حادث قطار فرانكفورت.. تحذير من التكرار وجدل حول أمن المحطات
أثارت حادثة فرانكفورت التي قتل فيها طفل بعد دفعه من على رصيف القطار جدلًا واسعًا في ألمانيا حول أمن محطات القطار، وسط تحذيرات من تكرار هذه الحوادث. ولكن ماذا نعرف حتى الآن عن الحادث الذي هز المشاعر في كل أنحاء ألمانيا؟ دقيقة صمت مطبق أمام محطة القطارات في مدينة فرانكفورت الألمانية على غير العادة.
مئات الأشخاص متجمعون أمام المحطة بوجوه شاحبة تبدو عليها علامات الحزن، وبينهم عجائز ألمان يبدو عليهم وكأنهم يحاولون حبس دموعهم التي تلمع في أعينهم. امرأة إريترية تمسك بيد سيدة ألمانية بقوة معبرة عن تضامنها ومشاركتها في الحزن على الطفل الذي فقد حياته قبل يومين في هذه المحطة التي تعد إحدى أكثر المحطات التي تشهد حركة واسعة ومستمرة في ألمانيا.
ففي صباح يوم الإثنين (29 يوليو) وبينما كان طفل ألماني يبلغ الثامنة من العمر مع أمه على الرصيف رقم سبعة في محطة القطارات، اندفع نحوهم رجل إريتري، ودفع الأم وطفلها وسيدة عجوز أخرى نحو سكة القطار. الأم نجت مصدومة، بعد أن رمت نفسها إلى المسافة التي تفصل السكك، إلا أنها فقدت فلذة كبدها. العجوز الأخرى لم تسقط من على الرصيف، لكنها جرحت من كتفها، كما كشف موقع شبيجل أونلاين.
بعد هذه الحادثة التي هزت ألمانيا، ما زال الناس يبدون استنكارهم للجريمة وتضامنهم مع عائلة الطفل، بوضع أكاليل الزهور في مكان الحادثة، والدعاء للطفل ولعائلته، كما في فعالية الاستذكار التي دعت إليها كل من "مهمة المحطة" الخيرية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في فرانكفورت و"جمعية الأمل" الإنجيلية، وشاركت فيها ممثلون من الجالية الإريترية.
من هو الرجل وما هي دوافعه؟
مازالت التحقيقات حول الجريمة مستمرة، حيث يخضع الرجل الإريتري المشتبه به للتحقيق من قبل قاضي التحقيقات، كما أفاد الادعاء العام في فرانكفورت. ورغم أنه لم يتم توضيح دوافع القتل حتى الآن، إلا أن التحقيقات الأولية أظهرت أن الرجل لم يكن يعرف الضحايا.
وحسبما كشفت شرطة كانتون زيوريخ في سويسرا، فإن الفاعل إريتري يبلغ من العمر 40 عامًا ولديه إقامة دائمة في سويسرا ويسكن في إحدى البلدات القريبة من زيورخ، مضيفة أنه أب لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين عام وأربعة أعوام.
وقد أشار رئيس الشرطة الاتحادية ديتر رومان إلى أن الرجل قدم إلى سويسرا لاجئًا عام 2006 وحصل فيها على حق اللجوء عام 2008، ثم حصل على عمل ثابت. وأضاف رومان في تصريح نقله موقع تاجسشاو الألماني: "كان في نظر دوائر الأجانب واللجوء في سويسرا نموذجًا يحتذى به".
مريض نفسي
ونقل الموقع عن المحققين السويسريين أن الرجل كان حتى بداية العام الحالي على رأس عمله لدى شركة المواصلات في زيورخ، إلا أنه أخذ إجازة مرضية بعد ذلك لأنه كان يعاني من اضطرابات نفسية ويخضع للعلاج.
وأفاد رئيس الشرطة الإقليمي في زيورخ فيرنر شميد أن الرجل كان مطلوبًا للشرطة السويسرية بتهمة "العنف المنزلي" منذ يوم الخميس الماضي بعد أن قام بحجز عائلته وجارته في البناية، كما قام بتهديد جارته بالسكين. وأضاف شميد: "كلتا المرأتين أكدتا على أنهما لم يشهدا مثل هذا من الرجل من قبل".
تحذيرات من تكرار حوادث الدفع
وقد فتحت حادثة فرانكفورت باب المخاوف من تكرار مثل هذه الحوادث في محطات القطارات في ألمانيا، والتي وصل عددها في عام 2018 إلى 5663 محطة، بحسب موقع "ستاتيستا" للإحصائيات.
وحذر نائب رئيس نقابة الشرطة الاتحادية يورغ راديك من أن يقلد المجرمون هذه الأفعال. وقال راديك لشبكة التحرير في ألمانيا أن الحالات التي يقوم فيها بعض الناس بدفع آخرين أمام القطارات في مدن مثل برلين "معروفة منذ وقت طويل".
وأضاف راديك أن الشرطة تحاول بعد كل حادثة من هذا النوع أن تنتشر للوقاية بشكل أفضل، لكنه أشار إلى أنه "في الحالات التي تحصل عمدًا، تصل قدرة الشرطة إلى حدودها".
كيف يمكن جعل محطات القطار أكثر أمانًا؟
وقد أثارت الحادثة جدلًا واسعًا حول الأمان في محطات القطارات الألمانية. ويرى خبير المواصلات في الحزب الاشتراكي، مارتن بوركيرت، أن أرصفة القطارات في ألمانيا تفتقد إلى رقابة كافية من قبل الشرطة، داعيًا في حديث مع صحيفة "بيلد" إلى زيادة عدد رجال الشرطة في المحطات.
لكن نائب رئيس نقابة الشرطة الاتحادية يورغ راديك يرى أنه لا يمكن إيقاف مثل هذه الجرائم عن طريق زيادة عدد رجال الشرطة في المحطات. وعوضًا عن ذلك، طالب راديك بوضع "حواجز تقنية"، لا تسمح بالعبور إلى الأرصفة إلا عندما تقف القطارات.
لكن هذا الاقتراح، والذي يتم العمل به في محطات القطار الكبرى في دول أخرى، لا يلقى الترحيب من قبل بعض الأطراف.
ورغم أن شركة السكك الحديدية الألمانية قالت إنها تتفهم الاقتراح، إلا أنها أضافت لصحيفة "بيلد" أن ذلك سيكلّف مئات الملايين، ويؤدي إلى تشكيل طوابير طويلة بانتظار القطارات.
من جانبها حذرت خبيرة المواصلات فاليري فيلمز المسافرين في ألمانيا من الاقتراب الشديد من حافة رصيف القطار. وقالت لصحيفة بيلد: "عندما يلتزم الجميع بالقواعد، فإن هذه الإجراءات كافية لضمان استخدام آمن لأرصفة القطارات".
ويحاول اليمين الشعبوي في ألمانيا استغلال حادثة فرانكفورت من أجل الدعوة إلى إنهاء "ثقافة الترحيب" بالأجانب في البلاد. ففي فعالية استذكار الطفل أمام محطة القطارات في فرانكفورت، تجمع نحو 50 شخص من اليمين الشعبوي مرددين شعارات ضد استقبال الأجانب، ليردد عليهم آخرون: "أنتم فقط تستغلون الحادثة!".
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل