رئيس التحرير
عصام كامل

ويسألونك عن الفيوم.. والتطرف!


في عام 1962 وضمن خطة "جمال عبد الناصر" للتصنيع في مصر، وبالتوازي مع انطلاق مصانع الغزل في الوجه البحري والدلتا مثل طنطا للغزل والكتان وغزل دمياط وغزل شبين، كانت الخطة تتجه جنوبا أيضا من خلال عدد من الشركات العملاقة، منها مصر العليا للغزل والنسيج (الوجه القبلي)، وكانت تضم محافظات سوهاج وقنا وأسوان، وكذلك شركة عملاقة أخرى سميت "مصر الوسطى للغزل والنسيج" كان مقرها المنيا وضمت الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط..


عند الفيوم نتوقف عند مصنعها للغزل والنسيج، حيث كان أحد المصانع الكبيرة التي عمل بها ما يقرب من سبعة آلاف عامل.. وعندما نعرف أن عدد سكان مصر عام 1960 كان 26 مليونا يمكن أن نقترب من عدد سكان الفيوم وقتها وهو ربع تعدادها حاليا حيث تقترب اليوم من أربعة ملايين مواطن!

كان الصيد في بحيرة قارون أحد مصادر العمل والدخل لآلاف الأسر الفيومية، التي بلغ عدد صياديها 6 آلاف صيادا يعولون 6 آلاف أسرة..

كانت تربية الدواجن أحد مصادر الدخل للأسرة الفيومية وكان للدواجن الفيومية شهرة خاصة بنيت، على صناعة متكاملة هناك مع عدد آخر من الطيور حولت الفيوم وقتها -وقتها- إلى محافظة منتجة تقدم الخير لمصر كلها..

منذ سنوات طويلة دخل مصنع غزل الفيوم إلى خطة الخصخصة، وراح في سلسلة طويلة من الإجراءات ليس وقتها، انتهى إلى تدهوره واعتماده على عدة مئات من العمال فقط.. أما البحيرة فقد استولى على أغلبها المتنفذون الكبار ممن كان لهم صلة بدرجة أو بأخرى بالحزب الوطني الحاكم المتحكم سابقا، وربما كانت أشهر قضايا البحيرة الخاصة بوزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي والتي محل تحقيق في جهاز الكسب غير المشروع.. فضلا عن زيادة ملوحة البحيرة بفعل الإهمال والتساهل مع الصرف الصحي بها!

أما مزارع الخير -في الأرض الطيبة لشعب طيب- فقد تراجعت.. وتحولت الفيوم من أقل من مليون مواطن في 6 مراكز مع مصانع ومزارع وصيد إلى ما يقرب من 4 ملايين بدونها.. مما تسبب في عمل كثيرين من أبناء الفيوم بالقاهرة في أعمال غير منتجة!

ماذا كنا ننتظر من شباب لا يجد تعليما مناسبا وإذا وجده يتخرج فلا يجد وظيفة، وإذا وجدها خطفها منه أهل النفوذ والقادرين على شراء الوظائف لابنائهم ومعها كل مقاعد التمثيل النيابي والمحلى؟! وماذا ننتظر منه وقد تركت السلطات السابقة الإخوان يستولون على آذان وعقول هؤلاء يعبئونها بالتطرف والشر وكراهية المجتمع كله ويحولونهم إلى إرهابيين؟! خصوصا في ظل تراجع دور الثقافة والفنون وكل وسائل تهذيب الأنفس!

صحيح اليوم بدأ أول محلج مطور لاسترداد صناعة النسيج بالفيوم وفتحت الرقابة الإدارية ملف فساد البحيرة وملف فساد وادي الريان والاستيلاء على أراضيه، فضلا عن مصانع شركة النصر وغيرها.. لكن كانت أجيال كاملة تطرفت..

أمامنا وقت لإصلاح ما فسد.. والتطرف لا يواجه بالأمن فقط الذي يتحمل وحده فقط عبء الأخطاء السابقة وحده.. وإنما بالتنمية أيضا التي تفتح أبواب التعليم والعلم والعدل.. والعمل.. للجميع.. فيحب الجميع وطنهم ومن يعيشون عليه!
ملحوظة: ما جرى بالفيوم.. جرى في أماكن أخرى عديدة!
الجريدة الرسمية