رئيس التحرير
عصام كامل

الثقة في مصير التبرعات !


من المؤكد أن ما تم الإعلان عن جمعه من تبرعات تجاوز الخسائر التي وقعت بمبني معهد المنيل.. ولكن ورغم ذلك تستمر التبرعات وتستمر الدعوة لها بالحماس نفسه الذي بدأت به!


فماذا يعني ذلك؟

يعني أشياء عديدة حدثت في وقت واحد.. أولها وهذا يحدث لأول مرة منذ فترة طويلة وهو الثقة في مصير التبرعات.. كان الناس يتداولون سرا في عهود سابقة أنباء ذهاب التبرعات إلى غير السبب الذي جمعت من أجله.. وبعض المتداول كان يقول أن بعضها يذهب إلى جيوب وحسابات البعض!

الآن المصريون فقراء واغنياء يتبرعون برضاء غير مسبوق والثقة كاملة في مصير تبرعاتهم!

الظاهرة الثانية هي الوعي بأن التبرعات هذه المرة ليست فقط من أجل اعادة بناء أو ترميم مبني تأثر بتفجير إرهابي.. وإنما باعتبار التبرع جزء من الرد على اجرام جماعة مجرمة.. الرد المناسب عليها إبطال مفعول ما أرادته.. جزء من التبرع سببه ازالة أهداف العدوان وليس فقط إزالة آثاره!

الظاهرة الثالثة هي مرصد التبرعات الذي ابتدعه شعبنا.. هذا تبرع وذاك يصنع أذنا من طين والأخرى من عجين.. "محمد صلاح" تبرع وأين باقي لاعبي الكرة؟.. "علي الحجار" تبرع وأين باقي نجوم الفن و"نمبر وان" و"نمبر مش عارف كام" إلى آخره.. رئيس وعمداء ورؤساء الأقسام بجامعة القاهرة تبرعوا بمرتب شهر.. فأين الوزراء والمحافظون وباقي الجامعات؟!

وهكذا أشعل المصريون بعبقرية شديدة التنافس في الخير، وبدأت قطاعات واسعة منهم تمسك بهاتفها المحمول وكأنها تطلق رصاصها على الإخوان وتتبرع للمعهد.. وهنا ينبغي القول إن املنا أن تنتهي التبرعات بنتيجة كبيرة.. كإتمام ما عجزنا عن إتمامه السنوات الماضية.. أو إضافة مهمة للمعهد.. لنردد فيما بعد المثل "رب ضارة نافعة". 

وهكذا نحول كل ألم إلى أمل.. وكل جريمة إلى طاقة نور للمحتاجين!

أخيرا.. كل الأمنيات البحث عن تعويض مناسب لأسر الضحايا.. صحيح ولا شيء سيعوضهم ما فقدوه من أغلى الناس لديهم.. لكن أيضا التعويضات التي صرفت تشكل أقصى ما في اللوائح.. ولكنها ضعيفة مقارنة بما جري من زيادة في ثمن كل شيء.. حتى إن أقصى مبلغ تم صرفه لا يكفي لشراء سيارة واحدة مثلا مما احترق من سيارات الضحايا! وهو الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر من القائمين على أمر التبرعات وقد أخرجها أصحابها لإزالة الآلام وشفاء الجراح وتخفيف الأوجاع!
الجريدة الرسمية