الإخوان «منظومة متهالكة».. أفكار الجماعة التنظيمية لم تعد صالحة لعالم اليوم.. تركز على عبادة الفرد وتصنع أتباعا لا قادة.. تمنح المرشد السلطة مدى الحياة.. وباحث: أفكار حسن البنا لم تعد تساوي
لم يعد صالحا للعمل، آخر ما انتهى إليه إخوان الشتات، عن شكل التنظيم الذي وضعه حسن البنا، منذ عشرينيات القرن الماضي، وجعل مشروع التمكين السياسي للإخوان في يد حفنة أشخاص مدى الحياة، ما أنهى عليه بعد 80 عاما من تدشينه، ولا يغير هذه الحقيقة الواضحة، بقاء البعض في غيبوبة التنظيم، لا يستطيع إنقاذ نفسه فوضى الأفكار المغلوطة، التي عاش أسيرًا لها طوال حياته.
شمولية التنظيم
أسوأ نقطة ضعف في الجماعة، أكتشفها الإخوان حاليا، جمعها بين أطياف عدة من أجل الهيمنة والسيطرة على الحكم، فهي دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، ومجتمع الاقتصادي وفكرة اجتماعية".
قيادي إخواني: منظومة الجماعة الفكرية ترهلت ولا تصلح لعالم اليوم
هذا التعريف الواسع الفضفاض لهوية الإخوان، لم يمكن التنظيم في المجتمع، بل فتح بابا آخر للخلافات العقائدية داخل الجماعة، صحيح أنها أظهرت قدرة على سد هذه الثغرات والتناقضات الداخلية لمدة 90 عامًا، بسبب نجاح قيادات الصف الأول في عمل توازنات داخلية مع السلطة، ولكن بقيت الأفكار المتصارعة تتفاعل عبر الزمن، سواء كان ذلك حول الفقه والمذهب، أو الانتماء الفكري إلى قيم سياسية مثل الديمقراطية، أو حتى اجتماعية مثل العلاقة مع المجتمع والقوى المختلفة فيه.
التناقض والصراع صنع تاريخ المحن في الإخوان، التي لم تتعلم منها، بداية من محاكمة 1948، واغتيال البنا عام 1949، ومحاكمات 1954 و1965، والمواجهة مع السادات بعدما أفرج عنهم، والمواجهة الطويلة مع نظام مبارك نهاية بالإطاحة بمرسي وفقدان السيطرة على أعضائها، مما أدى إلى ظهور العديد من صراعاتها الأساسية.
ظهرت هذه الصراعات بقوة بداية من أغسطس 2013، وانهيار اعتصامات رابعة العدوية والنهضة، والقبض على الأغلبية الساحقة من قادة الصف الأول والثاني والثالث، ومعها بدأ يستشعر إخوان الصف من القيادات الصغيرة، ضعف الفكر الإخوانية، وكان ذلك واضحا من سيطرة التيارات السلفية والجهادية على خطاب المنصة الرئيسية للاعتصام في رابعة، فتفجرت فجوة كبيرة بين الأعضاء، وبدأت المراجعات تتوالى عن السبب الحقيقي في إخفاق الجماعة بإدارة البلاد، وتحمل المسئولية.
شعر شباب الإخوان بالخديعة، ومنهم من غادر، والبعض الآخر شن حربا شرسة بلا هوادة، وانقسم التنظيم حتى أصبح يواجه لأول مرة في تاريخه شبح التحلل الذاتي، في ظل صعود التيارات والأصوات التي تنادي بحل التنظيم الدولي، والتراجع عن شمولية الفكرة، وهى أطر كافية لضرب فكرة الإخوان ونسفها للأبد.
لم تعد صالحة
المنهج الإخواني القديم، لم يعد صالحًا، هكذا يرى محمد مختار الشنقيطي، القيادي الإخواني السابق، وأستاذ الأخلاق بجامعة قطر، الذي يصر في كل مشاركاته في الإعلام الإخواني مستندا على قوة التمويل القطري، على ضرورة تغيير المنظومة الفكرية للجماعة، التي تقف عن حدود عشرينيات القرن الماضي.
أفكار حسن البنا لا تساوي شيئًا اليوم، يقول الشنقيطي، بعدما يقارنها بالعلوم السياسية والتنظيمية بمعيار اليوم، فالتنظيم الذي يرى أهم أولوياته صناعة القائد لا المؤسسة، يصنع الأتباع لا القادة.
وينتقد الشنقيطي، استمرار المرشد طوال حياته في الجلوس على كرسي الإرشاد، وهو نظام غير مؤسسي، لم يتغير حتى الآن، ومنه استمدت كل الحركات الإسلامية مناهجها، حتى أصبحت متخلفة في كل قضايا المؤسسية، ووضعتها على أول طريق الزوال.