رئيس التحرير
عصام كامل

عبود الزمر: «الإخوان» فشلوا في سنة أولى حكم.. ومرسي « متردد ومرتبك"

فيتو

«تنمية قناة السويس».. بذرة تقسيم مصر 
عبد الناصر الأكثر وطنية.. والسادات تحول إلى مستبد بعد نصر أكتوبر 
إذا ما توافر الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني في غزة لن تكون هناك أنفاق  

«الإخوان أخفقوا في سنة أولى حكم»، هكذا قالها بصراحة عبود الزمر؛ عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، مؤكدًا أن «على الرئيس مرسي؛ ممثل الشرعية، الوفاء بوعوده للشعب، والخروج من نفق الارتباك»، وشدد في حواره مع «فيتو» على أن «عودة الجيش للحكم مرفوضة»، واعتبر أن جبهة الإنقاذ صارت ضعيفة ولا تستند إلى شعبية في الشارع المصري. 
ورأى أشهر المعتقلين الإسلاميين أن فكرة الإقليم التي يعتمد عليها مشروع «تنمية قناة السويس» تحمل بذرة تقسيم البلاد التي تسعى إليها إسرائيل، منتقدًا في الوقت ذاته أداء الأزهر ومطالبًا بانتخاب شيخه، والمزيد من الآراء المثيرة في نص الحوار:
> باعتبارك رجلًا عسكريّا.. كيف ترى هجوم حازم أبو إسماعيل على المؤسسة العسكرية؟
- حازم شخصية وطنية، ولكن لديه بعض التخوفات فيما يتعلق بدور الجيش في المستقبل في ظل تحريض المعارضين، فأصدر تحذيره كأمر احترازي.
> لكن إجابتك هي تبرير للتطاول والهجوم على الجيش؟
- لا أحد يستطيع أن ينكر دور المؤسسة العسكرية في الثورة، بالإضافة إلى معطيات أخرى، ولكن المجلس العسكري الذي أدار البلاد في الفترة السابقة أخفق في العديد من المهام التي أوكلت إليه؛ لأنه أدارها بخلفية عسكرية، فضلًا عن عدم ممارسته العمل السياسي من قبل، وهو ما جعله يقع في أخطاء فادحة، لذلك نرفض أي مطالب بعودة العسكر مرة أخرى للحكم، خاصة وأن الدور الأصيل لهذه المؤسسة هو تأمين الوطن من المخاطر الخارجية وليس القفز على السلطة بدون وجه حق، وحدوث ذلك يعد انقلابًا، وهو أمر لن نقبله على الإطلاق؛ لوجود شرعية للحاكم متمثلة في الرئيس المنتخب محمد مرسي.
> لكن أثناء الثورة طالب الشعب الجيش بالنزول؟
- الأمر مختلف تمامًا، فقد طالبت الجيش بالتصدي لنظام مبارك الفاسد والمستبد، والذي أغلق الطرق ومنع المعارضة من القيام بدورها الطبيعى؛ لأنه - الجيش - كان الوحيد حينها الذي يملك أدوات التصدي، ولكن بعد أن تمت انتخابات حرة ونزيهة ونجح الرئيس مرسي بأغلبية طفيفة، وهذه هي الديمقراطية، فلا بد لكافة المؤسسات أن تساند النظام الشرعي، ولو فعلنا غير ذلك لن يبقى لمصر رئيس منتخب على الإطلاق، وسوف تدخل البلاد في فوضى عارمة، والتغيير يجب أن يكون عبر الآليات الشرعية وليس سواها.
> لماذا هذا الاعتقاد خاصة بعد أن أظهر الإخوان نواياهم السيئة ضد المعارضين؟
- لأن قوى المعارضة المتمثلة في جبهة الإنقاذ صارت الآن ضعيفة الشعبية، والصراع الذي أداروه أخفقوا فيه بشكل أعطى انطباعًا بأنهم يصارعون على السلطة فقط دون الاهتمام بمصلحة الوطن والشعب، ما أدى لفشلهم في جذب الشارع إليهم.
> هل هذا يعني أنك راضٍ عن حكم الإخوان؟
- الإخوان أخفقوا في سنة أولى حكم في تحقيق مطالب الشعب، لكن سيحدث تحسن في السنة التالية وتخف حدة الاحتقان السياسي. 
