا في هذه الورقات المرأة، هـو مـا رأينـاه بأن المـرأة إذا اقتنعـت بأمـر كانـت أعظـم حافـز للرجـال علـى أدائـه، وإذا عارضـت أمرًا كانـت مـن أعظـم الموانـع لـه... نحـن لا نريـد منـك أن تدخلـي أرض المعركـة لمـا فيـه مـن تبـذل وفتنـة، ولكننا نريد منــك أن تقتــدي بنســاء الســلف في تحريضهــن علــى الجهــاد، وإعدادهــن لــه وفي صبرهــن علــى هــذا الطريــق، وفي شــوقهن للمشــاركة بــكل شيء مقابل انتصار الإسلام".

تخطى العييري الأدوار التقليدية للنساء في تلك التنظيمات، وشرَّعَ لقيام النساء بالعمليات الانتحارية، ففي رسالة بعنوان "هل انتحرت حواء أم استشهدت؟"، رد على إنكار العديد من أعضاء التنظيم حينها مشاركة المرأة في العمليات القتالية، وأجاز العييري تفجير النساء لأنفسهن.

وبعد وضع "العييري" للأسس النظرية لإدخال النساء في التنظيمات القتالية سواء بالتربية والدعم اللوجيستي والقيام بأدوار دعوية أو في مرحلة أخرى بإعطاء شرعية لمشاركة المرأة في الأعمال القتالية وعلى رأسها العمليات الانتحارية. تلقف الزرقاوي هذه التوطئة الشرعية، وقام بإدخال النساء في الأعمال القتالية.

دفع الزرقاوي في اتجاه توظيف النساء في الأعمال القتالية، وتحريض الأبناء والأزواج على القتال، ففي رسالة بعنوان "أينقص الدين وأنا حي؟!" يستنهض الزرقاوي همم النساء ويحثهن على دفع أولادهن وأزواجهن للمعارك، ولم يكتفِ الزرقاوي بهذا الدور بل طالب النساء بالقتال، فيقول: "هـذه رسـالة إلى الحرائر مـن نسـاء الرافديـن خاصـة وإلى نسـاء الأمـة عامة "أيـن أنتـن مـن هـذا الجهـاد المبـارك؟ ومـاذا قدمتن لهذه الأمة؟ ألا تتقين الله في انفسكن؟ أتربين أولادكم ليذبحوا على موائد الطواغيت؟ أرضيتن بالخنوع والقعود عن هذا الجهاد؟".

نساء داعش في "وثيقة المدينة"
حظيت النساء على مساحات كبيرة في خطاب تنظيم داعش، كما عمل التنظيم على إعطاء تلك النساء أدوار في مجالات التعليم والصحة والحسبة "الشرطة النسائية" والدعاية والإعلام والتنظير الفقهي، وصولًا لتنفيذ الأعمال العسكرية والانتحارية.

وأصدر المكتب الإعلامي لما يسمى "ولاية نينوى" بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على محافظة "نينوى" العراقية وأكبر مدنها "الموصل"، ورقة حملت اسم "وثيقة المدينة". تتألف الوثيقة من 16 بندًا موجهًا من قبل التنظيم إلى من أسماهم "عشائرنا الأصيلة وأهلنا وأحبابنا وعوائلنا في ولاية نينوى"، ويخص بها مدينة الموصل.

تضمنت تلك الوثيقة مادة مُخصصة للنساء تدعوهم إلى "الحشمة والستر والجلباب الفضفاض"، والبقاء "في البيت وملازمة الخدر وترك الخروج إلا لحاجة".

وفي سياق بيان الأدوار المأمولة من النساء المنتميات للتنظيم، أفردت ما تسمى "سرية الخنساء الإعلامية" رسالة تحت عنوان "المرأة في الدولة الإسلامية: رسالة وتقرير"؛ اشتملت تلك الرسالة على تصورات التنظيم عن طبيعة دور المرأة داخل التنظيم. وتشتمل الرسالة على مقدمة وثلاثة أجزاء؛ خصصت المقدمة والجزء الأول لعرض رؤية التنظيم لرسالة المسلم في الحياة، أما الجزء الثاني فقد تناول واقع النساء في أماكن سيطرة التنظيم في مدينتي "نينوي العراقية" و"الرقة السورية"، في حين جاء الجزء الثالث ليعقد مقارنة بين واقع المرأة المنتمية للتنظيم وواقع المرأة في الدولة السعودية؛ حتى يفضح ما اسموه بـ "التوحيد المزور في الجزيرة الذي يدّعي التفرد في حماية المرأة والحفاظ على دينها وحقوقها".

وعلى نهج الوثيقة الأولى "وثيقة المدينة"، شددت رسالة كتيبة الخنساء على أن الوظيفة الأساسية للمرأة هي التزامها بيتها مع زوجها وأطفالها، ولا يسمح لها بالخروج إلا لعدد من الأسباب منها: طلب العلم الشرعي، وكذلك "للجهاد المتعين"؛ إذا "هاجم العدو بلدها ولم تحصل بالرجال الكفاية، وأفتى العلماء الربانيون لها بذلك، كما فعلت بعض النسوة الفضليات في الجهاد العراقي والشيشاني – مع وافر الأسف، إذ انعدم الرجال وهم وجود".

واختتمت الرسالة بتوجيه "أربع رسائل" منهم رسالتان للنساء، وجهت الأولى للنساء التي تعيش تحت حكم التنظيم "لأخواتنا اللاتي ينعمن بحكم الله تحت ظل الخلافة، اتقين الله وأدين واجبكن تجاه دولتكن، واحذرن أن تسئن إليها من حيث تعرفن أو لا تعرفن، بادرن بتنشئة أبناء الخلافة على التوحيد الخالص، وبناتها على العفة والحشمة، واعلمن أنكن أمل هذه الأمة فمن بين أيديكن يخرج لنا حراس العقيدة وحماة الأرض والعرض، بارك الله فيكن وكتب أجر صبركن، أنتن منا ونحن منكن".

أما الرسالة الثانية فقد وجهت "إلى النساء في كل مكان، وأخص منهن الغيورات على أمتهن، ليكن في خبركن أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لن تنهض بدون سواعدكن، فلا تخذلن الخلافة، واخدمنها ولو بكلمة، وليكن أبناؤكن حجارة أو لبِنات في صرح المجد ومنارات دولة الإسلام، بارك الله فيكن وكتب أجر صبركن، أنتن منا ونحن منكن".

" نقلا عن العدد الورقي.. "
الجريدة الرسمية