تفاصيل جديدة عن الحادث النووي في روسيا
وقع هذا الحادث يوم الخميس، 8 أغسطس، في البحر بالقرب من موقع التجارب البحرية القريب من قرية تسمى "نينوسكا" في مقاطعة "أرخانجلسك" في منطقة القطب الشمالي. وبعد وقوع هذا الانفجار، أبلغ المسئولون المحليون أن هناك قفزة في مستوى الإشعاع في الغلاف الجوي.
تسبب رد الفعل البطيء من جانب السلطات الروسية ومحاولات الحكومة الروسية لإخفاء أي معلومة تخص هذا الانفجار في إثارة القلق بين سكان المدن والقرى الواقعة بالقرب من موقع الانفجار، كما جذب انتباه المحللين في العالم الغربي.
أما في وقت متأخر من مساء يوم الأحد، 11 أغسطس، خرج ممثلون لمعهد الأبحاث الذي عمل فيه خمسة علماء ماتوا في الانفجار ليأكدوا أن مفاعلًا نوويًا صغيرًا قد انفجر في البحر الأبيض، وأن السلطات بدأت بالفعل تحقيقًا في ملابسات هذا الحادث.
الخمسة علماء هؤلاء تمت تسميتهم (أليكسي فيوشين، البالغ من العمر 71 عامًا، فلاديسلاف يانوفسكي، أحد المتخصصين الأكثر خبرة في المعهد، فياتشيسلاف ليبشيف، يفغيني كوراتاييف وسيرجي بيتشوجين)، بالطبع خسارة كبيرة تفوق حجم هذا الانفجار الذي وقع، أن يموت خمسة أشخاص ذوو خبرة لا يمكن تكرارها في المستقبل القريب، وموت هؤلاء الخمسة بالتأكيد سيؤثر على برامج تطوير هذا المفاعل النووي الصغير.
لكن ما طبيعة هذا المفاعل النووي الصغير؟
إنه المحرك الصاروخي الذي كما أعلن "بوتين" في عام 2018 قادر على الوصول لأي نقطة في العالم ولا يوجد له حد أقصى من حيث المسافة، أما من حيث السرعة طبقا لـ"بوتين" فتصل سرعة هذا الصاروخ إلى 5 أضعاف سرعة الصوت، وقادر على اختراق أنظمة الدفاع الصاروخي التي يتم نشرها حاليًا في ألاسكا وكاليفورنيا، والتي يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تطير على مسار يمكن التنبؤ به نسبيًا. لكن هذا الصاروخ المفروض أنه كان سيطير على مسارات لا يمكن التنبؤ بها.
وعلى الرغم من كل هذه الضجة التي أثارها "بوتين" العام الماضي، فشلت الاختبارات الأولى لصواريخ كروز الروسية الجديدة، قبل الانفجار بأسبوع. بالإضافة إلى ذلك، خلال الأيام الأربعة الماضية، ومع تزايد عدد الضحايا المؤكدين، تغيرت الرواية الروسية لما حدث بالضبط بالقرب من أحد أكبر مواقع اختبار الصواريخ في البلاد وفي أهم المناطق الجيوسياسية في العالم حاليا- منطقة القطب الشمالي.
بالنسبة للمخاوف الصادرة من بعض العرب على صفحات التواصل الاجتماعي، حول تأثير هذا الانفجار على الأطعمة والشراب، فلا أساس لها. حيث أن هذا الانفجار لم يحدث للرأس النووية إن كانت موجودة أصلا خلال الاختبار، وإنما الانفجار حدث في المحرك الخاص بالصاروخ، وهذا المحرك عبارة عن مفاعل نووي صغير، ولكنه في النهاية صغير.
فقد أدى هذا الانفجار إلى مقتل خمسة أو سبعة أو 10، الأرقام بشكل صريح غير واضحة هنا في روسيا. وعدد الضحايا حتى لو وصل 20 أو 30 فهو انفجار صغير، بطبيعة الحال أدى إلى تغيرات إشعاعية في المنطقة ولكن هذه التغيرات غير خطيرة، حتى الآن.
الخطير والكارثة بسبب هذا الانفجار، يتمثل على أنه مصيبة سياسية كبرى في روسيا وفي الولايات المتحدة. في روسيا لأنه سيثير الشكوك حول مدى تطور التكنولوجيا النووية في روسيا وهل هي فعلا حقيقة أم كذبة من "بوتين" ليخيف الغرب ويردعه؟
فالفيديو الذي أظهره "بوتين" خلال حديثه عن هذا الصاروخ في عام 2018 أعطى انطباع أن الصاروخ جاهز في الدخول في الخدمة، ولكن اتضح أن ذلك كذبة أو بروباجندا من جانب "بوتين" لجذب انتباه الغرب وإخافتهم بأنه يملك نوعية الصواريخ هذه.
أما على الجانب الأمريكي، وبعد تغريدة "ترامب" التي بها نوع من الشماتة ولا تليق برئيس دول عظمى، بأن الأمريكان يعرفون الكثير عن هذا الانفجار وأن الولايات المتحدة تمتلك نفس التكنولوجيا ولكن أكثر تطورا، نجزم أيضا أن هذه كذبة وبروباجندا من جانب "ترامب" يمكن أن يدفع ثمنها قريبا عند مناقشة الميزانية العسكرية القادمة. فإذا كنت تمتلك تكنولوجيا أكثر تطورا من روسيا، فلماذا خصصت أموال بأرقام فلكية لتوسيع الترسانة النووية الأمريكية لتضاهي الترسانة النووية الروسية؟
على العموم هذا ليس أمر جديد بالنسبة لقيادة البلدين، فخلال الحرب الباردة، صدعونا بحجم وخطورة الترسانات الخاصة بهم من خلال بروباجندا كاذبة ومعلومات غير دقيقة، وشعوب العالم هي التي تدفع الثمن من جراء هذه الأكاذيب.