عن "الرمز" في الحج
أن كان "الرمز" يعني لغة "الإشارة والايماءة" ويعني في علم البيان "الكناية الخفية" فيمكننا بسهولة وضع أيدينا على رموز عديدة من فريضة الحج.. فملابس الإحرام لها أكثر من رمزية.. أولها "المساواة".. فلا يمكن من ملابس الإحرام أن تعرف أي فرق بين غني أو فقير ولا العربي من غير العربي.. كلهم سواسية بلباس واحد بلون واحد.. كما ترمز أيضا إلى لحظة الانتقال من الدنيا إلى الاخرة.. بذات اللباس الذي لا يحمل صاحبه معه إلى ربه شيئا إلا عمله.
الوقوف على جبل عرفات رمزية لكل ما قيل عن أسباب تسمية عرفات بهذا الاسم.. فان كانت التسمية لأن آدم وحواء هبطا إليه من الجنة وعرفا بعضهما عليه، فهو كذلك إحياء لذلك، وإن كانت تسميته بسبب طواف جبريل بإبراهيم يعلمه الأشياء ويسأله "هل عرفت"؟ ويرد: "عرفت عرفت". فهو رمز لذلك وإحياء له.. وإن كانت تسميته لاعتراف الناس بذنوبهم عليه فمن أجل ذلك كانت رمزية الوقوف عليه في التوبة.. والذبح والأضحية إحياء لذكرى فداء إسماعيل عليه السلام.. فهو أبو العرب.. وهو الجد الأكبر للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
السعي بين الصفا والمروة رمزية للهفة هاجر عليها السلام وهي تبحث عن الماء لإسماعيل والذي أدى في الأخير إلى تفجر ماء بئر زمزم.. والطواف لرمزية القبلة الواحدة والحياة الدائبة من حولها ورمي الجمرات رمزية لرفض كل ما يمثله إبليس والإقرار بالسير في اتجاه الطاعة لرب العالمين وليس انتقام منه كما يفهم البعض!
من هنا -فيما نعتقد- كانت الفريضة من الله العزيز الحكيم لمن يستطيع القيام بها.. لأن الإحياء في الرموز السابقة مطلوب من أي جمع من الناس.. وليس من كل الناس.. ولذلك تختلف فريضة الحج عن فرائض الصوم والصلاة والزكاة والصوم والتي يجب أن يقوم كل مسلم مكلف بها.. لا إنابة ولا تفويض ولا توكيل!
كل عام وانتم جميعا بكل خير.. ورزقنا الله واياكم زيارة بيته المقدس !
