دربتها نجمة إبراهيم.. «نعيمة وصفي» فنانة شاملة وسياسية حاربت «الدلالات»
صاحبة حضور مميز وبصمة تظل باقية في كل عمل شاركت فيه، رغم أنها لم تكن يومًا النجمة الأولى للعمل سواء كان، سينمائيا، مسرحيا، تليفزيونيا، أو حتى إذاعيا، وخاطئ من يعتقد أن بصمة الدور بالمساحة، ولكنها بحضور النجم، هذا ما ينطبق على أداء الفنانة الراحلة «نعيمة وصفي»، تلك المرأة التي استطاعت تغيير مجريات عمل فني رائع مثل «رصيف نمرة 5» أمام عملاق الفن وقتها، فريد شوقي، زكي رستم، ومحمود المليجي، حيث لعبت الراحلة نعيمة وصفي دور السيدة الخرساء، التي استطاعت التعرف على قاتل زوجة الشاويش خميس (فريد شوقي)، لتنقلب أحداث الفيلم رأسًا على عقب.
رغم ملاحمها الصارمة وتعبيرات وجهها الجامدة إلا أن أدوارها الكوميدية ذات علامة فارقة سواء على خشبة المسرح، أو حتى في الأفلام السينمائية مثل «حبيبي دائمًا، بين ايديك، وبين السماء والأرض»، كما لعبت الأدوار شديدة الجدية والقاتلة أحيانًا، كما في أفلام «ريا وسكينة، وا إسلاماه، تفاحة آدم، رحلة العمر، والمتوحشة».
لم يقتصر النبوغ الفني للفنانة الراحلة نعيمة وصفي عند التمثيل فحسب، ولكن كانت لها موهبة فنية أخرى، في عالم الشعر والقصص، لتحقق المعادلة الصعبة بين الكتابة والفن، ونجحت في كتابة قصائد عاطفية شديدة العذوبة، وتؤكد تمكنها ونبوغها الشعري والأدبي، ومن التمثيل والشعر إلى الكتابة الدرامية حيث كتبت للتليفزيون «أين مكاني، أم لأولادي»، وشاركت أيضًا في إعداد ما يقارب من 50 حلقة من برنامج «رسالة» التليفزيوني، وكذلك «مسافر بلا متاع» وقدمت للمسرح «الشوارع الخلفية» لعبد الرحمن الشرقاوي، وكتبت لتليفزيون دبي «طيور جارحة»، وحصلت على جائزة «الشباب» من وزارة المعارف عن قصتها القصيرة «القاتل» 1948.
البداية الفنية للراحلة نعيمة وصفي، كانت في منتصف الأربعينيات، بعدما تعرفت على الفنانة الراحلة نجمة إبراهيم من خلال ترددها على المسارح، والتي شعرت فيها بالموهبة الفنية فشجعتها على التمثيل، لتقرر بعدها نعيمة وصفي دعم موهبتها الفنية بالالتحاق بمعهد التمثيل الذي أنشأه زكى طليمات في منتصف الأربعينيات، وقبلت في المعهد بعد تلقى الاختبارات على يد الراحلة، نجمة إبراهيم، ما بين «مجنون ليلى، وكليوباترا» وحصلت على الدبلوم عام 1947.
والبداية السينمائية كانت من خلال مشاركتها في فيلم «زمن العجايب» عام 1952، لتحقق فيه نجاحًا كبيرًا، وتشارك بعدها في عشرات الأعمال منها «رصيف نمرة 5، حسن ونعيمة، بين السماء والأرض، تفاحة آدم، رحلة العمر، المتوحشة، ريا وسكينة، وإجازة غرام».
الفنانة الراحلة نعيمة وصفي، من مواليد ديروط 10 فبراير 1923، تخرجت في معهد التمثيل عام 1947 بصحبة مجموعة أصبحوا جميعًا عمالقة المسرح والسينما والتليفزيون منهم «كمال حسين، عمر الحريري، حمدي غيث، نبيل الألفي، وصلاح منصور»، وساهمت في الفن بـ32 عملا سينمائيًا، وعشرات الأعمال المسرحية والتليفزيونية والاذاعية، قدمت خلالها عشرات الادوار بالفئات العمرية المختلفة من الابنة والام والجدة، وتوفيت في 7 أغسطس 1983، توفيت عن عمر يناهز الستين.
وتزوجت من الصحفي عبد الحميد سرايا رائد الصحافة المصرية، وهو أول من أسس القسم الخارجي بجريدة الأهرام، وأنجبت منه 3 أبناء هم على الترتيب، خالد، دكتور مقيم في لندن، ومنى، مهندسة ديكور مقيمة بالولايات المتحدة، وأخيرًا محمد، الذي يعمل مخرجًا للأفلام الوثائقية.
«رب ضارة نافعة».. محاولة قتل تغير حياة «نعيمة الصغير» من مطربة رومانسية لـ«الكاتعة»
ولم يقتصر نشاط الراحلة نعيمة وصفي على العمل الفني فحسب، ولكنها شغلت منصب أمينة المرأة في الاتحاد الاشتراكي بالقاهرة، حيث كانت صاحبة فكرة نزول المرأة إلى المجمعات الاستهلاكية للحد من ظاهرة «الدلالات والقماطين» ومحتكري السلع ممن يحجبون سلع المجمعات الاستهلاكية عن الجمهور لبيعها بأضعاف الأسعار.