هل سينتصر الأمريكيون في هذه الحرب؟!
يخوض الأمريكيون نيابة عن العالم حربًا هي ليست في الحقيقة حربًا عسكرية، ولكنها حرب مبادئ ضد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الذي يسعى للفوز بفترة رئاسية ثانية في العام القادم.
لم تمثل ملفات مقتل "جمال خاشقجي"، والحرب في اليمن مشكلة ل"ترامب" بقدر ما تكمن مشاكله في "عنصريته" التي أصابت الأمريكيين بالغثيان وبخاصة سياسته ضد المهاجرين، وتشويه كل من يخالفه الرأي، حتى أن الكونجرس أدان الرئيس الأمريكي بشكل رسمي بسبب تصريحات له ضد أربع نائبات في الكونجرس ينتمون للحزب الديمقراطي، وقد استخدم "ترامب" في تغريداته لغة وصفها الديمقراطيون بالعنصرية.
ثم جاءت حادثتا إطلاق النار في ولايتي تكساس واوهايو لتنزع عن "ترامب" آخر ورقة توت "إنسانية يتحلى بها" بعد رفضه الموافقة على تشريع يجرم أسلحة الحرب واكتفائه بالدعوة لتشريع يدعو للتحري عن مشتري هذه الأسلحة.
"ترامب" أصر على رفض فكرة أن مرتكبي هاتين الحادثتين من المتشددين البيض الذين يؤمنون بأفضلية البيض، ثم عاد قبل أن يحصل على إجازته السنوية بدقائق للقول أنه يرفض المتشددين الذين يؤمنون "بأفضلية البيض". ولما لا ومدرسة "ترامب" في "البرجماتية الوقحة" يمكن أن يتم تدريسها، فاضطر أن يقول أنه يرفض "كل المتشددين" بما فيهم من يؤمن "بافضلية البيض" رغم أنه كرر أن مرتكبي الحادثتين الإرهابتيين والتي راح ضحيتها 32 شخصا مصابون بخلل عقلي.
ولكن حرب "ترامب" التجارية ضد الصين، وسياسته المالية وخطابه الذي يتحدث عن تدفق الأموال على الولايات المتحدة وعن ضرورة حصول الولايات المتحدة على أموال أكثر لتوفيرها الحماية العسكرية في بعض الدول العربية، يلقى إعجابًا بين مؤيديه، وقد يرى الناخب الأمريكي حينما يحين وقت الانتخابات الرئاسية أن "ترامب" على حق في مبدأ "فليذهب العالم للجحيم" طالما أن الاقتصاد الأمريكي سيتعافى.
الصين بدأت ردها على حرب "ترامب" بتخفيض قيمة عملتها لأن ذلك من شأنه أن يزيد من رغبة المستوردين في الحصول على المنتجات الصينية، وقد يتمكن "ترامب" من إقناع الأمريكيين أن حربه ضد المهاجرين هو المقصود به الهجرة غير الشرعية. يجب ألا ننسى أن "ترامب" معروف بتصريحه بأرقام وإحصائيات لا صحة لها.
لهجة ترامب في الحقيقة تشبه فكرة "تنقية الجنس الأمريكي"، وهي الفكرة التي بنى على أساسها إرهابي ولاية تكساس خطابه والذي استعان فيه بأقوال ل"ترامب"، لكن سياسة "ترامب" الطاردة للمهاجرين قد تؤتي ثمارها لأنه مع قلة عدد "البني آدمين" وتحسن الاقتصاد سيكون هناك فرصة للصنف الذي يحبه "ترامب" من الأمريكيين في الحصول على فرص عمل أكثر.
سياسة "ترامب" الخارجية السيئة، وعنصريته قد لا يكفيان لإسقاطه، طالما أن "ترامب" يتبع سياستي "نفسي نفسي" و"سياسة فرعون"، ف"ترامب" يقول للأمريكيين إنه يريهم ما يرى وما يهديهم إلا سبيل الرشاد.
من سيخوض حرب إسقاط "ترامب" نيابة عن الأمريكيين وما هي فرصهم لاسقاطه؟
من بين العشرين مرشحا ديمقراطيًا للرئاسة هناك تسعة مرشحين سيخوضون جولة ثالثة من المناظرات بينهم، أبرزهما "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، و"بيرني ساندرز" الذي فشل في الحصول على ترشيح الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة السابقة أمام "هيلاري كلينتون".
"بيرني ساندرز" أكثر حظوظًا في الفوز أمام "جو بايدن" ولكنه فرصته في هزيمة "دونالد ترامب" أقل. هل تبدو المعادلة صعبة؟
"بيرني ساندرز" يهتم بقضايا التغير المناخي، ويرغب في أن يكون برنامج الرعاية الصحية أكثر شمولا وهو يسعى لتبنى النموذج الكندي الذي يسمح بالعلاج المجاني لدى الأطباء وفي المستشفيات. مشكلة "بيرني ساندرز" أنه ديمقراطي تقليدي يميل للأفكار الاشتراكية بما فيها توزيع الثروة وهو الأفضل بين الأمريكيين المهاجرين.
مشكلة "جو بايدن" أنه يبدو كما لو كان "ظل الرئيس السابق" حتى أن منافسيه من الديمقراطيين هاجموه من هذا المنطلق، ولن يكون من الصعب على "ترامب" أن يوجه له السهام نفسها.
التوقعات التي نشرها الموقع الشهير "بيزنس انسيدر" Business Insider لا تصب في مصلحة "ساندرز" لهزيمة ترامب، فالتوقعات بناء على استطلاعات الرأي التي أجراها هذا الموقع الشهير تقول أن 85% من الديمقراطيين يفضلون "بيرني ساندرز" في مقابل 83% لــ "جو بايدن"، لكن الاستطلاعات نفسها تقول أن 34% فقط من الديمقراطيين يظنون أن "بيرني ساندرز" قادر على هزيمة "ترامب" في انتخابات الرئاسة القادمة في مقابل 53% لــ "جو بايدن".
أيضا يرى 39% ممن صوتوا في الاستطلاع أن "بيرني ساندرز قد يخسر أمام "ترامب"، في حين يقول 31% من الامريكيون المشاركين في الاستطلاع أن "جو بايدن" قد يخسر أمام "ترامب" وهو ما يعني أن فرص "جو بايدن" أفضل من "ساندرز" في هزيمة "ترامب".
مشكلة المرشحين الديمقراطيين الأكثر حظوظًا أن كلاهما أضعف من "ترامب". فالناخب الأمريكي قد يصوّت لمصلحة "ترامب" كما صوت من قبل للرئيس الجمهوري "جورج بوش" الذي هبط بالاقتصاد الأمريكي للحضيض، وكذب على الشعب الأمريكي في حربه ضد العراق، وشوه صورة أمريكا أمام العالم، ومع ذلك أعاد الأمريكيون انتخابه لأن منافسه في ذلك الوقت "جون كيرى" كان ضعيفًا والأمريكيون يحبون أن يكون رئيسهم رئيسًا قويًا، فما بالك والرئيس الحالي يخوض حربًا اقتصادية مع أوروبا والصين ويحاول ترويض النووي الكوري الشمالي ويهدد إيران ويعبد إسرائيل.