> كيف ترى تردد وارتباك مؤسسة الرئاسة في كثير من الأمور؟
- التردد في اتخاذ القرارات أحد عيوب مؤسسة الرئاسة، والسبب عدم أخذ رأي المستشارين، كما أن الرئيس لم يتشاور قبل اتخاذ قراراته مع نائبه السابق المستشار محمود مكي.. هذه الأمور جعلت المشهد داخل مؤسسة الرئاسة مرتبكًا، ما عرّض قراراتها للانتقاد، خاصة ونحن ما زلنا نعيش في حالة ثورية والشعب له مطالب عديدة لم تتحقق، فجاءت الأولويات غير متوافقة مع المطالب.. وأرى أنه درس مستفاد في سنة أولى حكم، وأن الدكتور مرسي يلزمه الوفاء بالوعود، ومراعاة الحالة الجماهيرية بتحقيق المطالب الفورية السريعة.
> كم عدد مستشاري الرئيس من حزب البناء والتنمية؟
- فقط الدكتور أحمد عمران، ويتولى منصب مستشار الرئيس للتنمية المجتمعية، والحزب يتقدم من خلاله بمقترحات للرئيس.
> هل يأخذ الرئيس بالنصائح؟
- قد يأخذ أو لا.
> هناك تخوف من الإسلاميين بعد تصريحاتك ضد من يحاول دخول «الاتحادية».. وأيضًا تهديدات عاصم عبد الماجد لمعارضي مرسي.. فما قولك؟
- لقد صرحت أن دخول «الاتحادية» لن يكون إلا عن طريق صندوق الانتخاب، وأن من يتسلق أسوار القصر لإسقاط الرئيس سوف نقيده ونضعه أمام النائب العام، ولم أقل إنني سوف ألقي القبض عليه، هناك فارق في المعنى، فنحن نحمي الشرعية والبلاد من الفوضى، ولسنا محرضين على الفوضى.. وفيما يخص تصريحات المهندس عبد الماجد رفضناها داخل البناء والتنمية كحزب؛ لأنها تهدد أمن وسلامة المواطن، وأصدرنا تصويبًا لها بعيدًا عن الرد الانفعالي لأي شخص يمثل الجماعة الإسلامية، وأكدنا من خلال الموقف الرسمي للجماعة أننا مع الشرعية وفق الضوابط القانونية والدستورية.
> هل عرض عليكم مشروع تنمية «إقليم» قناة السويس.. وكيف تراه؟
- لا نعرف المصدر الحقيقي لهذا المشروع، وأرفض فكرة الإقليم؛ لأنها بذرة الانفصال، خاصة وأن هناك أطماعًا في سيناء من جانب إسرائيل، وهي فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهناك أيضًا أطماع في قناة السويس، وهناك رؤى لمدن القناة التي تشعر بالتهميش، وتريد أن تصبح مدنًا حرة بأن يكون دخلها وإدارتها بعيدًا عن الدولة الأم، وهو أمر غير مقبول؛ لأنها بداية لتقسيم مصر.
> ما حقيقة اقتحام «حماس» للسجون المصرية.. وأنت أحد هؤلاء الذين نجحوا في الخروج من السجن أثناء جمعة الغضب؟
- كنت في سجن دمنهور في ذلك الوقت، وكان هناك توجه عام من وزارة الداخلية بإخلاء السجون، وهو ما سمعته من أحد الضباط في تلك الأثناء، وكان مبرر الوزارة لهذا هو إجهاض دور الجيش الذي صدرت له الأوامر بالنزول بعد هروب الشرطة.
> حماس تهدد أمن مصر القومي بالاستيلاء على السلع المهربة والوقود المدعم بعد دخولها عن طريق الأنفاق، فما رأيك؟
- أقول بمنتهى الصراحة إنه إذا ما توافر الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني في غزة فلن تكون هناك أنفاق أو مشكلة، وإذا كانت هناك ضرورة لاستمرار الأنفاق فلا بد أن يكون عن طريق الحكومة المصرية.
> لماذا حدث التوافق بين الجماعة الإسلامية والإخوان رغم الاختلاف التاريخي بينهما والعداوة منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي؟
