رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شارع الخرنفش.. حكاية تصنيع كسوة الكعبة بالجمالية

جانب من تصنيع كسوة
جانب من تصنيع كسوة الكعبة بالجمالية

شهد أيام العز وجاه السلاطين، وسكنت فيه الملوك والأمراء ومرت به المواكب، وشيدت به المنازل والقصور والأسبلة، شارع الخرنفش هو واحد من 18 حيا وشياخة على جنبات شارع المعز لدين الله، وهو من أعرق شوارع القاهرة الفاطمية بحي الجمالية.


بالفيديو.. دار كسوة الكعبة تتحول إلى مخزن لوزارة الأوقاف.. «تقرير»

الخرنفش، هي تحريف لكلمة الخرشنف وهو ما يتحجر من وقود الحمامات، ويستعمل مع الجير مونة للبناء، واستعمله العزيز بالله في بناء القصر الغربي الذي كان يتوج المنطقة، والخرنفش يحدها من الغرب حارة خميس العدس وحارة اليهود، ومن الجنوب عطفة المصفى وعطفة الذهبي، ومن الشرق حارة البرقوقية وهو عبارة عن ميدان بجوار القصر الغربي والبستان الكافوري لذلك عرف الشارع باسم الخرنفش.

واشتهر شارع الخرنفش بمبنى مهم وهو (دار كسوة الكعبة) التي تأسست عام 1233هـ، وما زالت هذه الدار موجودة حتى الآن، بعد أن ظلت تعمل حتى عام 1962.

حيث يشهد خروج كسوة الكعب المسماة بـ«المحمل» على مر السنين في احتفال بهيج؛ إذ كانت توضع بهودج على جمل تزين لحمل الكسوة المشرفة، وقد حِيكت آياتها القرآنية بماء الذهب والفضة، ويتقدم الموكب الأمراء والسلاطين وعلماء الدين وكبار رجال الدولة وجموع الشعب المصري، وتُدّق الطبول والدفوف وتُعّزف الأناشيد وترفرف الرايات لتستقر الكسوة المشرفة في ميدان الرملية بالقرب من قلعة صلاح الدين؛ حيث مقر الحكم آنذاك لتتخذ طريقها صوب مكة.

ومن أشهر الحارات الموجودة بشارع الخرنفش أيضا حارة الأمراء التي كان السكن فيها محرم إلا على الإشراف من أقارب الخليفة أيام الفاطمية، ولما زالت ملكهم ودولتهم سكن هذه الحارة أخو صلاح الدين شمس الدولة توران شاه، ولا يزال هذا الاسم باقيا حتى الآن.

ودار كسوة الكعبة تأسست عام 1233هـ، وما زالت موجودة، ظلت تعمل حتى عام 1962م، وكان يقام حفل رسمي كبير في حي الخرنفش أمام مسجد القاضي عبد الباسط (قاضي قضاة مصر ووزير الخزانة العامة والمشرف على صناعة الكسوة الشريفة)، ثم تخرج الكسوة في احتفال بهيج وتخرج وراءها الجموع إلى ميدان الرملية قرب القلعة، وكان مكان هذا المشغل ورشة خميس العدس، كان قد أنشأها محمد علي باشا لعمل آلات أصولية مثل السندانات والمخارط الحديد والقواديم والمناشير وأدوات الأنوال لصناعة غزل ونسيج الحرير والقطن والمقصبات (التي بها خيوط من الذهب أو الفضة أو خيوطه مطلية بإحداهما)، وكانت أبطلت تلك الورشة بعد وفاة محمد علي، وجعل محلها مشغل الكسوة الشريفة.

ومع بداية الدولة الفاطمية اهتم الحكام الفاطميون بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون، وفي الدولة المملوكية وفي عهد السلطان الظاهر بيبرس أصبحت الكسوة ترسل من مصر، حيث كان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد حتى ولو وصل الأمر إلى القتال، وأراد ملك اليمن "المجاهد" في عام 751هـ أن ينزع كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن، فلما علم بذلك أمير مكة أخبر المصريين فقبضوا عليه، وأرسل مصفدا في الأغلال إلى القاهرة، كما كانت هناك أيضا محاولات لنيل شرف كسوة الكعبة من قبل الفرس والعراق، لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأي أحد أن ينازعهم في هذا، وللمحافظة على هذا الشرف أوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر في عام 751هـ وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة، وهذا الوقف كان عبارة عن قريتين من قرى القليوبية هما بيسوس وأبو الغيث، وكان يتحصل من هذا الوقف على 8900 درهم سنويا، وظل هذا هو النظام القائم إلى عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، واستمرت مصر في نيل شرف كسوة الكعبة بعد سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية، فقد اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وكسوة مقام إبراهيم الخليل.

وفي عهد السلطان سليمان القانوني أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قرى أخرى لتصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسعة قرى، وذلك للوفاء بالتزامات الكسوة، وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصري، وفى عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1222هـ الموافق عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في عام 1228 ه.
Advertisements
الجريدة الرسمية