رئيس التحرير
عصام كامل

أبو الغيط: الأديان والنظم الأخلاقية والروحية مثلث حقوق الإنسان

أحمد أبو الغيط الأمين
أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الأديان والنظم الأخلاقية والروحية مثلث حقوق الإنسان.

وقال أبو الغيط: "مرت خمسون عاما على انعقاد أول مؤتمر عربي لحقوق الإنسان.. كان ذلك في بيروت في ديسمبر من سنة 1968.. ومنذ ذلك التاريخ، شهدت منظومة حقوق الإنسان العربية دفعة قوية على المستويين الوطني والإقليمي، حيث جرى استكمال أركانها وتعزيزها بما يلزم من اتفاقيات ومواثيق واستراتيجيات ومؤسسات وطنية ولجان متخصصة وشراكات إقليمية ودولية".


جاء ذلك خلال كلمته اليوم في المؤتمر الإقليمي العربي الثالث حول حماية وتعزيز حقوق الإنسان وأثر الاحتلال والنزاعات المسلحة على حقوق الإنسان لاسيما النساء والأطفال، والتي ألقتها نيابة عنه السفيرة هيفاء أبو غزالة.

وأكد أبو الغيط، أن استقرار خطاب حقوق الإنسان في وعي المواطن العربي خلال العقود الأخيرة فصرنا نلمس تجلياته واضحة فيما يدور من نقاش سياسي وإعلامي وثقافي في الدول العربية.

وقال:" من المهم أن نُشير إلى أن تراثنا العربي، الأخلاقي والروحي والديني، لم يكن في أي وقت بعيدًا عن مفهوم حقوق الإنسان أو معاديًا له بل نقول إن هذا التراث، بمعناه الواسع، هو أصل هذا المفهوم ومنبته الأول إذ مثلت الأديان والنظم الأخلاقية والروحية التي نشأت في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط أول إشراقة لمفهوم الكرامة البشرية والحقوق الأصيلة للإنسان، في ألا يُستعبد أو يُنتهك في جسده أو يؤذى في ضميره أو يُقيد في حريته".

وأضاف: "وواقع الأمر أن الظرف الحالي الذي تمر به منطقتنا يُمثل تحديًا هائلًا أمام خطاب حقوق الإنسان ذلك أن أول هذه الحقوق يتعلق بالحياة ذاتها حق الإنسان في أن يُحافظ على حياته، آمنا من الخوف والتهديد مطمئنًا إلى أن نفسه وعرضه وماله وكرامته مصونة ومحفوظة في إطار من القانون والأمن".

واستطرد: "لقد شهدت الفترة الماضية تصاعدًا غير مسبوق لحالات الاحتراب الأهلي والإرهاب الدموي، سواء داخل الدول أو العابر للحدود.. وقد صاحبت هذه الصراعات انتهاكات -غير مسبوقة في مداها وحدتها ووحشيتها - لأبسط حقوق الإنسان في العيش الآمن".

ونوه بأنه تحمل النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات الفئات المستضعفة، من نساء وأطفال، وقال:" وجدنا جماعات الإجرام والضلال تبيع النساء في سوق النخاسة وتُعرِّض طائفة كاملة –هي الطائفة الإزيدية- لما يُشبه الإبادة الجماعية وشاهدنا الأطفال يُشردون بين الملاجئ ومواطن النزوح.. يقضون زهرة أعمارهم تحت رحمة القصف الجوي والبراميل المتفجرة، من دون تعليم أو رعاية صحية أو تغذية طبيعية.. وهي أبسط حقوق الطفل في هذا الزمن.. ولا ننسى أن هناك اليوم ما يقرب من 3 مليون طفل سوري خارج التعليم، ويعيش مليون منهم لاجئين في دول الجوار".

وركز على أن هذه الأوضاع لابد وأن تنعكس على خطاب حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وأن تُسهم في إعادة ترتيب أولوياته وتوجيه اهتماماته الأساسية، وقال:" من الحق في الحياة تتفرع جميع الحقوق الأخرى، وتشريد البشر، وبخاصة النساء والأطفال، لجوءًا ونزوحًا، وتعريضهم لكافة صنوف الخطر والمعاناة والحرمان، هو انتهاكٌ لحقوقهم الأصيلة في العيش الآمن الكريم".

وشدد على أنه تتجاوز جرائم الاحتلال الإسرائيلي كل يوم مستويات جديدة في انتهاك حقوق الإنسان، بداية من حق الحياة وليس انتهاء بحق التعليم والسكن والوصول إلى الخدمات الأساسية.

وقال: "منذ أيام هُدمت مائة شقة سكنية في صور باهر بجوار جدار العزل العنصري غير القانوني جنوبي القدس جرافات الاحتلال باشرت عملها المخزي في وضح النهار وأمام كاميرات التليفزيون التوسع في هدم المنازل ترافقه سياسةٌ ثابتة في توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة.. الواقع أننا صرنا الآن أمام نظامين منفصلين لحياة السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأول للمستوطنين اليهود، والثاني للفلسطينيين أصحاب الأرض..إن لم يكن هذا هو الفصل العنصري، فماذا يكون نظام الفصل إذًا؟ إنها جريمة العصر، وتجد للأسف من يبرر لها، ويدافع عنها، ويقدم لها الغطاء السياسي".

وأكد أن الطفل الفلسطيني لا زال الضحية الأكبر لجريمة الاحتلال وقال :"يكفي أن نعرف أن نحو 20% من ضحايا وجرحى مسيرات العودة الباسلة هم من الأطفال ونسمع، مع هذا كله، من يريد أن يحرم نحو نصف مليون من الأطفال الفلسطينيين من اللاجئين من حقهم في التعليم الذي توفره لهم 700 من مدارس الأونروا، فيحاول النيل من هذه الوكالة الدولية التي تقوم بمهمة إنسانية نبيلة عبر التضييق عليها في التمويل، والافتئات على ولايتها القانونية المنشأة بموجب قرار دولي".

.أبو الغيط يتوجه إلى تونس للمشاركة في تشييع جثمان السبسي

وأشار إلى أنه تبقى كلمة حقوق الإنسان ثقافة ووعي تعليم وتنشئة قبل أن تكون قرارات تُفرض، أو قوانين تُسن هذه الثقافة هي البنية التحتية الضرورية التي يقوم عليها صرح القوانين والتشريعات والمواثيق الوطنية والإقليمية ولا شك أن اجتماعكم اليوم يُمثل خطوة جديدة نحو إثراء النقاش العام حول قضايا حقوق الإنسان في العالم العربي وما تنطوي عليه من تحديات خطيرة تواجهها الحكومات والشعوب على حد سواء.
الجريدة الرسمية