رئيس التحرير
عصام كامل

محمود السعدنى يكتب: سلامو عليكو

محمود السعدنى
محمود السعدنى

في مجلة صباح الخير عام 1968 كتب الصحفى الساخر محمود السعدنى مقالا قال فيه:

منذ شهر وأنا أدور في دوامة جنون ساحبا أصحابى وأنصارى وإخوانى وأولاد أختى وأولاد عمى، قاطعا شوارع الجيزة طولا وعرضا، رافعا يدى في حركة ميكانيكية لا طعم لها ولا نكهة، راميا السلام على كل من ألقاه حتى أصبح "السلامو عليكو " هو الشعار الذي رفعه كل المرشحين وأنا منهم، وأصبح السلامو عليكو هو البرنامج السياسي للمرشحين.. فلا أحد اهتم بتوعية الناس أو شرح قضايا الساعة.


أنا مثلا كنت أمر في شارع واقتحمت قهوة عامرة والحمد لله، وقلت "السلامو عليكو" فهب كل من في القهوة يسلم على المرشح، في الوقت الذي كان فيه الجرسون يزعق (واحد بورى من أجل زبون خرمان).

وخرجت لأجد خمسة رجال على باب المقهى ، ومطلوب منى أهم وأسلم عليهم وأقبل، وإذا بى اكتشف أن الخمسة رجال ليسوا من الجيزة، وكانوا متهمين في قضية وظنونا موكب شرطة للقبض عليهم، وما أن عرفوا أننا مرشحين في الانتخابات تركونا وفروا هاربين.

وكنت شديد الكسوف، وأنا أصافح أناسا لم أصافحهم من قبل، وأحضن أناسا لم أحضنهم من قبل، والسبب أن هناك رجلين إبراهيم نافع وحسين بدران هما اللذان جرجرانى إلى هذا الطريق، بعد الانتخابات  اكتشفت أنه ينجح فيها الرجل حريف الانتخابات، وأنها مثل الكومى تحتاج إلى من يقش بالواد ويأكل العشرة الطيبة قبل أن يلطشها منه خصمه.

وكانت تجربة الانتخابات رابع تجربة هامة في حياتى..التجربة الأولى كانت الحرب العالمية الثانية، والثانية كانت معركة السويس عام 1956، والثالثة كانت في السجن، والانتخابات هي الأخيرة والهامة، واكتشفت أن قيادة الجماهير ليست من داخل المكاتب أو بالكتابة في الصحافة ولكن بالحياة مع الناس في الشارع، كما اكتشفت أن الجماهير ترتاح للرجل الطيب والرجل الصادق، وأنها تعطف على الرجل الغلبان.

المهم نجح العبد لله في الانتخابات، وأعاهد هؤلاء الذين وثقوا بى أنى سأبذل أقصى جهدى، وسأودى واجبى قدر ما أستطيع، وإذا فشلت أعاهدكم ألا أترشح بعد ذلك.
الجريدة الرسمية