نجلها مصاب بـ "سرطان المخ".. "فيتو" في منزل صاحبة أشهر صورة في حادث المعهد القومي للأورام
بينما كانت ألسنة اللهب تتطاير في الهواء، كانت السيدة أم عبدالرحمن تحتضن صغيرها المصاب بالسرطان أمام معهد الأورام، خوفا من أن تأكل النيران جسده، الذي أنهكه المرض الخبيث، ومن بين كل المشاهد الصعبة في الحادث الإرهابي المأساوى الذي راح ضحيته أكثرمن 20 قتيلا و30 مصابا استحوذت صورة الأم المكلومة ووليدها على الاهتمام والتعاطف الأكبر.
"فيتو" زارت الست أم عبدالرحمن في منزلها بعزبة النخل شمال القاهرة، وتعرفت على قصتها مع نجلها، وكواليس ما جرى ليلة الأحد الدامي.
داخل شقة مكونة من غرفة واحدة وصالة بالدور الثالث في أحد البنايات المتهالكة بحي عزبة النخل، أحد أكثر الأحياء صخبا وفقرا، جلست أم محمد محتضنة نجلها الأصغر "عبدالرحمن"، المصاب بسرطان المخ منذ ما يقرب من 5 شهور.
داخل الشقة التي خلت من أي أثاث سوى كرسيين متهالكين، في صحن البيت، التقتنا السيد الثلاثينية بصحبة نجلها، مندهشة هل سأظهر على صفحات الجرائد!
يوم الأحد الماضي أنهى عبد الرحمن الطفل صاحب الثلاث سنوات، جلسته الكيماوية الثانية في غضون 15 يوما، كان يوما طويلا لم يهدأ بال الأم سوى بنوم طفلها بين ذراعيها على أحد أسرة معهد الأورام، أسفل نافذة تطل على الشارع الرئيسي، وعندما دقت الساعة الحادية عشر والنصف، سمعت الأم صوت انفجار ضخم هز أرجاء الغرفة، وتطاير زجاج النافذة، وحدوث جروح في رأس وقدم الطفل عبد الرحمن، صرخت بكل قوة وأصيبت بحالة من الفزع لم تستطع السيطرة على نفسها سوى بصراخ طويل.
خلال دقائق معدودات وجدت أم محمد نفسها ونجلها في الشارع، ومازال صوت الانفجار في أذنها، تقول عن تلك اللحظة: "شعرت بخوف شديد، لم أستطع أن أتمالك نفسي، احتضنت نجلي وهربت مع المرضى والممرضين، خرجنا إلى الشارع خوفا من أن يقع المعهد فوق رؤوسنا، ولم أفكر سوى في ابني، الذي وقعت إصابات له في الرأس والقدم، وكنت أود عرضه على طبيب لمعالجته".
قبل أن تأتي أم محمد إلى المعهد منذ ما يقرب من 20 يوما استودعت أبناءها "محمد وياسمين" مع والدهم: "تركت أولادي لوالدهم وذهبت أنا وعبدالرحمن لتلقي جرعة الكيماوي، لم أدرٍ كيف أتصرف، وعندما هدأت الأمور أخذوا مني عبد الرحمن، وأخبروني أنه يجب أن يوضع تحت الملاحظة للتأكد من حالته الصحية".
الهدوء الآن يكسو المكان، حالة الفزع التي انتابت الجميع ذهبت، وبدأ الأطباء في توزيعهم على المستشفيات، تتذكر أم محمد بداية مرض نجلها قائلة: "ظهر ما يشبه الخراج في رأسه، ذهبت به إلى أحد الأطباء أخبرني أن الأمر بسيط، ووصف له دواء لكن لم يسترح قلبي، وذهبت به إلى طبيب جراح آخر، عمد إلى فتح الخراج لكن النزيف لم يتوقف، فما كان من الطبيب سوى وضع شاش داخل الخراج لوقف النزيف، وبقي على هذه الحال ما يقرب من ثلاثة أيام".
خطأ طبي كان بداية كل شيء حدث منذ خمس شهور: "تعفن الشاش الموجود داخل الخراج، وتطلب تدخلا جراحيا لإزالته، ليتم وقتها اكتشاف مرضه بسرطان المخ"، تنظر الأم إلى طفلها وتبتسم له وتربت على ظهره: "أنا عارفة انه هيخف ويبقى أحسن ويرجع شقي، ويلعب مع العيال في الشارع زي زمان".