- السبب في هذا المصلحة الوطنية، والذي بدأ بدعمنا للدكتور مرسي في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية، وقد اعتبر البعض هذا التأييد سببًا مباشرًا لنجاحه، وعابوا علينا بعد اختياره؛ لأنه لم يحقق طموحاتهم.
> ما أهم الخلافات التي ظهرت بين الجماعة الإسلامية والإخوان بعد انتخاب مرسي؟
- كانت لنا رؤية مختلفة لمليونية الاتحادية التي دعا إليها الإخوان، والتي كان بها فريق آخر من الثوار في نفس التوقيت، وطالبنا أن تكون مليونية التأييد عند تمثال النهضة، وليس أمام الاتحادية، وأمام إصرار الإخوان علي موقفهم رفضنا الخروج معهم؛ لأننا توقعنا الصدام، وحدث ما حذرنا منه، فنحن أصحاب فكرة الاحتشاد في ميدان النهضة.
> هل حققت المليونية التي حملت شعار الشرعية والشريعة ما ذهبتم إليه؟
- أردنا أن نعلن أن هناك فريقًا في مصر يريد الشريعة، وأن تكون كلمة الله هي العليا وفوق الجميع؛ لأن الأمم لا تأخذ حقوقها بالكامل إلا إذا طبقت عليها شريعتها، وكانت هذه المليونية بمثابة استعادة توازن الشارع الذي بدأ يتجه نحو إسقاط النظام، وأرى أن الشريعة التي طالبنا بها لن تتحقق بين يوم وليلة، ولكن علينا أولا تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات ومعالجة مشكلات المواطنين قبل تطبيقها.
> لماذا هذا الهجوم على الأزهر الشريف من الجماعة الإسلامية والإخوان؟
- لدينا تحفظات عديدة على الأزهر وقادته لا أريد الخوض فيها، ولكن نريد أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب بين علمائه.
> بصراحة.. ألا تخشون أن يقوم الإخوان بالتخلص منكم فيما بعد كما فعلوا مع أحمد ماهر رجلهم في حركة «6 إبريل»؟
- أرى أنه لو تم رصد هذا كظاهرة يكون من الخطأ السكوت عليه، وعلى الإنسان الذي ينكر دور مَن وقف بجانبه أن يراجع نفسه.
> ما هو تقييمك لرؤساء مصر السابقين؟
- الرئيس محمد نجيب أعتبره الأفضل على الإطلاق وصاحب رؤية سياسية متميزة؛ لأنه طالب بعودة العسكر إلى ثكناتهم وإتاحة الفرصة للحكم المدني، ثم حينما قرر عقد مؤتمره الأول لشرح رؤيته وجد أن تكلفة هذا المؤتمر تبلغ ألف جنيه، فأصدر قرارًا بإلغائه فورًا مطالبًا بترشيد الإنفاق لصالح الدولة.. ولقد لاحظت أن لكل رئيس منهم إيجابيات وسلبيات استفدت منها بلا شك، ولكن سلبيات مبارك هي الأفدح؛ لأنه جمع بين الاستبداد وإفقار الشعب للإبقاء على سيطرته عليه، وكان يوحي بهذه الفكرة لرؤساء المغرب العربي حينما كانوا يعتزمون زيادة الموارد المالية لإراحة شعوبهم، محذرًا من ذلك حتى لا يتفرغ الشعب بعد ذلك لمناقشة الحاكم في سياساته.
> لم تتحدث عن الزعيم عبد الناصر... والرئيس الراحل السادات؟
- عبد الناصر كان الأكثر وطنية بين حكام مصر السابقين، والأفضل في مخاطبته للجماهير مع مراعاته للفقراء، رغم التحفظ على صدامه بالإسلاميين.. والسادات أوهم الناس بأنه يسير على حكم عبد الناصر، ثم سار في الطريق المخالف له، وعندما حقق انتصار أكتوبر ظهر عليه الاستبداد في الحكم، وخرج عن التجمع العربي بعقده اتفاقية كامب ديفيد، منسحبًا من رفقاء السلاح قبل حل المشكلة، ثم هدم الخطوات الأولى لبناء الديمقراطية بحل المنابر والاعتقالات في سبتمبر قبل مقتله بشهر واحد.

الجريدة الرسمية